الفيوم.. تسخير الجن لاستخراج الآثار أحدث ألاعيب النصابين
التنقيب عن الآثار أحد أسباب اللجوء إلى السحر
يظل ملف التنقيب عن الآثار هو الأكثر حضوراً بين الدجالين الذين يقنعون ضحاياهم بقدرتهم على تسخير الجان لاستخراج الكنوز الأثرية من باطن الأرض، ونظراً لطبيعة محافظة الفيوم الأثرية، مثّل هذا المجال نشاطاً واسعاً للدجالين والمشعوذين، وسط تردد روايات كثيرة عن أعمال نصب تعرّض لها مواطنون أثناء التنقيب عن الآثار تحت منازلهم، بعدما يوهمهم «دجالون» بأن هناك كنزاً أسفل المنزل، ثم يتعرضون للنصب بدفع مبالغ مالية كبيرة.
«ح. م»، حداد، من أبناء إحدى مناطق الفيوم، يروى حكايته مع الدجالين قائلاً: «ذهبت بحكم عملى لعدة منازل، كان أصحابها ينقبون عن الآثار أسفلها، وكانوا يلجأون إلى بعض الدجالين لمعرفة مكان الكنز لكى يصل المنقبون إليه، وفى أحد الأيام كنا نحفر أسفل منزل للوصول إلى مقبرة أثرية بعد أن أخبرنا أحد الخبراء فى الآثار، وظللنا نحفر ثم توقفنا لأننا لم نكن نعرف مكان المقبرة، وتوجهنا لأحد الروحانيين، كما يطلق على نفسه، وأخبرنا بأنه سيدلنا على مكان باب المقبرة نظير نسبة من قيمة القطع الأثرية المستخرجة منها، ولم ينجح المنقبون فى العثور على المقبرة رغم توجيهات الروحانى».
دجال يشترط شراء بخور بمئات الألوف من المغرب.. وآخر يجمع ذهب القرية لإقناع "جنى" بإخراج الكنز ويفر هارباً
خلال الأشهر الماضية، شهدت المحافظة الكثير من وقائع التنقيب عن الآثار، ودائماً ما يتزعمها الدجالون والمشعوذون الذين يدّعون تسخير الجن لاستخراج الكنوز الأثرية، ففى منتصف يوليو الماضى، أقدم مدرس بأحد المعاهد الأزهرية على قتل زوجته وأبنائه الأربعة، واعترف بأن السبب وراء ارتكاب جريمته تلقيه تهديدات من شركاء له فى واقعة للتنقيب عن الآثار أسفل أحد المنازل المملوكة لزميل له بالمعهد بقرية اللاهون.
«سيد الشورة»، مدير منطقة آثار الفيوم، يؤكد أن بعض الدجالين ينصبون على المواطنين الراغبين والحالمين بالعثور على الآثار من أجل الثراء السريع، ويوهمونهم بأن منازلهم يوجد أسفلها مقبرة أثرية، فيحفر الضحية أسفل منزله لفترة تستمر عدة أشهر ثم يختفى الدجال أو النصاب لفترة، فيبحث عنه الضحية من أجل مساعدته فى البحث عن الكنز، وعندما يعود إليه يخبره بأن الكنز لن يُفتح إلا باستيراد بخور من المغرب أو الحبشة مثلاً، ويضيف مدير منطقة آثار الفيوم: «يخبرهم الدجال أنه بعد استيراد البخور سيتم التعزيم عليه حتى يفتح الكنز، وأن هذا البخور يكلف مئات الآلاف، وأن عليهم من هذه التكلفة النصف، وهو سيتحمل النصف الآخر منها حتى يخرج الكنز ويكون له نسبة منه، وهى الأقل من نسبة أصحاب المنزل فيه، وبعد أن يحصل النصاب على المبلغ يختفى تماماً».
ويشير إلى العديد من الوقائع الشهيرة التى جرت فى إطار النصب بالشعوذة على المواطنين: «منذ 7 أشهر جاء أحد الدجالين لإحدى قرى مركز سنورس، من خارج الفيوم، وحفر فى منزل أحد الأهالى، وبعد الحفر أخبرهم بأن الكنز عبارة عن ذهب، ولن يُفتح إلا إذا رأى الجن ذهباً مثله، وطلب منهم جمع كمية من الذهب من أهالى القرية، وبعد حصوله على هذه الكمية من المواطنين، طلب منهم عدم الخروج من منازلهم فى يوم معين بزعم أن الجن سينتشر فى الشوارع، ثم هرب بكميات الذهب التى جمعها من الأهالى».
ويلفت النظر إلى واقعة أخرى شبيهة، وقعت فى إحدى قرى مركز إطسا، حينما حصل أحد المشعوذين على 4 كجم من الذهب بالطريقة نفسها، وهرب ولم يتمكن الضحايا من ملاحقته.
ويوضح «الشورة» أنه لا يوجد فى عملية الحفر عن الآثار أى نوع من السحر والشعوذة، ولكنها أعمال نصب على المواطنين: «نحن نصل إلى المقابر والمناطق الأثرية بالحفر العادى دون الحاجة إلى السحر والشعوذة بالطبع، وفتح مقبرة توت عنخ آمون عام 1922 كان عن طريق الحفر العادى، وما يتردد عن تسخير الجن مجرد خرافة».