تغيرت بسرعة قواعد لعبة الصراعات فى الدول العربية بالشام والجزيرة العربية نتيجة تمدد واضح للنفوذ الروسى مع تراجع النفوذ الأمريكى وتنامى الاهتمام الصينى بالأحداث واستخدام إيران لسياسة «الصبر فى عض الأصابع» وكشف تركيا الأردوغانية عن مشروعها السلطانى الاستعمارى وتراجع العناد القطرى.. وإعادة الانتشار العسكرى الإماراتى باليمن وتقدم النظام السورى بكسب أرض وتأثير متنامٍ فى حسم الصراع لصالحه.. وتأزم الحالة الإسرائيلية الداخلية.
ومقارنةً بالعام الماضى، سنجد أن القوى الفاعلة قد غيرت مواقفها كثيراً.. فلم تعد أمريكا تتصدر المشهد وتغريدات الرئيس الأمريكى تشعل المواقف، بل أصبح يميل للتهدئة والتفاوض (حالة إيران واليمن) أو يتنازل ويقدم حلفاء لملء الفراغ، كما يحدث مع بريطانيا وتركيا وفرنسا.. وهو ما استغلته روسيا والصين بسرعة، فوجدنا مواقف علنية حاسمة ضد أمريكا خلال الشهور الستة الماضية وبخاصة فى أحداث سوريا وإيران.
ويبدو أن حالة من الإحباط والملل قد أصابت الأطراف الفاعلة فى الصراعات نتيجة فشل التقديرات الزمنية، فوجدنا سوريا تمتد فيها المعارك لثمانى سنوات طويلة، على الرغم من مشاركة عشر دول كبرى فى الحرب المستمرة!! وكان التقدير الزمنى لحسم الصراع فى سوريا عامين فقط!!. والصراع فى اليمن طالت مدته إلى أربع سنوات على الرغم من أن التقديرات أكدت أنه سيُحسم خلال شهور لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة!! وردود فعل إيران تجاه أمريكا حوّلت المسار لاتجاه إطالة مدة الصراع الخطير.. وتصلب الموقف القطرى الذى توقع أن حل مشكلة الحصار سيكون خلال أربعة شهور إلا إنه استمر لأكثر من عامين!!
كما أن التكلفة الاقتصادية العسكرية أصبحت باهظة جداً وحمّلت الدول العربية ما يزيد على خمسة آلاف مليار دولار -حتى الآن- فضلاً عن التكلفة الاجتماعية المدمرة والتنموية المعطلة.. وتنامى أطماع أردوغان فى إعادة السلطنة العثمانية يهدد الجميع.. كما أن بقاء قطر خارج الفعل العربى يضر كثيراً.
نعتقد أن القادم سيحمل مزيداً من تغير قواعد اللعبة فى الصراعات بالمنطقة، ونتوقع أن تسارع الأطراف العربية بحل مسببات الصراع حرصاً على الإنسانية المقتولة والموارد المهدرة.. ندعو الله أن يعود السلام للمنطقة.. والله غالب.