لا شك في أن عملية نقل الدم تعتبر من الوسائل الهامة لإسعاف المصابين وإنقاذ الأرواح، وأن الأطباء يحاولون دائماً بشتى الطرق حث الناس على التبرع بالدم، ولكن المشكلة أنه مهما زاد عدد المتبرعين بالدم، فإن الاحتياج لعمليات نقل الدم تكون غالباً أكثر من أكياس الدم المتاحة، مما وضع الأطباء في مأزق، ودفع العلماء إلى البحث عن حل مبتكر، وهو إمكانية نقل الدم من الحيوانات على البشر.
فكرة نقل الدم من الحيوانات إلى البشر ليست فكرة حديثة فعلياً، فبحسب تقرير نقله موقع "Science ABC"، سبق واهتم العلماء في القرن الـ17 بإمكانية نقل الدم بين كائنين مختلفين، سواء بين الحيوان والإنسان، أو بين حيوانين مختلفين. إلا أن مسالة نقل الدم بين الكائنات الحية عموماً تعتبر من الأمور الصعبة، فالدم الذي يجري في عروق البشر، على سبيل المثال، ينقسم على أنواع أو فصائل عديدة، وقد أصبح هذا الأمر معروفاً وزادت أهميته في العصر الحديث، بحيث أصبح من المعتاد أن يكون الشخص على معرفة بفصيلة دمه، بل وربما فصيلة دم أفراد أسرته وأصدقائه أيضاً.
تقسيم الدم على فصائلأو أنواع، يرجع بشكل أساسي لما يسمى "Antigen" أو المولد المضاد، و"Antibody" أو الجسم المضاد، وبحسب وجود هذين الجسمين المجهريين على كرات الدم الحمراء، أو غيابهما، يتم تقسيم الدم إلى ثمانية فصائل: A+, A-, B+, B-, AB+, AB-, O+, O.
ولكن كيف سيساعدنا تقسيم الدم البشري إلى 8 فصائل في محاولة نقل الدم من الحيوان إلى الإنسان؟ الحقيقة هي أن العلماء قد أدركوا أن تركيب دم بعض الحيوانات، مثل عائلة القردة والشمبانزي والغوريلا، قريب جداً لتركيب دم الإنسان، من ناحية حجم وشكل كرات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، مما يعني أن نقل الدم من الشمبانزي مثلاً إلى الإنسان هو أمر وارد، ولكن ستكمن المشكلة الأساسية في أن وجود وغياب المولدات المضادة والأجسام المضادة في فصائل دم الشمبانزي سيكون مختلف عن فصائل دم الإنسان، مما سيزيد من احتمالية رفض الجسم للدم المنقول، وقيام جهاز المناعة البشري باستهداف الكرات الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية الموجودة بهذا الدم. ولكن إذا فرضنا أن فصيلة دم الشمبانزي هي (O)، فإن احتمالية نجاح عملية النقل ستكون أكبر.
ظن العلماء في البداية أن القرود والشمبانزي ستكون هي أقوى المرشحين المحتملين لعملية نقل الدم إلى الإنسان، نظراً لأن الإنسان والشمبانزي يتشاركان في حوالي 98.7% من الحمض النووي "DNA"، ولكن اتضح في النهاية أن دم الشمبانزي ليست هي الاختيار الأفضل.
ويذكر موقع "Science ABC"، المهتم بإيجاد الحقائق العلمية، أن العلماء توصلوا إلى أن دم الخنزير يعتبر هو أكثر دم في المملكة الحيوانية ملائمة لعملية النقل، فشكل وحجم كرات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية الموجودة في دم الخنزير قريب جداً لحجم وشكل نظيرتها الموجودة في الدم البشري، وهذا بالطبع سيزيد من نسبة قبول الجسم البشري للدم المنقول. هذا لم يكن مفاجأة كبيرة لبعض العلماء، فقد تم استخدام بعض الصمامات القلبية المأخوذة من الخنزير في عمليات زرع في قلب الإنسان من قبل، وقائمة الأعضاء أو الأجزاء التي سيتم استخراجها من أجسام الخنازير لتزرع داخل اجسام البشر في ازدياد مستمر، وذلك بسبب التشابه الكبير في الحجم والشكل للأعضاء الداخلية للجسم بين الإنسان والخنزير.
تظل فكرة نقل الدم من الحيوان على الإنسان تحت الدراسة والتجريب، وحتى الآن لم يتوصل العلماء على طريقة تضمن عدم حدوث ردود فعل دفاعية من جانب الجسد البشري عند نقل الدم الحيواني إليه. ولكن هذا لا يعني أنها فكرة غير قابلة للتنفيذ نهائياً، فباستخدام دم خنزير، ومع مراعاة الفروق الموجودة بين فصائل الدم البشرية والحيوانية، وعند نقل الدم بكميات ليست ضخمة، يمكننا فعلياً انقاذ حياة إنسان باستخدام دم حيواني.
تعليقات الفيسبوك