​

يعد الحج من شعائر الإسلام المقدسة، وهو أيام معدودات، في العشر الأواخر من ذو الحجة، وتوفر شركات السياحة عدة طرق للسفر إلى مكة والمدينة المنورة، تستغرق من عدة ساعات ليومين على الأكثر، لكن قديمًا كان طريق الحج طويل، يحتاج إلى شهر على الأقل ذهابًا ومثله إيابًا.

ونستعرض في التقرير التالي الطرق المختلفة التي اعتمدها المسلمون لقرون لأداء تلك الفريضة المقدسة، والتي يعتبر من أشهرها طرق الحاج العراقي والشامي والمصري واليماني والعلماء.

الخلفاء والملوك يهتمون بالطرق

وأولى الخلفاء والملوك طرق الحج عناية خاصة، حتى اصدار وظيفة جديدة هي "أمير الحج" وهو الشخص الذي يقوم برعاية الحجاج وإقامة المحطات على الطرق وتأمينها.

وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب، اهتم بالطريق ما بين المدينة المنورة إلى مكة قام بإنشاء الاستراحات ولانزل حتى يتمكن الحجاج والمرة المبيت والاستراحة بها خلال سفرهم.

7 طرق للحج

وبحسب المصادر التاريخية، فإنه كانت هناك 7 طرق رئيسية تأتي من أنحاء الدول الإسلامية إلى مكة والمدينة، وهي كالآتي:

طريق الحج الكوفي "زبيدة"

وكان من أشهرها طريق الكوفة لمكة المكرمة، وعرف باسم "درب زبيدة" نسبة إلي "زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد" التى قامت بإعماره والاهتمام به، فخلد ذكراها.

وبدأ الاهتمام بهذا الطريق بعد فتح العراق وانتشار الإسلام، وخلال العصر العباسي، حتى اهتموا بتوسيع الطريق ليتسع للمسافرين ودوابهم، وتم تعميره إلى درجة تحوله لمركز للمياه وبناء أحواض وحفر الآبار وإقامة المنارات، وأصبح مكان للرعي بجانب المحطات الرئيسية لهذا الطريق.

طريق الحج البصري

ويمتد هذا الطريق لحوالي 1200 كيلو متر، وهو يمر بـ3 دول حاليًا، هما العراق والكويت والمملكة العربية السعودية، وهو يخترق عدة مناطق منها صحراء الدهناء، مرورًا بطريق القصيم، وهو يلتقي بطريق الكوفة.

وقد ازدهر هذا الطريق خلال الفترة من القرن الأول إلى الثالث الهجري، حيث أولى الأمويين عناية خاصة لهذا الطريق، وعلى الأخص الحجاج ابن يوسف، وكان يشرف بنفسه على فحص المياه الموجودة على هذا الطريق للتأكد من جودتها.

كما سلك هذا الطريق عدد من الخلفاء مثل أبي جعفر المنصور، وهارون الرشيد، لكن تم إهماله في نهاية العصر العباسي الأول، ولم يبقي من آثار هذا الطريق إلا أطلال من الحجارة.

طريق الحج المصري

وقبل نحو قرن من الزمان، كان هذا الطريق الأهم والرئيسي للتوجه من مصر إلى المدينة المنورة، وكان يبدأ بالسفر إلى شبة جزيرة سيناء، ثم إلى خليج العقبة "كانت تسمي أيلة"، ثم حقل ثم الشرف، ثم مدين، ثم ينقسم الطريق إلى طريقين الأول داخلي، والآخر ساحلي.

وكان الطريق الساحلي هو الرئيسي حتى القرن الخامس الهجري، ثم تحول إلى الطريق الداخلي في عصر الدولة الفاطمية بسبب ضعف الدولة، وبسبب احتلال الصلبيين لمنطقة أيلة "العقبة"، وفي عهد الظاهر بيبرس عاد طريق الحجاج الساحلي مرة أخري.

وحظى طريق الحج المصري باهتمام الملوك والخلفاء، فاهتموا بتمهيد الصعوبات، وبناء المساجد، وأقيمت 7 آبار لخدمة الحجاج، وبنيت مساجد بيدر على أيدي ملوك مصر.

طريق الحج الشامي "التبوكيه"

وكان هذا الطريق يربط بلاد الشام بالأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقد عرف باسم طريق "التبوكيه" نسبة إلى مدينة تبوك التي يمر بها الحجاج خلال سفرهم، ويبدأ من دمشق ةيمر ببصري الشام المعروفة الآن باسم "درعا"، ثم يدخل أراضي المملكة ليمر عمار، ثم تبوك، الأقرع، ثم عدة محطات للمكة.

ولم يتغير مسار هذا الطريق طوال العصور الإسلامية، وقد اهتم به الخلفاء الراشدون والأمويون بعمارة الطريق، وأمر الخليفة الوليد بن عبد الملك بوضع المنارات على الطريق، وحفر الآبار بين دمشق ومكة.

وشهد هذا الطريق فترة حرجة في القرن السادس الهجري، عندما وصل الصلبيين إلى بلاد الشام، فقد كان هناك تهديدات مستمرة لقوافل الحجاج، واستمرت تلك المخاطر حتى استطاع صلاح الدين الأيوبي استعادة قلعة الكرك عام 584 هجرية.

واستقر الحال لفترة على هذا الطريق، وكان يمر به الملك عيسي بن أيوب وأكثر المهتمين به، وأمر ببناء بركة المعظم وبرك أخري، كما أمر بتسهيل العقبات الموجودة بالطريق بين دمشق وعرفات.

طريق الحج اليمني

هو الطريق الذي ربط بين اليمن والحجاز قبل ظهور الإسلام، خلال رحلات التجارة بين قريش ومكة، وكانت عدن هي المركز الرئيسي لانطلاق الحجاج، وكان لهذ الطريق 3 مسارات هي الطريق الساحلي، الطريق الأوسط والطريق الأعلى، ولكل منهم مشاكله ومعاناته.

طريق الحج العماني

وكان لهذا الطريق اتجاهان الأول يبدأ من عمان إلى بيرين ثم البحرين وصولا إلى اليمامة مرورًا بعدة محطات وحتى الوصول إلى مكة المكرمة، بينما الريق الأخر فهو يتجه إلى عوكلان، ثم ساحل هباة، ثم يسلك الحجاج الطريق الموازي للبحر الأحمر، الذي يمر بعك والحردة، ومخلاف، وفقا لما نشر بموقع قناة العربية.

طريق حج البحرين

كما يعد واحد من رواد طرق الحج البصري، وكان يعبر الأجزاء الوسطي من الجزيرة العربية، مارًا بالعديد من بلدانها وأقاليمها، وهو يربط بين الحجاز والعراق مركز الخلافة العباسية، وقد حظى الحجاج هذا الطريق برعاية الدولة الإسلامية، خاصة في تأمين الطريق.