بالفيديو| أحد ضحايا "الحرس الجامعي": "قالولي هنحزن أهلك عليك لو اتكلمت في السياسة تاني"
شكل له حكم عودة الحرس الجامعي صدمة وحالة من الإحباط، فالحكم الذي نفذ بعد ثورة 25 يناير بإلغاء الحرس كان انتصارا لشباب الجامعة، الذين شاركوا في الثورة، على القبضة الأمنية التي تحكم الجامعة، فحرس الجامعة هو من هدده بالاعتقال بمبدأ "مش عايزين نبكي أهلك عليك"، والشرطة التي طاردته بقنابل الغاز في المظاهرات.. خصم عانى من الصراع معه لسنوات، ويأبى عودته لبيته "الجامعة". عادل محمد نديم، الطالب بكلية الإعلام، وعضو حركة الاشتراكيون الثوريون، الذي التحق بكلية الهندسة عام 2007، كان أحد ضحايا الحرس الجامعي قبل ثورة 25 يناير، يحكي لـ"الوطن" شهادته عن الجامعة في عصر مبارك، وما ناله من عقاب لنشاطه السياسي.
"معرفتي بالأمن الجامعي ابتدت من وأنا صغير في المدرسة"، هكذا يحكي "عادل" عن تجربته منذ أن كان طالبا بالمدرسة في شارع أبو قير بالإسكندرية، وكان دائما يرى تظاهرات طلبة كلية الهندسة.. "البوليس دايما كان يحاصر مظاهرات الطلاب على سلم الكلية، ويطاردهم ويعتقلهم، ويقذفهم بقنابل الغاز، ووقتها مكنتش قادر أفهم يعني إيه بوليس داخل الجامعة".[FirstQuote]
وفي عام 2007، بدأ احتكاك "عادل" طالب الهندسة بجامعة القاهرة، بالأمن، عندما تعرف على طلاب من توجهات سياسية مختلفة، منهم الليبرالي والإخواني والاشتراكي واليساري، وبدأ يحضر نقاشاتهم، والتي قال عنها "دائما ما كنا نتناقش عن الأوضاع في البلد وحتمية التغيير، لأني كان لدي مشاكل مع نظام مبارك، ووعيت على الدنيا لقيته إله الدولة، وكانت دائما النقاشات مخترقة من الأمن، ويتم الإبلاغ عنها"، وجاء العام 2008، والدعوة لإضراب 6 أبريل.. "تعرفت على طلاب من حركة 6 أبريل، وأعطوني منشورات لتوزيعها، قررت أني أوزعها على زملائي في الهندسة بمقر الكلية اللي كان وقتها في الشيخ زايد، وعرف أمن الجامعة إني بوزع ورق الإضراب، واستدعوني، وكنت معرفش إن توزيع المنشورات ممنوع أو غيرمرغوب فيه، وتم استجوابي، ثم بدأ الترهيب والتهديد، وقالوا لي ده أمر ممنوع بموجب القانون وخوفوني، وهذه المرة مجرد تحذير، لكن لو ظبطناك تاني بتوزع منشورات، هنحولك مجلس تأديب ونفصلك من الجامعة، بعدها بدأت أوزع ورق الإضراب في الخفاء للمقربين مني داخل الكلية، ولدوائر اجتماعية أخرى".
التجربة الثانية لـ "ضحية الحرس الجامعي"، كانت عام 2008، أثناء مشاركته في مظاهرات فلسطين.. "سمعت وشفت المذابح اللي كانت بتحصل في حق شعب فلسطين، وقررت المشاركة في المظاهرات تضامنا مع فلسطين، وبدأت المظاهرة التي كان ينظمها طلاب الإخوان وشارك فيها مئات الطلاب في ذلك الوقت من الحرم الجامعي، واتجهت نحو الباب الرئيسي للجامعة، وعندما قرر الطلاب الخروج من باب الجامعة تراجع طلاب الإخوان، وقالوا (مش هنخرج برة الجامعة)، وخرج باقي الطلاب، وبدأت الهتافات (يسقط الاحتلال الإسرائيلي)، (جيل ورا جيل بنعاديكي يا إسرائيل)، ووسط كل هذه الهتافات خرج شخص مرة واحدة، وهتف (يسقط حسني مبارك)، وثانية ما قالوا (يسقط حسني مبارك) ضرب علينا الأمن المركزي من خارج الجامعة الغاز المسيل للدموع، وطاردونا، ويومها قبضوا على كمية طلاب مهولة، ونجيت بأعجوبة من الاعتقال".[SecondQuote]
في عام 2009، انتقل "عادل" إلى كلية الإعلام.. "مكنش لسه ليا توجه سياسي صريح، كانت ليبرالية اعتيادية، فأنا مع حرية الرأي طالما لم أضر شخص بتصرفاتي، لحد ما قريت في اليسار، وبدأت ميولي تتجه نحوه، وبدأت أكره الممارسات الأمنية أكثر في الجامعة، فكنت أرى التحرش بالبنات من أفراد الأمن على بوابات الجامعة، وأرى (الغتاتة الأمنية)، فيتم تفتيشي، وإذا كان معايا شنطة يتم تفتيشها، ولو معايا جورنال من جرائد المعرضة، يقولولي (ممنوع الجرايد في الجامعة)، وهي تجارب تعرضت لها أنا والكثيرين غيري".
جلساته ونقاشاته مع زملائه الطلاب في حديقة كلية الإعلام عن حتمية الثورة، وفشل نظام حسني مبارك، كانت كلها، بحسب وصفه، مراقبة من أجهزة الأمن.. "يقومونا من مكانا بحجة أنهم بيسقوا الجنينة"، وحتى المناقشات مع أساتذة الكلية.. "فكان أحد الأساتذة، وهو دكتور أيمن سلامة، بيدرس لنا مادة موضوعات سياسية معاصرة، وكان لما يتكلم معانا عن حاجة تخص مصر، كان يخفض صوته". يستمر التضييق الأمني، ويُصطحب "عادل" في رحلة إلى مكتب حرس كلية الإعلام مرة أخرى.. "رئيس الحرس، وهو ضابط برتبة نقيب، وقال لي غير مسموح لك بالكلام في السياسة داخل أسوارالجامعة، فعندما قلت له بموجوب أي قانون، قال لي بموجب الأعراف، فقلت له (ليس هناك ما يمنع إني اتكلم فيما أراه صحيح أو غير صحيح)، فرد علي: (انت كدة هتتأذي) قلت له اتفضل أقبض عليا، فكان رده: مش عايز أحزن أهلك عليك".
"أغلب الحركات الطلابية في الجامعة كانت مخترقة أمنيا، فكان يوجد مرشد للحرس بين الطلاب يبلغ عن كل تحركاتهم وتظاهراتهم، فوقت عضويتي بـ(6 أبريل) كنا نوزع المنشور، وكل مرة الأمن ييجي يمسكنا، ولذلك كنا نتفادى الاجتماعات التنسيقية داخل الجماعة"، وبحسب قوله "يتم معرفة المندسين بعد فترة، لأن الأمر يتجلى في بعض المواقف، مثل أن هذا الشخص وقت فض أي اجتماع أو اعتصام أو مظاهرة لا يتواجد في كل مرة، فالصدف لا تكون لهذه الدرجة"، وهذا كان يعكس ممارسات الأمن الشرطي في الجامعة، وهي تعكس بشكل صريح جدا توجه السلطة ضد أي حراك من أي نوع، وأغلبها موثق في أرشيفات الصحف وبفيديوهات "اليوتيوب".
"مفيش حكم قضائي مينفعش يتنفذ"، هذا كان رأي "عادل" عندما سمع بوجود حكم قضائي، في الدعوة التي قامت بها مجموعة "9 مارس" بإلغاء الحرس الجامعي، ورفضت الشرطة تنفيذه في البداية، وجاءت الثورة، وخرج الأمن من الجامعة بعدها، واستمر نشاط "عادل" في الحركة الطلابية، قائلا "الجامعة ليست مكانًا لتلقي العلم فقط، والطلاب في مصر لهم تاريخ نضالي طويل من أيام الاحتلال وحتى حسني مبارك".[ThirdQuote]
وتابع حديثه، عن "الانتهاكات التي حدثت في عهد الأمن الإداري"، قائلا "هناك شكاوى من الحرس حول اعتداءات الطلاب عليهم، ولكن حدث أيضا انتهاكات من أفراد الأمن الإداري ضدنا، و في أحد معارض حركة الاشتراكيين الثوريينن في ذكرى محمد محمود، الذي أقمناه تحت مسمى (جدع يا باشا)، لنذكر الناس بملحمة محمد محمود، قام أحد أفراد الأمن بمنع أحد زملائنا من الدخول بصور إلى المعرض، وقام بعضهم بتقطيع لوحات المعرض أمام أعيننا، وفي إحدى المظاهرات ضرب الأمن أحد الطلاب، فرد عليه الطالب وضربه، وأيضا كانت تحدث اشتباكات بعد 30 يونيو، وكانوا يقبضون على الطلاب المعارضين للسيسي، سواء إخوان أو غير إخوان، ويتركوا مؤيديه، وهذه ازدواجية في المعايير"، مؤكدا رفض الطلاب إعطاء الضبطية القضائية لأفراد الأمن الإداري، ورفض تدريبهم ببروتوكول تعاون مع وزارة الداخلية.. "يدربوهم على القمع والقتل هذا أمر مرفوض تماما".
وتابع "الشرطة مكانتش عايزة تشوف ولا مظاهرة في الجامعة بعد 3 يوليو وده منتهى العبث وأمر مستحيل، الطلاب بالجامعة في حالة ثورة مستمرة حتى تتحقق مطالب 25 يناير، ووجود الشرطة في الجامعة من جديد أمر لا يليق"، مؤكدا أن محكمة الأمور المستعجلة غير مختصة بالحكم بعودة الحرس الجامعي، وهو ما ورد على لسان عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة، دكتور محمود كبيش.. "من 2007 وحتى الثورة كانت الدنيا ضلمة، والناس المهتمة بالشأن العام كانوا قليلين، كان اللي يتكلم إما يعتقل أو يتهدد ويتقالوا (هنحزن أهلك عليك) ويلفقوله تهم، وبعد الثورة كان انفتاح سياسي لأن الناس لقت الأمر يمس حياتها بشكل واضح، ليه عايزين ترجعوا الضلمة تاني؟".
الأخبار المتعلقة:
"الحرس الجامعي".. يا أهلا بالمعارك
مؤسسة حقوقية: عصر "الحرس" شهد مجالس تأديب لـ 135 طالبًا.. و119 قرار حرمان من الامتحان
عميد "حقوق القاهرة" على خط المواجهة: الحرس الجامعي "درع الأمان" للجامعات
بالفيديو| عضو "9 مارس": دور الحرس الجامعي "سياسي".. ووجوده لم يمنع "القتل" و"المخدرات"
بالفيديو| عضو "التيار المصري": عودة الأمن تعني "دمار الجامعة"