المزيج الغائب بين الرومانسية والموسيقى يعود في "لما بنتولد".. والحياة ببساطتها في "The Father"
العرض الخاص لفيلم «لما بنتولد»
ينطلق شعاع الضوء الأبيض، يقع على الشاشة الضخمة الصماء المقابلة له، وما هى إلا ثوانٍ معدودة لينطلق سحر لم يفقد بريقه، العيون ذاهلة معلقة تتابع ما يحدث أمامها، مزيج من المشاعر وليد تلك اللحظات يخالج المتفرج، ينتزع ضحكاته ودموعه وأفكاره، والليلة الثانية على التوالى، استمر سحر السينما فى الدورة الثالثة من مهرجان الجونة، التى شهدت عرض 22 فيلماً على 6 شاشات مختلفة، ومن أبرز الأفلام التى عُرضت «لما بنتولد» للمخرج تامر عزت، وفيلم «The Father» إخراج كريستينا جروزيفيا وبيتر فالجانوف، المشارك فى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، بالإضافة إلى الفيلم الوثائقى «وراء البحر الغاضب» للمخرج ماركو أورسينى.
«كامل العدد»، هكذا اختار الجمهور استقبال فيلم «لما بنتولد» للمخرج تامر عزت، فى عرضه العالمى الأول، ويُعد الفيلم المصرى الروائى الطويل الوحيد المعروض ضمن المهرجان، لكن فى قسم الاختيار الرسمى - خارج المسابقة، حمل سيناريو الفيلم توقيع السيناريست نادين شمس، التى رحلت قبل أعوام من تصوير الفيلم، وهو ما حول المشروع من فيلم يرغب المخرج فى تنفيذه، إلى فيلم يجب تنفيذه، وذلك كما وضح فى كلمته التى سبقت عرض الفيلم على مسرح المارينا، والتى كشف أيضاً من خلالها عن إهداء الفيلم للسيناريست الراحلة.
«لما بنتولد» تجربة جديدة فى السينما المصرية، قد نقف حائرين أمام تصنيفه فيلماً غنائياً، لكنه لا يعتبر كذلك بالمعنى المتعارف عليه، يقوم أمير عيد، مغنى فرقة «كايروكى»، فى أول تجاربه السينمائية، بدور الراوى فى الفيلم، لكن عن طريق الغناء، بجانب دوره كأحد أبطال القصص الثلاث، التى يدور حولها الفيلم، حيث يعرض حياة 6 شخصيات لا يجمعهم سوى الحب والخيارات المصيرية الصعبة. القصة الأولى أبطالها عمرو عابد وابتهال الصريطى، زوجان متحابان، رغم الظروف المالية الصعبة، فـ«أمين»، يقوم بدوره عمرو عابد، الذى يعمل فى صالة رياضية هو العائل الوحيد لأسرته المكونة من والدته وجده وشقيقه، بالإضافة إلى زوجته، وأمام الحاجة والعوز يجد نفسه مضطراً إلى الرضوخ وقبول صفقة تقتضى إقامة علاقات جنسية مع سيدات لديهن ظروف خاصة مقابل مبلغ من المال، فى القصة الثانية تقع الفتاة المسيحية «فرح»، سلمى حسن، فى حب الشاب المسلم «أسامة»، صدفة صغيرة تخلق بينهما مشاعر كبيرة، وأمام رفض المجتمع تواجه قصة الحب حكم الإعدام، ليكون الحل الوحيد أمامهما هو السفر والزواج فى الخارج، لكن تتراجع «فرح» فى اللحظة الأخيرة.
أما القصة الثالثة فهى لـ«أحمد»، الذى يقوم بدوره أمير عيد، شاب من أسرة ثرية يدير الشركة المملوكة لوالده رجل الأعمال، وفى الوقت نفسه مفتون بالموسيقى والغناء، اللذين يجد فيهما قيمته الحقيقية، وأمام رفض والده ما يفعله، لا يسعه سوى التمسّك بحلمه، وعندما يتلقى عرضاً من فرقة عالمية بالعزف معهم فى جولة موسيقية تستمر عاماً، يجد نفسه مضطراً إلى اتخاذ قرار صعب بالسفر وترك والده.
لا يعطينا الفيلم إجابات حاسمة فى النهاية، هل سيترك «أمين» العمل فى الدعارة؟ هل ستخاطر «فرح» بالزواج من حبيبها وتتحمل جميع العواقب؟ هل سيسافر «أحمد» بالفعل؟ كل تلك الأسئلة ستدور فى ذهنك بعد ما يقرب من ساعتين هى مدة عرض الفيلم، لكن من الأكيد أن الفيلم يقدّم مزيجاً سينمائياً مختلفاً لنوع غائب عن السينما المصرية من سنوات طويلة وسط أفلام المطاردات وتجارة المخدرات، كان بمثابة نسمة هواء رقيقة وسط حر أغسطس الحارق، رومانسية ومشاعر جميلة فى قالب غنائى مميز.
«وما الحياة إلا مربى سفرجل»، أمام الخيارات الصعبة التى يواجهها أبطال «لما بنتولد»، نصطدم ببساطة الحياة فى مواجهة تعقيداتها فى الفيلم البلغارى «The Father»، المشارك فى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بالمهرجان، وحصل على جائزة الكرة الكرستالية من الدورة الـ54 من مهرجان كارلوفى فارى السينمائى، تدور الأحداث حول «فاسيل»، الذى يفقد زوجته، لكنه لم يتقبل الأمر، فهناك أمور بينهما لم يتم تسويتها، فقبل وفاتها فى الجراحة التى خضعت لها حادثته على الهاتف لتقول له أمراً مهماً، لكن بطارية هاتفه نفدت تماماً، ولم يتمكن من معرفة تلك الرسالة.
إيمان «فاسيل» بالروحانيات خاصة بعدما قالت له جارته إن زوجته المتوفاة قد حدثتها على الهاتف من العالم الآخر، جعله يبحث عن طريقة ليعرف مضمون رسالتها الأخيرة، وفى الوقت نفسه يحاول نجله منعه من تلك التصرفات المجنونة من وجهة نظره، فهو أيضاً ينتظر طفلاً جديداً، ويرغب فى الوجود مع زوجته الحامل، والتى أخفى عنها خبر وفاة والدته، بسبب توترها فى فترة الحمل، ويتضح أن هناك أموراً عالقة بين الأب والابن أيضاً، وفى النهاية يعرف الأب أن زوجته كانت ترغب فى صنع مربى «السفرجل» فقط، حيث أشار مخرج الفيلم فى كلمته قبل العرض إلى أن الأحداث عن قصة حزينة، لكن حس الفكاهة فى الفيلم كان ضرورياً، ليُخفف وطأتها، وفى عرض آخر «كامل العدد»، عرض الفيلم الوثائقى «وراء البحر الغاضب»، فى قسم الاختيار الرسمى خارج المسابقة، وهو الفيلم الذى تتبع رحلة عمر سمرة وعمر نور فى عبور المحيط الأطلنطى فى قارب تجديف، والأخطار التى تعرضا لها فى تلك الرحلة، والتى يواجهها أيضاً المهاجرون غير الشرعيين.