كل عام وحضراتكم بخير وسلام.. عيد أضحى سعيد على وطننا الغالى، بعيداً عن طيور الظلام التى تريد أن تعشش فى شجرة وطن ظلت طوال الوقت عالية، جذورها ممتدة فى أرض الوطنية، وفروعها فى سماء المجد.. دولة لم يقو عليها هكسوس وتتار وجيوش جرارة، فيما يريد مجموعة متشردين أن يسيطروا عليها، أحلام يقظة تتحطم على صخرة أقدم شعوب العالم، ودولة كانت دولة عندما لم يكن مفهوم الدولة قد عرف طريقه إلى كتب السياسة.
شهد هذا الشهر حدثاً رتيباً مملاً، تكرر تسع عشرة مرة فى آخر خمس وعشرين عاماً، هى كل عمرى كمتابع نهم لكرة القدم.. الأهلى فاز بالدورى العام المصرى الممتاز لكرة القدم.. فى ربع قرن زمنى، ذهبت ست بطولات لكل منافسى النادى الأهلى مجتمعين، فيما حصد هو الباقى وحده.
عشت فى طفولتى مواسم رياضية كان الزمالك يتقدم فيها على الأهلى بالدور الأول من الدورى العام بفارق أكثر من عشر نقاط ثم يخسر الدورى فى النهاية بنفس الفارق! فى أحد تلك المواسم، وبنهاية الدور الأول، صرح لاعب زملكاوى شهير بأنهم قد تعلموا من خطأ الماضى، وأن الأهلى لو فاز باللقب هذا العام أيضاً فسيرتدى لاعبو الزمالك «الطُرح» ويجلسون فى البيت. فى الدور الثانى من هذا الموسم بالذات خسر الزمالك عدداً كبيراً من مبارياته بأربعة أهداف، وعُرفت هذه المباريات وقتها برباعيات «نادر السيد»، حارس المرمى الموهوب، والرجل كان مظلوماً؛ فالفريق كله كان يعانى.
ما يحدث أن الأهلى لا يفوز دائماً ولكن منافسيه يخسرون غالباً، وهو يتبع الطريقة نفسها بالخطوات ذاتها وينتظر نتائج مختلفة! لهذا لا يفوزون هم إلا فى أيام ضعف الأهلى بفترات الإحلال والتبديل، وأى متابعة متأنية لبطل الدورى آخر نصف قرن مثلاً ستُظهر ذلك بسهولة.
النادى الأهلى من القوة بحيث تغاضى عن سماجة وسذاجة البعض.. تلميحات ثقيلة الظل قيلت طوال الموسم المنصرم، أحد رجال الأعمال الأجانب يلقى بتلميحاته المسمومة طوال الوقت.. رئيس أحد الأندية الكبيرة يريد مداراة خيبته فيتهم النادى الأهلى باستخدام السحر للفوز، مع اتهام الحكام بالفساد والرشوة.. فى الوقت نفسه يقول ابنه إن الأهلى ليس منافساً أصلاً لفريقه.. مذيع فاشل طُرد من قبل من قناة الأهلى يقول إن الأهلى فى المنطقة الدافئة من جدول المسابقة ولا ينافس على شىء.. كل هذا مع محاولات دؤوبة لضرب فكرة مبادئ النادى الأهلى عبر ترديد أسطوانات فارغة طوال الوقت، وهذه هى النقطة الوحيدة التى تضايق أى شخص فاقد للمبدأ المستقيم.
كلها صغائر تحدث بين الأندية حول العالم، لكنها تُقدم عندنا عن قصد ومع سبق الإصرار والترصد لإحداث فتنة ووقيعة بين الجماهير، فى دولة تعانى لتتماسك وتجاهد لتستقر. أوقفوا هؤلاء، وتوقفوا عن الاستهانة بعشرات الملايين من المشجعين، ولا تحبطوا الناس وتحاولوا كسر ناديهم الوطنى المفضل دون وجه حق، لأن فى هذا عواقب وخيمة على الدولة كلها وليس على كرة القدم فحسب.
الدولة المصرية لا يمكن كسرها من الخارج، هذا هو ملخص درس التاريخ، ولذلك يأمل أعداؤها زوراً فى تفتيتها من الداخل، وهذا لن يحدث لأن بهذا الوطن من يفهم جيداً ما يحاول هؤلاء فعله.. شجعوا وتنافسوا وافرحوا وتهللوا، لكن توقفوا عن إثارة الفتن، فهذا شىء لو تعلمون عظيم.