"التعبئة والإحصاء": المصريون ينفقون على الدروس 47 مليار جنيه سنويا
إقبال كبير على الدروس الخصوصية فى إحدى المحافظات
كشفت نتائج بحث الدخل والإنفاق 2017-2018، التى أعلنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء نهاية شهر يوليو الماضى، أن متوسط إجمالى ما ينفقه المصريون، نحو 26 مليون أسرة فى جميع محافظات الجمهورية، على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية يبلغ نحو 47 مليار جنيه، بنسبة تمثل 37.7% من إجمالى الإنفاق على قطاع التعليم.
مؤشرات النتائج أكدت أن إجمالى متوسط الإنفاق السنوى للأسرة على التعليم فى جميع محافظات الجمهورية يبلغ 5 آلاف و184 جنيهاً، وأن نسبة الإنفاق منها على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية تبلغ 37.7%، بقيمة 1954.368 جنيه، للأسرة الواحدة.
وأشارت النتائج إلى أن نسبة الإنفاق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية فى الحضر للأسرة الواحدة تبلغ 2314.8 جنيه سنوياً تمثل 32.2% من قيمة الإنفاق على التعليم فى الحضر وقيمتها 7189.1 جنيه سنوياً، مقابل 1686.33 جنيه تمثل 45.6% من إجمالى 3698.1 جنيه قيمة الإنفاق على التعليم فى الريف.
من جانبه يقول الخبير التربوى الدكتور سليم عبدالرحمن، أستاذ التربية بجامعة حلوان، إن الأسر المصرية تنفق أكثر من 100 مليار جنيه سنوياً على الدروس الخصوصية، وأن الرقم الذى أعلنه الجهاز المركزى للإحصاء بعيد عن الأرقام الحقيقية، حيث إنه قام بحصر الدروس الخصوصية المقننة، ولم يضع فى اعتباراته الدروس الخصوصية فى التعليم الجامعى التى تكبد الأسر أموالاً طائلة خلال فترات الدراسة، ولفت «عبدالرحمن» إلى أن الأهالى لجأوا لإطعام أبنائهم بملعقة الدروس الخصوصية، بسبب انهيار منظومة التعليم.
"تربوى": 10 أسباب وراء تفشى الظاهرة فى التعليم العام والجامعى.. أهمها "الحفظ والتلقين" وحشو المناهج وكليات القمة ومكتب التنسيق وتكدس الطلاب
أضاف: «هناك 10 أسباب رئيسية أدت إلى انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، أولها ضعف منظومة التعليم وانهيارها على مدار 30 عاماً فى عصر النظام السابق، وكل ما حدث من تطوير لهذه المنظومة كان عبارة عن مسكنات، مفعولها محدد المدة، وللأسف معظمها كانت مسكنات غير فعالة، وثانى الأسباب، يتمثل فى المناهج الدراسية العقيمة، حيث لا يخفى على أحد الحشو المبالغ فيه من المعلومات داخل هذه المناهج، مما جعل طلاب المراحل التعليمية يعتمدون فى دراستهم على الذاكرة والحفظ والتلقين».
"عبدالرحمن": تفعيل دور الدولة فى محاربة وتجريم "السناتر" وسن تشريع لتغليظ العقوبات
واعتبر أن السبب الثالث فى انتشار ظاهرة الدروس، وهو عدم تأهيل المدارس والفصول الدراسية وتجهيزها بالشكل المناسب لاستقبال الأعداد المناسبة من الطلاب، ما نتج عنه ظاهرة التكدس، التى لا يستطيع المعلم معها أن يقوم بدوره داخل الفصل، لافتاً إلى أن جميع فصول المدارس الحكومية لا يقل عدد التلاميذ بها عن 100 تلميذ وهو ما يفقد منظومة التدريس داخل الفصل أهم أركانها. أما السبب الرابع، حسب الخبير، فهو فتح أبواب التدريس لمعلمين غير متخصصين، وغير مؤهلين علمياً وتربوياً واجتماعياً للتدريس، والسبب الخامس بث الفكر المغلوط حول الكليات الجامعية، وتربية الطلاب وتنشئتهم على تفضيل كليات القمة، وهى ما تسمى بظاهرة «الياقات البيضاء» فأصبح الطالب المؤهل وغير المؤهل يرغب فى الالتحاق بكليات القمة، سواء كانت تناسب قدراته المهارية أم لا.
وأوضح «عبدالرحمن» أن من أهم الأسباب أيضاً أن توزيع الطلاب على الكليات مقصور فقط على مكتب التنسيق، دون الاحتكام إلى اختبارات قدرات، وأنشطة ومهارات معرفية ووجدانية لدى الطالب المرشح للكلية، وكذلك إهدار قيمة التعليم الفنى، وعدم الاهتمام به، وتصنيفه على أنه تعليم درجة ثانية، وقال إن السبب التاسع يتضمن قصر تقييم نتيجة الطالب، فى نهاية مراحل الدراسة، من خلال امتحان تحريرى يحصر مجهوده طول العام فى ساعة أو ساعتين فى اختبار يعتمد على الحفظ والتلقين فقط، بعيداً عن الأنشطة والمهارات التى يجب أن تتوافر لدى أى خريج ليكون مؤهلاً لأى وظيفة يلتحق بها، فيما اعتبر أن السبب الأخير هو ضعف المقابل المادى وعدم الاهتمام بالجانب الاجتماعى للمعلم، ومحاربة الدراما له من خلال استخدامه كمادة سخرية والاستهانة بوضعه الاجتماعى «كما حدث فى فيلم غزل البنات».
ورصد د.سليم حلولاً متعددة ومتنوعة للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، أهمها أن تعيد الدولة النظر فى تطوير منظومة التعليم بالاعتماد على الخبراء التربويين، وأساتذة التربية المتخصصين فى علوم التدريس والتربية والتنشئة، وأن يكون اعتماد الدولة فى خطط رسم سياسة التعليم على الأكاديميين المتخصصين.
ويرى أن من أهم الحلول تغيير مفهوم وضع مناهج التعليم ليكون 70% منها معتمداً على الأنشطة والمهارات و30% للمواد التعليمية المعرفية، وإعادة تغيير برامج إعداد المعلم، وذلك من خلال الاعتماد بشكل كلى على خريجى كليات التربية، فضلاً عن زيادة عدد سنوات كليات التربية إلى خمس سنوات، يحصل خلالها الطالب على 30 برنامجاً تربوياً تؤهله لأن يتخرج معلماً قادراً على التعامل مع تلاميذه وطلابه بكل نماذجهم وأنماطهم بالشكل الأمثل.
ويلفت الخبير التربوى إلى أن الحلول تشمل أيضاً إعادة هيكلة دور مكتب التنسيق وآلية عمله، بحيث يكون التنسيق بالدرجات مع إجراء اختبارات قدرات لكل كلية، يتم اختبار قدرات الطالب المرشح لها، كذلك يجب أن تفعل الدولة وجهازها الإعلامى دورهما فى توعية المجتمع والمسئولين بأهمية التعليم الفنى، والإعلاء من قيمته، وتغيير وجهة نظر المجتمع لأطراف منظومة التعليم الفنى، من طلاب ومعلمين، وتحسين الوضعين المادى والاجتماعى للمعلم، وتجريم فتح «سناتر الدروس الخصوصية»، وسن تشريع قانونى يغلظ عقوبة الدروس الخصوصية.