البورصة.. تنوع الأسهم يقلل المخاطر والأرباح مرتبطة بتراجع سعر الدولار
البورصة المصرية
ربما تغلب الصورة السلبية على أذهان صغار ومتوسطى المدخرين بشأن بورصة الأوراق المالية، إذا إن تقلباتها وتأثرها السريع والمباشر بالأحداث المحلية والإقليمية والعالمية قد تكون سبباً فى خسارة مليارات لا حصر لها، فتهوى بمستثمرين كانوا كباراً يوماً ما إلى خانة «معدومى المال». وربما كان الانطباع الأول لدى كثير من أصحاب المدخرات أو الباحثين عن ملاذ جيد لاستثمار أموال عن البورصة أنها «صالة مقامرة» لا أكثر ولا أقل، غير أن الصورة ليست على هذا النحو تماماً، ولا على هذا القدر من السوء والقتامة.
وما ينطبق على البورصة قد ينطبق بشكل أو آخر على العملات، وتحديداً الدولار، فيعتقد البعض أن الاحتفاظ بالدولار هو الحل الأفضل فى الظروف الحالية، لكن هذا الرأى يرى خبراء أنه ليس على الصواب دائماً.
يعتقد خبراء فى مجال الاستثمار، ومسئولو البورصة فى المقام الأول، أن سوق المال -وعلى عكس التصور السائد- وعاء ادخار أكثر ربحية وملاءمة من غيره من الوعاءات المعروفة، بما فيها شهادات البنوك الادخارية، ويرى كثير من هؤلاء أن هناك أسباباً عديدة تؤيد وجهة النظر تلك، منها أنها أكثر سيولة من أى وعاء آخر، فسهولة الدخول والخروج من السوق تتيح للمستثمر أن يتمكن من استثمار ماله فى سهم ما، ثم التخلص ببيعه بمجرد جنى أرباحه فى وقت أسرع، فضلاً عن وجود عوائد على الاستثمار قد تكون أعلى من البنوك، ممثل فى مكاسب رأس المال، وتوزيعات الأرباح.
محمد فريد: الاستثمار طويل الأجل فى سوق الأوراق المالية يمكّن المتعاملين من التحوط ضد ارتفاع الأسعار وتآكل القوى الشرائية.. ومحمد ماهر: أنصح بادخار المبالغ الأقل من 200 ألف بالبنوك
وتتيح سوق المال ميزة أخرى، تتمثل فى إمكانية تنويع الاستثمارات، بحيث يتمكن المستثمر من تأسيس محفظة استثمارية تضم مجموعة متنوعة من الأوراق المالية، بشكل قد يؤدى إلى تقليل عنصر المخاطرة، ويرى هؤلاء أن البورصة قد تصلح بشكل أكبر لعمليات الادخار طويلة الأجل.
ووفقاً لرئيس البورصة الحالى محمد فريد، فإن الادخار والاستثمار طويل الأجل فى أسواق المال يمكّن المتعاملين من التحوط ضد ارتفاع الأسعار وتآكل القوى الشرائية للدخول، ويؤكد فى تصريحات صحفية أن إحدى أكبر الفرص التى لا يراها كثيرون هى تراكم الادخار من خلال الاستثمار فى سوق الأسهم على المدى البعيد، ويؤكد أن المخاوف بشأن التذبذب وتغير اتجاهات السوق تعتبر «تفاصيل صغيرة» عندما ننظر لها على المدى الطويل، لافتاً إلى أن الاستثمار والادخار على مدى 20 و25 عاماً، هو الأنسب فى تلك الحالة، مضيفاً: «الناس يعتقدون أن 20 سنة فترة طويلة جداً، ولكن الأرقام تثبت بالفعل تحقيق عوائد مجزية».
وائل النحاس ينصح المستثمرين الصغار بتأسيس مشروعات متناهية الصغر باعتبارها الأكثر أماناً
ويرى وائل النحاس، خبير ببورصة الأوراق المالية، أن الاستثمار فى البورصة فى الوقت الحالى «أمر فى غاية الخطورة»، نظراً لأن البورصة المصرية تعانى فى الوقت الحالى من تراجع كبير، وعلى الرغم من ميل البعض إلى الاتجاه نحو البورصة، فإن «النحاس» ينصح المستثمرين الصغار بتأسيس مشروعات متناهية الصغر عبر شركات صغيرة، سواء مع الأصدقاء أو الأقارب أو مستثمرين آخرين، مؤكداً أن هذا هو الوعاء الأكثر أماناً فى ظل حالة الضبابية التى تخيم على بورصة الأوراق المالية المصرية حالياً.
ويعتبر «النحاس» أن الاستثمار فى الذهب من أفضل الأوعية الادخارية حالياً، خاصة مع ارتفاع سعره، وتوقعات أن يشهد ارتفاعاً فى السوق العالمية فى مواجهة الدولار، بعد دورة من الانخفاض، ويليه الدولار كوعاء ادخارى جيد، ثم تأتى الودائع البنكية بالجنيه ثم العقارات فى منزلة تالية، موضحاً أن الاحتفاظ بالجنيه فى المدى القصير يضمن مكاسب فى ظل الفوائد البنكية العالية، لكن الأمر يختلف على المدى المتوسط.
ويقول محمد ماهر، الخبير بأسواق المال، إن الاستثمار فى الأوعية الادخارية المختلفة مرتبط بشخصية المستثمر وقدراته المالية والتدفقات النقدية التى يتحصل عليها، مؤكداً أن المستثمر الصغير فى حدود أقل من 200 ألف جنيه على سبيل المثال، الأفضل له أن يتجه للادخار فى البنوك موزعاً أمواله على أكثر من وعاء ادخارى، مطالباً المستثمر الصغير بأن يعتمد على شهادات الادخار ذات العائد والفائدة الثابتة لأطول فترة ممكنة، وتوقع الخبير الماضى أن يُخفض البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة فى الفترة المقبلة.
وقدم «ماهر» النصيحة للمستثمرين بالادخار بالجينه المصرى، حيث يحقق الفائدة المرجوة منه فعلياً خلال الأشهر الأخيرة، مرجعاً ذلك إلى معدل الفائدة الحقيقى، بعد خصم معدل التضخم، مشيراً إلى أن معدلات الفائدة الحقيقية تتجه إلى تسجيل معدلات إيجابية، بعد أكثر من سنة ظلت فيها تحقق معدلات سلبية، وهو ما يعنى أن الادخار بالجنيه خلال تلك السنة لم يكن مربحاً بل كانت قيمة المدخرات الحقيقية تتناقص بفعل التضخم.
ولفت «ماهر» إلى أن الدولار تراجع مقابل الجنيه بنسبة تزيد على 6%، وهذه النسبة هى أقصى ما يمكن أن يكتسبه الدولار مجدداً فى حال عودته للارتفاع، بعد ارتفاع مبالغ فيه أعقب قرار «التعويم» بنسبة كبيرة جداً، وهو ما يعنى أن احتمالات ارتفاعه بعدها تظل محدودة وضيقة النطاق للغاية، مؤكداً أن أقصى احتمال بخفض سعر الفائدة على الجنيه قد يصل بها إلى 12%.
فى المقابل، ترى حنان رمسيس، خبيرة بسوق المال، أن الرهان على استثمارات تتعلق بأسعار العملة قد يكون معقداً أو «مغامرة غير محسوبة» موضحة لـ«الوطن» أن الأفضل أمام المستثمر، خاصة الصغير، تنويع مدخراته بين الذهب والأسهم الدولارية فى البورصة «التى تكتسب جاذبية خاصة مع تراجع سعر الدولار».
وحول الاستثمار فى قطاع العقارات قالت حنان رمسيس إن العقارات تبقى دائماً وعاءً ادخارياً جيداً فقط كمصدر للإيرادات الدورية عبر التأجير، بينما تحقيق الربح من إعادة بيع العقارات فى المدى القصير فهو خيار غير عملى وينطوى على مخاطر كبيرة فى الوقت الحالى، مشيرة إلى أن سوق العقارات كانت ملاذاً جيداً للمدخرات بعد تراجع سعر الجنيه فى نهاية 2016 وبعد قرار تحرير سعر صرف الجنيه «التعويم»، واستدركت «رمسيس» قائلة إنه يواجه متغيرات جديدة ترتبط بمصاعب إعادة البيع من الأفراد إلى الأفراد، فيما يسمى بالسوق الثانوية.