تعرضت مصر على مدى تاريخها لسرقات منظمة لآثارها، وبعض السارقين يكونون من أصحاب الحظوة والنفوذ، ويعلم ذلك جيداً سكان المناطق الأثرية فى الأقصر والصعيد.
بمناسبة عرض تمثال توت عنخ آمون الجميل، الذى يناطح تمثال نفرتيتى، المسروق فى متحف برلين الشرقية، وقامت دار المزادات الشهيرة فى لندن بالبيع، رغم احتجاج السفارة والخارجية المصرية على ذلك، أرجو أن يكون لسفارات مصر دور كبير فى متابعة هذه الآثار فى دور المزادات فى العالم، واللجوء إلى كل الطرق الدبلوماسية والقضائية، أو اللجوء إلى المحاكم الدولية وقوانين اليونيسكو والمحافل الدولية، وذكّرنى ذلك بحجر رشيد، أهم أثر فى تاريخ مصر الحديث، الذى كان مفتاح فهم اللغة الهيروغليفية، أقدم لغة مكتوبة فى التاريخ، وعن طريق ذلك أمكن فك طلاسم لغة المصرى القديم، وتاريخه المنقوش على الحجارة، وفى لفائف ورق البردى، وأعلم أن هذا الأثر اكتشفه العالم الفرنسى شامبليون، وقام حاكم مصر الفرنسى جاك مينو، أثناء احتلال نابليون لمصر، بإهدائه إلى أميرال البحر، قائد الأسطول البريطانى، الذى دمر الأسطول الفرنسى فى ميناء «أبوقير»، أعطاه هذا الأثر رشوة أو هدية، مقابل أن يسمح له بالانسحاب باستخدام آخر أربع سفن بقيت من احتلال الأسطول الفرنسى، وأخْذ هذا الأثر الذى اكتشف عام 1804.عشر سنوات حتى يفك طلاسم الأثر المكتوب بثلاث لغات، اللاتينية والديموطيقية والهيروغليفية، بخط منمنم، على يد لجنة من ثلاثة علماء، أحدهم مكتشف الحجر، حتى فك الطلاسم، أعتقد فى عام 1824، وسارعت إنجلترا فى ذات التاريخ الأسود فى نهب آثار مصر، ويعرض الحجر فى مقدمة آثار المتحف البريطانى، وعليه التنويه بالنشرات المجانية لزوار المتحف، بالإفادة والنصح إذا كان لديهم وقت محدود للزيارة فليجعلوا حجر رشيد فى مقدمة الآثار التاريخية المهمة، وبأن هذا الأثر كان مفتاحاً لدراسة وفهم ومتابعة الحضارة المصرية قمة الحضارات العالمية.
أشعر مع كثير من المصريين بالغيظ والرغبة فى أن تقوم الدولة المصرية بجهود أكبر لاسترجاع الآثار المهمة للوطن، والتى نهبها مجموعة من المستشرقين ورموز الاحتلال وسارقو الآثار المصرية، وعدد من كبار المسئولين شاركوا فى عملية التهريب، ويمكن للحكومة أن تلجأ إلى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية لاسترجاع آثارنا، خصوصاً أننا على وشك افتتاح هديتنا للعالم، وهو متحف مصر العالمى الجديد، وأتمنى أن يكون حجر الرشيد فى مقدمة هذا المتحف، الذى هو مفتاح كشف الحضارة المصرية والتاريخ المصرى العتيد.
كلمة أخيرة، على قاطنى الأقصر وصاحب أى منزل يدعى أن الآثار التى تكتشف عند عمل أساسات المنزل هى ملك خاص لصاحب المنزل، ومن حقه التصرف والبيع لهذه الآثار، أرجو أن يكون واضحاً لدى المحليات ولدى قاطنى مناطق الآثار أن أى آثار تكتشف هى ملك للشعب المصرى بأكمله وليست للأفراد، وأن الاستيلاء عليها جريمة يعاقب عليها القانون، وإذا كان القانون لا ينص على ذلك، فأنا أطالب بتعديله، كما أرجو أن يكون هناك رقابة فعالة على منع تهريب الآثار عن طريق منافذ السفر، خصوصاً فى الحقائب الدبلوماسية وحقائب بعض كبار القوم.