ما عندنا خبز.. ولا وقود
ما عندنا ماء.. ولا سدود
ما عندنا لحم.. ولا جلود
ما عندنا نقود
كيف تعيشون إذن؟
نعيش فى حب الوطن!!
حب الوطن من أجمل أشعار الرائع أحمد مطر. قررت أن أبدأ مقالى بهذه الأبيات التى تصف حال الوطن وشعبه.. أجمل وأغرب «حب» هو حب «الوطن».. جميل لأننا نحبه مهما رأينا منه من قسوة وظلم، وغريب لأن حبنا له من طرف واحد.. نحبه رغم ما يعانيه من أزمات متلاحقة على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية، وما زال بداخلنا أمل أنه يوماً ما سيتبادل معنا الحب، ولذلك لم نبخل عليه بأى شىء. قدمنا له كل نفيس وغال، وافتديناه بدمائنا حتى أصبح الدم أرخص ما نقدمه الآن له. للأسف الشديد، يومياً تطالعنا الأخبار بانفجارات هناك واغتيالات هنا راح ضحيتها أرواح عزل منهم من مات غدراً ومنهم من مات فداء له وأحتسبهم جميعاً شهداء. لن أعيب على الوطن ولا حكامه، بل أعيب على هذا الشعب الذى سمح لحكامه أن يستعبدوه، وأن دماءه، أغلى ما عنده، تقدم قرابين لهم. على مدار ثلاث سنوات، منذ بداية ثورة يناير حتى الـ30 من يونيو، وما تلاها وتخللها من مظاهرات واعتصامات ووقفات احتجاجية، ثبت بالدليل القاطع أن هذا الشعب ليس ثورياً بطبعه.. شعب عاطفى وعشرى، أحياناً يحب جلاده عملاً بالمثل الشعبى «اللى نعرفه أحسن من اللى مانعرفوش».. حتى إنه أصبح متطرفاً فى مشاعره وبارعاً فى إيجاد التبريرات لجلاده، حتى معشر الثورجية أصبحوا متطرفين فى آرائهم، ورغم مناداتهم بالحرية واحترام حرية آراء الآخرين نجدهم أول من يقمعون رأى الآخر لمجرد أنه مختلف معهم. ومن هنا يبدأ التخوين والتشكيك وإلقاء التهم وأحياناً السب والشتائم.. وبين الاثنين ظهر تيار ثورى اقتنع بأن الثورات لن تحقق أهدافها بين ليلة وضحاها، تيار مؤمن بأن، لا بد بعد إسقاط نظامين فاشيين قمعيين، عليه أن يقف مع نفسه وقفة مصيرية، وينظر حوله قبل اتخاذ أى قرار.. أول شىء مصر تواجه الإرهاب.. الإرهاب الذى زاد الطين بلة وأصبح بسببه الوطن يواجه الإفلاس. لماذا لا نثور على أنفسنا، ونبدأ بإصلاح داخلى لوطننا ونتجنب تلك الجعجعة الثورجية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، الجعجعة التى تريد الفوضى لمصر بجانب الإرهاب.. لماذا لا نقف بجوار هذا الشعب، نقوم بتوعيته ونعرّفه واجباته وحقوقه، ونعلمه أن من أجل الحصول على حقوقك يجب أن تؤدى ما عليك من واجبات؟! أعلم أن الشعب هو المعلم والقائد، ولكن علينا أن لا ننسى أن هناك قطاعاً كبيراً منه يعيش تحت خط الفقر ويعانى الجهل وبحاجة إلى من يوعيه سياسياً، ويعلمه أن العمل فريضة حتى يتقدم الوطن.
مصر لن تصبح وطناً حقيقياً إلا بتكاتف أبنائها الأحرار.. مصر فى أمسّ الحاجة لأبنائها كما اعتدنا منهم.. دعونا نقف بجوارها لعلها تراجع نفسها وتحبنا يوماً مثلما نحبها.