منذ وقت طويل لم تحقق حلقات البرامج الفنية فى مصر مردوداً قوياً مثل الذى حققته حلقة برنامج «معكم» للإعلامية منى الشاذلى مع الفنانة ياسمين عبدالعزيز، صاحبة الظهور القليل للغاية، ففى هذه الحلقة استطاعت منى الشاذلى أن تجمع كل فنون البرامج الحوارية الفنية وتضعها للمشاهدين فى حلقة واحدة، لتُحدث الحلقة انفجاراً مدوياً على صفحات السوشيال ميديا وموقع يوتيوب، لتحقق الحلقة نسب مشاهدة كبيرة جداً على موقع يوتيوب تجاوزت الـ2 مليون مشاهدة خلال 48 ساعة فقط بعد عرض الحلقة تليفزيونياً على قناة «سى بى سى».
وربما يكون النجاح الكبير الذى حققته الحلقة عائداً -كما ذكرت- لغياب ياسمين عبدالعزيز لسنوات طويلة عن الظهور بالبرامج التليفزيونية، فأنا أتذكر جيداً أن آخر ظهور لها كان بصحبة الإعلامية الكبيرة هالة سرحان قبل 17 عاماً، عندما حلّت ضيفة على برنامج «هلا شو» على قناة روتانا سينما، وبعدها قررت ياسمين الاختفاء تماماً، وعلى عكس ما يتوقع البعض بأن ياسمين ترفض الظهور كنوع من علامات النجومية أو لتعزيز نفسها لأن ظهورها، سواء مع منى الشاذلى مؤخراً أو من قبلها مع هالة سرحان، كشف أنها عفوية وتلقائية لدرجة من الممكن أن تسبب لها مشاكل كثيرة لو أن الإعلامى الذى تجلس أمامه غير حسن النية، وهو ما يُحسب للإعلامية «منى الشاذلى» التى -كما قلت- صنعت حلقة تدرّس فى تقديم محتوى راقٍ واحترافى، فأى إعلامى كانت ستجلس أمامه ياسمين عبدالعزيز كان سيذهب فوراً لمنطقة علاقتها ومشاكلها مع زوجها السابق ووالد أبنائها رجل الأعمال محمد حلاوة، وفكرة زواجه من فنانة أخرى هى ريهام حجاج، ولكن ذكاء منى جعلها تتحدث عن الحياة العاطفية لياسمين دون أن تجرحها أو تسبب أى إحراج لها.
سألتها بهدوء: هل من الممكن أن تحبى وتتزوجى مرة أخرى، وكانت إجابة ياسمين كافية لتقول من خلالها الرسالة التى أرادت أن ترسلها لطليقها، بنفس العفوية والتلقائية والابتسامة التى لم تغب عن وجهها طوال فترة الحلقة.
لعبت «منى» باحترافية شديدة على الطفلة الكبيرة التى تسكن عقل وقلب ياسمين عبدالعزيز، ليكتشف الجمهور أن ياسمين الممثلة التى تتربع على عرش نجمات الكوميديا بين بنات جيلها وما بعدهن، لا تختلف كثيراً عن ياسمين الزوجة والأم المصرية.
تحدثت لابنتها عندما استقبلت مكالمتها التليفونية كشقيقة كبرى وليس كأم، نظراتها وتحذيرها لها بعدم كشف المستور فى علاقتها مع ابنتها يشعرك وكأنك تتابع مشهداً من فيلمها الشهير «الدادة دودى».
نجحت منى الشاذلى فى أن تفتتح الموسم الجديد من برنامجها بخبطة كبيرة، ولم تكتفِ بهذا، ولكن أكدت أن النجاح سهل وبسيط ولا يحتاج لكل هذا الصخب الذى تحدثه بعض البرامج.
أدهشتنى عندما رفضت ضرب كفها بكف ياسمين فى إحدى فقرات البرنامج، لا لشىء سوى لأنها تعلم جيداً الحد الفاصل بين صداقة الضيف على الهواء واحترام المذيع لنفسه وجمهوره.
دروس ربما غابت عن أعيننا لأن الموضة التى تسيطر على الفضائيات العربية والمصرية الآن هى تقديم النجوم للبرامج لضمان نجاح هذه البرامج، وهو ما جعل شكل الإعلامى الحقيقى وطريقته وأسلوبه تغيب وسط سيطرة النجوم على تقديم البرامج.
وللحقيقة فإننى أستثنى من هذه الظاهرة الفنانة الكبيرة إسعاد يونس، صاحبة برنامج «صاحبة السعادة»، لأنها إذاعية كبيرة قبل أن تكون ممثلة.
الخلاصة، ليس كل النجوم يصلحون للجلوس على كرسى الضيف، وليس كل النجوم يصلحون للجلوس على كرسى المذيع.