حرب على الإرهاب في الجوار الأفغاني.. ماذا يجري بجنوب ووسط آسيا؟
الجيش الباكستاني - (صورة ارشيفية)
من هناك ظهرت القاعدة وتمركزت، ووجدت الملاذ الآمن في أفغانستان والدول المجاورة، لتنتشر في صورة تنظيمات "قاعدية" امتدت حتى المغرب العربي وأفريقيا.. من المحيط الهادئ إلى الأطلسي، وبعد أن خفت نجم "إرهابها" لسنوات تمركزت من جديد في "الهلال الخصيب" لتنشئ الفوضى أو تستغلها في سوريا والعراق تحت راية "داعش" التي تشتت شملها بعد نحو 5 سنوات من الحرب العالمية ضدها، لكن من يضمن ألا يعيد التاريخ القريب نفسه لتتجدد موجة صعود وهبوط التنظيمات الارهابية وحركة المد والجذر المتتالية بغض النظر عن مسمياتها.
ولعل عودة ظهور مجموعات إرهابية موالية لداعش وتجديدها لبيعة زعيم التنظيم الارهابي بعد ظهوره النادر في مقطع مصور في إبريل الماضي بعد أول ظهور له في 2014، يثير القلق من إمكانية تجدد النشاط الارهابي لتلك المجموعات، ولاسيما مع وجود أطراف دولية حريصة على عدم اتجاه الأزمات التي مثلت بيئة حاضنة لتلك التنظيمات، نحو التسوية، كما يفعل النظام التركي في الحالة الليبية.
وتنبهت الدول المهتمة بحالة الأمن والاستقرار في جنوب ووسط آسيا لهذا السيناريو، ففي مايو الماضي أعلن تنظيم داعش الارهابي عن فرع جديد له في باكستان في خطوة يقول محللون إنها تهدف إلى تعزيز تجنيد وجذب المتشددين المحليين، حيث سعى التنظيم منذ 2015 إلى إنشاء ما يُعرف "بولاية خرسان" للتممدد في أفغانستان وباكستان ومناطق مجاورة، ولكن تم إحباط مخططه بضربات قوية من القوات المسلحة الباكستانية.
وحذر آليكسندر بورتيكينوف المدير السابق للاستخبارات الروسية من خطورة تمركز مقاتلى تنظيم داعش، فى المناطق الحدودية بين أفغانستان وطاجيكيستان، خلال مؤتمر استضافته الأخيرة الشهر الماضي.
ولا يخفي تنظيم داعش طموحاته فى التوسع في منطقة أسيا الوسطى، حيث أعلن التنظيم مطلع الشهر الجارى عن تأسيس ولاية خرسان وكذلك أعلن التنظيم فى مايو الماضى عن تأسيس "ولاية الهند"، التي تضم منطقتى جامو وكشمير، بالإضافة إلى ذلك حشد تنظيم داعش ما بين 3000 إلى 4000 مقاتل شديدى التدريب والاحترافية لبسط نفوذ التنظيم في مناطق قبائل الباشتون فى أفغانستان، بالاضافة إلى 5 الاف مسلح ينتمون لداعش على الحدود الأفغانية الشمالية المتاخمة لاراضى الجمهوريات السوفيتية السابقة مثل طاجيكيستان.
وفي الوقت الذي يصف فيه الخبراء تنظيم داعش في أفغانستان بأنه أصبح أخطر من القاعدة وطالبان التي توصلت لتوها لتفاهمات للسلام مع الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية، فإن باكستان التي جددت عزمها على دعم الجهود الجارية لإنجاح عملية السلام والمصالحة الأفغانية، قد شنت أيضا حربا لا هوادة فيها على تنظيم داعش الارهابي ومموليه، وقبل يومين أعلنت الصحف الباكستاني قضاء الأمن الباكستاني على أحد أهم إرهابيي تنظيم "داعش" الإرهابي خلال عملية أمنية بإقليم بلوشستان، وذلك بعد عمليات ناجحة في البنجاب.
وأعلنت السلطات الباكستانية قبل أيام حملة على حافظ سعيد زعيم الجماعة الذي واجه اتهامات في هجمات إرهابية على مومباي عام 2008 وسط ضغوط دولية متزايدة للعمل ضد الجماعات المسلحة. وشنت السلطات الباكستانية حملة مكثفة ضد تمويل الإرهاب، خلال الشهور الأخيرة.
في محاكمة مؤسس ما يسمى "الجماعة الإسلامية"، التي خططت ونفذت هجمات مومباي الهندية في عام 2008 باتهامات تتعلق بتمويل الإرهاب، وبعد التحقيقات التي أُجرِيَت بشأن جمعيتين خيريتين تعملان واجهة لجماعة "عسكر طيبة" الإرهابية المحظورة التي أسسها من قبل، وهما جماعة الدعوة، وفلاح الإنسانية، حسبما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، حيث أن هاتين الجمعيتين الخيريتين كانتا ضالعتين في جمع الأموال لصالح تمويل الإرهاب. وتم تقديم حافظ سعيد وأكثر من عشرة من رجاله للمحاكمة أمام محاكم مكافحة الإرهاب في قضايا تتعلق بتمويل الإرهاب وغسل الأموال.
أعلنت السلطات الباكستانية، يوم الأحد، اعتقال قوات مكافحة الإرهاب لشخص يمول عناصر تنظيم "القاعدة" تحت غطاء منظمة غير حكومية، في بيشاور.
وبدورها، قالت المساعد الخاص لرئيس الوزراء الباكستاني لشؤون الإعلام والإذاعة الدكتورة فردوس عاشق اعوان بأن حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز) يرغب في خلق الفوضى في البلاد لتحقيق مكاسب سياسية، بحسب وكالة الانباء الباكستانية.
وعلى الرغم من ذلك، لا زالت الهند تشكك في مصداقية تحركات باكستان المجاورة في التعامل مع خطر الإرهاب والذي يؤثر على الجانبين.
وتأتي هذه الخطوات بعد أن عينت باكستان الشهر الماضي جنرالاً جديدا رئيساً لجهاز الاستخبارات، خلفاً لرئيسه الحالي اللفتنانت جنرال عاصم منير الذي تولى المنصب لمدة ثمانية أشهر فقط، حيث عين اللفتنانت جنرال فائز حميد المسؤول الكبير في الجهاز عُين مديراً عاماً للاستخبارات.
ضربة لتمويل الإرهاب
في الأشهر القليلة الماضية ، صعدت باكستان إجراءاتها ضد الجماعات الإرهابية والأفراد المرتبطين بالإرهاب. وجاء الإجراء الباكستاني ضد رموز تمويل الإرهاب بعد أكثر من أسبوع من تحذير فرقة العمل المالي، وهي هيئة رقابة مالية عالمية.
وأكد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان صرح أن قرار حكومته تضييق الخناق على الجماعات المتطرفة والمسلحة داخلياً هو قرار باكستاني مستقلّ وغير ناشئ عن أي ضغوط خارجية.
وطلبت المنظمة العالمية التي تتخذ من باريس مقراً لها ، والتي تعمل على الحد من تمويل الإرهاب وغسل الأموال ، من باكستان إعادة تقييم عمليات الجماعات الإرهابية المحظورة في البلاد.
وأعلنت السلطات الباكستانية عن نجاحها في اعتقال أحد أبرز الممولين لتنظيم "القاعدة" خلال عملية أمنية تم تنفيذها في مدينة بيشاور عاصمة إقليم خيبر بختونخواه شمال غرب باكستان.وأوضح إلياس خان وهو ضابط في دائرة مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة الإقليمية أمس أن المعتقل يدعى "علي نواز" وتم اعتقاله في وقت متأخر من الليلة الماضية.وبيّن أنه كان يستخدم حسابات مصرفية متعددة مرتبطة بمنظمة "هيومان كونسيرن إنترناشيونال"، وهي منظمة غير حكومية، حسبما ذكرت وكالة الانباء السعودية.وأضاف أن المسؤولين بوكالة التحقيقات الفيدرالية الباكستانية قد راقبوا معاملات حسابات المنظمة في الأشهر الأخيرة حيث لاحظوا تمويلات مالية ضخمة تدخل إليها مما دفع دائرة مكافحة الإرهاب في مدينة "بيشاور" إلى مداهمة مكاتب المنظمة واعتقال مديرها الإقليمي علي نواز وثلاثة أشخاص آخرين.
وقال مسؤول كبير في مكافحة الإرهاب، تحدث لصحيفة الجارديان البريطانية شريطة عدم الكشف عن هويته: "سيتم تجميد جميع أصول هذه المنظمات والأفراد والاستيلاء عليها من قبل الدولة".
ونفت باكستان منذ فترة طويلة اتهامات واشنطن ونيودلهي وغيرها بأنها تغذي وتدعم المتشددين الإسلاميين بما يتماشى مع أهداف السياسة الخارجية في أفغانستان المجاورة ومنطقة كشمير المتنازع عليها. وعلى الرغم من الخصومة المزمنة مع الهند، كانت باكستان قد أعلنت استعدادها للتعاون مع الهند في مكافحة الارهاب وكذا التحقيقات في هجوم كشمير في فبراير الماضي.
ومنذ مارس الماضي أعلنت باكستان تكثيف حملاتها ضد التنظيمات الارهابية، وتعهد رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، بأنه لن يسمح لأي جماعة متطرفة بالعمل على أراضي البلاد وشن هجمات بالخارج، بعد أيام من بدء حملة أطلقتها حكومته ضد المنظمات المتطرفة. ولتحقيق هذا الغرض عمل رئيس الوزراء الباكستاني على حماية حدوده، حيث زار إيران في إبريل الماضي لبحث مسألة مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود بين البلدين.
وإلى ذلك، تتواصل عمليات العنف في أفغانستان على الرغم مما حققته المباحثات الأفغانية من تقدم، ونفذت حركة طالبان هجوما على مجمع أمني حكومي في وسط أفغانستان يوم الأحد مما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 14 قتيلا وإصابة أكثر من 180، بينهم عشرات الأطفال، قبل ساعات من اجتماع في قطر لأطراف أفغانية متنافسة لبحث إحلال السلام، بحسب رويترز.