فى عددها الصادر بتاريخ 17 أبريل 2019م، وبمناسبة اختياره ضمن المائة شخصية أكثر تأثيراً فى العالم، أجرت صحيفة التايم الأمريكية حواراً مع محمد صلاح، حيث تحدث أيقونة الكرة المصرية للمرة الأولى وبصراحة عن أهمية مبدأ المساواة بين الجنسين، داعياً الرجال فى بلاده وفى كافة دول العالم الإسلامى إلى معاملة المرأة بشكل أكثر احتراماً، ومؤكداً الحاجة إلى تغيير طريقة التعامل مع المرأة فى ثقافتنا، مضيفاً أن ذلك لا يمثل اختياراً يمكن أن نفعله أو لا نفعله.
وقال محمد صلاح إن نظرته تجاه المرأة قد تغيرت كثيراً، وإنه يدعم النساء فى الوقت الحالى بشكل أكبر مما كان عليه فى السابق، حيث يشعر بأنهم يستحقون قدراً أكبر من الاحترام مما عليه الأمر حالياً.
وبعد مرور شهرين على هذا الحوار، وأثناء مشاركة المنتخب المصرى فى كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم التى أقيمت فى القاهرة خلال الفترة من 21 يونيو إلى 19 يوليو 2019م، حدثت أزمة بسبب اتهام اللاعب عمرو وردة بالتحرش بعارضة أزياء مصرية وأخرى مكسيكية، الأمر الذى أدى إلى استبعاده من معسكر المنتخب، ثم إعادته مرة أخرى بسبب تضامن زملائه معه، حيث دافع محمد صلاح عن زميله المستبعد من قائمة الفراعنة فى كأس الأمم الأفريقية، عبر تغريدات باللغة الإنجليزية، على حسابه فى موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، قائلاً: «لا بد أن تتعامل النساء بطريقة محترمة، وإذا قالت لا، تعنى لا.. هذه الأشياء مقدسة. أنا أؤمن بأن من يخطئون يمكن أن يتغيروا للأفضل ويجب ألا يتم إعدامهم، وهى أسهل طريقة». وأضاف: «علينا أن نؤمن بالفرصة الثانية، نحتاج للنصح والإرشاد، والإبعاد ليس الحل».
وقد وجد البعض فى هذا الموقف تناقضاً بين الحديث عن حقوق المرأة وبين الدفاع عن زميله المتهم بالتحرش، ووصل البعض إلى حد اتهام نجم المنتخب الوطنى بالنفاق فى تصريحاته التى أدلى بها إلى صحيفة التايم الأمريكية فيما يتعلق بطريقة معاملة المرأة فى الشرق الأوسط. ورداً على هذا الاتهام، وفى تصريحات لشبكة «سى إن إن» الأمريكية، قال محمد صلاح: «موقفى لا يزال هو نفسه، كما قلت سابقاً الناس يسيئون فهم ما أقول، لكن فى هذه الأثناء ما أتحدث عنه هو أن المرأة يجب أن تحصل على حقوقها فى الشرق الأوسط». وأضاف نجم المنتخب الوطنى المصرى ونادى ليفربول الإنجليزى: «أولاً علينا قبول أن هناك مشكلة، أعرف أنه من الصعب جداً قبول ذلك، لكن بنسبة 100% المشكلة تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، والشىء الثانى رأيى هو أن للمرأة الحق فى التحدث عن أى شىء لا تحبه».
وتابع: «أنا أتحدث عن نفسى، عندما تواجه ابنتى مشكلة يجب أن تشعر بدعم منى للحديث معى عن المشكلة، الشىء الأكثر أهمية هو الخوف، المرأة تخشى زوجها ووالدها، وهذه هى النقطة الرئيسية على ما أعتقد».
وأوضح «صلاح»: «الخوف ليس صحياً على ما أعتقد، لذلك علينا إصلاح ذلك، لقد تغيرت من حيث معاملتى للمرأة منذ أن وجدت فى أوروبا، لقد تحولت من ذلك الرجل الذى تخاف منه النساء إلى الشخص الذى يتحدث الآن، الشخص الذى يقاتل ضد الموضوع لأنه يرى أن ذلك خطأ».
وأتم: «بالطبع قبل ذلك لم يكن لدى ابنة، أعتقد أننى بدأت فى التغيير قبل 9 أو 10 سنوات، ولكننى الآن أقاتل ضد هذا الأمر لأنه خطأ».
وأعتقد من الواجب أن نشيد هنا بتفاعل محمد صلاح مع قضايا المجتمع المصرى، الأمر الذى تجلى فى العديد من تصريحاته وتغريداته، وهو ما يعكس اهتماماً بهموم وقضايا الوطن، ويبرز إدراكاً عالياً بالمسئولية المجتمعية الملقاة على عاتقه كإحدى الشخصيات العامة المؤثرة فى شبابنا وأن هذه المسئولية تتعدى حدود المستطيل الأخضر.
ولعلها المرة الأولى التى يمارس فيها أحد نجوم الرياضة هذا الدور، ونتمنى أن يحذو نجوم الكرة والسينما والمجتمع حذو محمد صلاح، بدلاً من إشغال الرأى العام بأخبار زواج وطلاق الفنانين والفنانات ونشر كل صغيرة وكبيرة عن قضاياهم المثارة فى المحاكم. بل إننا ندعو محمد صلاح نفسه بألا يقصر اهتمامه على قضايا الوطن والمنطقة، وإنما ينبغى أن يمد اهتمامه إلى القضايا الإنسانية والبيئية فى العالم أجمع، مع رجاء ونصيحة بأن يبتعد عن السياسة ودهاليزها.
وكم كنت أتمنى أن أقرأ تغريدة لمحمد صلاح عن الحرائق فى غابات الأمازون، أسوة بما فعل كريستيانو رونالدو وليوناردو دى كابريو.
نريدك أيقونة عالمية.
والله من وراء القصد..