الليلة الكبيرة لمولد الحسين: الدعاء لمصر وللحاكم العادل ولو كان «قسيس»
رائحة البخور وصوانى اللحم تملأ الشارع، أصوات الذكر والإنشاد تتداخل مع نداءات الباعة والمريدين، حالة روحانية تتجلى فى صوت دعاء يزلزل النفس «يا رب أنت أعلم بحالى»، «مدد يا حسين من يفتح لنا باب النبى يا حسين وانت هنا»، هائمون يسيرون بلا هدف، البعض يمنّى نفسه بمغفرة، والآخر بقبول دعوة وثالث ينتظر طبق اللحم أو رغيف فول نابت «نفحة المولد».
فى انتظار الليلة الكبيرة جلست الحاجة «عزيمة» ترتب «القفة» التى حملتها وحدها هذه المرة مثلما حملتها طيلة 12 عاماً بعد وفاة رفيق الدرب الذى حمل عنها «القفة» 50 عاماً فى طريقهم لمولد الحسين «كنا بنيجى من المنيا هو شايلها طول الطريق عشان ما اتعبش لحد اما راح وجيت لوحدى أسلم على ابن بنت النبى وأقراله الفاتحة»، 7 أيام تقضيها الحاجة عزيمة إلى جوار الحسين لا تتحرك إلا بعد انتهاء «الجمعة اليتيمة»، مسبحة باليد اليمنى وأخرى معلقة فى رقبتها وخاتم فضى قديم يلتف حول إصبعها يلمع قلبه حين تمد يدها لتلتقط «باكو الشاى» من جراب قديم أعدته خصيصاً لحمل الشاى والسكر «قفتنا مليانة جبنة قديمة ومش وشاى وسكر وكله من خير ربنا»، رغم الشمس الساطعة تحرص الحاجة عزيمة على الالتحاف ببطانيتها «ما بخافشى من الإرهاب والقنابل اللى بيقولوا عليها لكن بخاف من شوية برد يكسروا لى عضمى وما أقدرش أتحرك».
«كتر الحب يمنع شروط الأدب» ترد بها الحاجة عزيمة على من يتهمهم بحرمانية المولد «إحنا بنيجى نفرح فى حضرة مولانا اللى عايز يشوفنا بنرتكب حرمانية هو حر واللى عايز ييجى يشاركنا هيلاقى كرسى من ذهب مستنيه».
رغم الذكر والإنشاد والحالة الربانية التى تسيطر على المشهد يرتفع علم مصر فوق أحد الأعمدة «بنحبها إزاى ننساها فى دعانا» يقول الحاج عادل ناجى «معقول هنيجى ندعى عند الحسين وما ندعيش لمصر يحفظ بحرها اللى قل ويضعف الحيتان اللى بانت»، عادل القادم للحسين رغم مرضه وضعف حيلته قرر من البداية أن يخصص دعاءه هذا العام لمصر «إحنا متعشمين فى اللى جاى أنه يعمل الخير مش مهم هو مين المهم يعدل حتى لو كان قسيس».
حزب الحرية والعدالة الذى اختار أن يختفى العام الماضى من مولد الحسين، ويغلق أبوابه فى وجه مريدى مقام الحسين لم يعد له وجود هذا العام، انتهى به الحال إلى مطعم يقصده المريدون «اللى بييجى على آل البيت ما يكسبش والرعب اللى شفناه السنة اللى فاتت مش هيتكرر تانى» يتحدث الحاج أحمد فؤاد عليوة عن الشائعات التى كانت تنطلق العام الماضى لتخويف المريدين «كل شوية كنا بنسمع عن الحكومة اللى هتيجى تمشينا أو السلفيين اللى هينصبوا عركة قصاد الجامع لكن للبيت رب يحميه وحماه بإذن الله».
«هنا المنوفية» من جديد تعود المنوفية «بلد العظماء والجوزة» هكذا يسميها الحاج محمد فهمى الذى أتى من «شبين الكوم» يحرص كل الحرص على القدوم إلى مولد الحسين غير مبالٍ بتكاليف أو مشقة «باجى وأنا سايبها على الله ما يهمنيش حاجة غير إنى أجيب الجوزة معايا.. المعسل فى مصر غالى وإحنا غلابة»، 3 رجال ينهمكون فى رص الجوزة وإعداد المعسل من أجل سهرة الليلة الكبيرة «إحنا من ميت أبوالكوم بلد السادات البطل وجيران بلد السيسى، المنوفية دى ياما طلّعت لمصر ولسة بلدنا ولاّدة».