إذا كنت تريد أن تكون «معارضاً وطنياً» شريفاً وفاعلاً للرئيس السيسى، فلا تقف فى الطابور الذى يضم فيلقاً من الأرزقية، والنصابين، وأثرياء الجيل الرابع من مقالات الرأى، ونفايات 25 يناير من «دلاديل» عصابة الإخوان.
لا تضع كتفك فى محاذاة معارضين مغرضين، لقطاء سياسياً، مثل «حرامى الروايات» علاء الأسوانى، والعلّامة «الهوليوودى» عصام حجى، ووجه السلطعون الأكاديمى حسن «مش نافعة»، و«الفُقَهى» الدستورى (بضم الفاء وفتح القاف) محمد ظلام فتاكات، وبرميل الغائط بلال فضل، وغيرهم كثيرون ممن يعارضون كل شىء وأى شىء، حتى ورنيش حذاء الرئيس: صحفيون وصحفيات يعوضون فشلهم المهنى بمواقف معادية للدولة والرئيس، وعلاقتهم بالمهنة تبدأ وتنتهى عند سلم النقابة.أنصاف وأرباع مثقفين يناضلون فى بارات وسط البلد المعتمة، وليس فى جيوبهم ثمن زجاجة البيرة التى يطفحونها. وقد ينضم إلى هؤلاء وأولئك موظفون فى بنوك أو شركات خاصة يعانون من الغلاء ويطمحون إلى حياة معيشية أفضل.هؤلاء فى أعماقهم كذّابون وانتهازيون وجبناء، لأنهم يعرفون جيداً أنه لا بديل الآن عن السيسى، وأن مصر لن تتحمل ولن تسمح بأن تحكمها حناجر أو خوابير حشيش أو مقالات رأى مسروقة. ويعرفون أيضاً أن المواطن الغلبان عبء ثقيل، ومسئول عن الكثير من أسباب صعوبة ظرفه المعيشى، وإذا انفجر سيحرقهم ويحرقنا حتى لو كنا جميعاً فى بروج مشيدة.
لا تعوّل أبداً على أن نقد الرئيس وتجريحه وتشويه مشروعه السياسى والاقتصادى والاجتماعى سيغير أحوال مصر والمصريين إلى الأحسن. هذا ما يفعله خرتية المعارضة وكلابهم المسعورة على «تويتر» و«فيس بوك». هؤلاء لا يسمعهم أحد ولا أحد يحترمهم أو يقيم لهم وزناً: لا الرئيس الذى يعرف أنهم لا يحبونه ولا يقدّرون أن مصر - جيشاً وشعباً - تخوض حرباً شرسة ضد أعداء حقيقيين وكثر، ولا المواطن الغلبان الذى يتاجر هؤلاء المعارضون بـ«غلبه»، ويحرضونه ليل نهار - بالكلام التخين حيناً، وبلغة تويتر وفيس بوك المبتذلة حيناً آخر - على النزول إلى الشوارع والميادين، والمطالبة بإزاحة السيسى وطربقة المعبد على رؤوسنا.
لا تعارض الرئيس كما يعارضه هؤلاء الأنطاع المغرضون الذين يحسبون أنفسهم نخبة وهم تجار ثورات، ولا تنخدع فى خوفهم عليك ورثائهم لأحوالك المعيشية الصعبة. هؤلاء هم الذين يكتبون لك الشعار ويشترون لك قماش اللافتة ووجبات الـ«تيك أواى» وعلب العصير وزجاجات المياه المعدنية. وساعة المواجهة.. يدفعونك إلى جحيم أشد قسوة مما تخيلت، ويهوّنون عليك الأمر بالغناء: «يمكن تلقى الغلابة فى أول الصفوف»، وقد يبلّغون جمعيات حقوق الإنسان عن اختفائك القسرى. فى النهاية هم الذين يقبضون ثمنك، ويستخدمونك وقوداً لمقالات رأى ولقاءات مع وفود أجنبية وناشطين أوروبيين وأمريكيين، بينما أهلك يبحثون عنك متوسلين، نادمين.
لا تعارض كهؤلاء: تنتقد الرئيس وأنت لا تعرف ولا تريد أن تعترف بحجم المسئولية الملقاة على عاتقه. لا تكن جاحداً وتتجاهل وقفته فى 3 يوليو ليمنع عنك وعن كل شرفاء مصر عاصفة حرب أهلية، كان ممكناً أن تحولك إلى لاجئ يتسول جركن مياه وكرتونة مواد غذائية وينام فى خيمة على حدود أصبحت كالحزام الناسف. وأنت كمصرى لست مجبولاً على مثل هذه المعاناة وتلك المهانة.
لا تشكك فيما أنجز الرئيس، ولا تكن بغبغاناً يردد أباطيلهم وسخرياتهم الغبية: «استفدنا إيه من عاصمة إدارية وشبكة طرق وقناة سويس وتأمين صحى وخلافه!». هؤلاء الأنطاع، حلفاء عصابة الإخوان، الذين يسمون أنفسهم «معارضة وطنية»، ليسوا معارضين ولا وطنيين ولا يحزنون. يعتقدون فقط أن إزاحة الرئيس، أو على الأقل «تخويفه» والضغط عليه، سيحل المشكلة، وهم أكثر الناس دراية بأن الرئيس لن يتركها ولا يخاف من أمثالهم، لأنه رجل عسكرى. وإذا سألتهم: من البديل إذن؟. سيناورون: نحن لا نريد إزاحته بصورة نهائية. نحن نريد «سيسى» بمواصفاتنا.
الحقيقة أنهم لا يريدون أى «سيسى» فى الحكم، لأنهم من البداية تحفظوا أو رفضوا ترشحه للرئاسة، رغم اعترافهم بأن هذا حق الملايين التى ملأت الشوارع والميادين فى 30 يونيو. قالوا إن من الأفضل أن يظل وزيراً للدفاع: «سيكون بطلاً شعبياً». كانوا ينطلقون فى تفضيلهم هذا من رفض الحكم العسكرى، ويستقوون فى رفضهم بالوهم الذى أنعشته «25 يناير»، وهو إنهاء 60 عاماً من حكم الضباط. لكنهم وقعوا فى مأزق. فـ«ضابط الجيش» هو الذى أنقذ بقرتهم المقدسة (25 يناير) من عصابة الإخوان التى تلاعبت بهم وأذلت أعناقهم. كما أن هذا الضابط يستند إلى شعبية جارفة، ليس من الحكمة أو البطولة إنكارها أو تحديها إذا كانوا بالفعل يحترمون إرادة هذا الشعب.
الآن.. بدأت شرائح من المصريين تئن تحت وطأة الغلاء، فانتفخت عروق هؤلاء المعارضين، ورفعوا برقع الخوف والحياء عن وجوههم القبيحة، وتحولوا إلى كلاب مسعورة. هل تريد أن تكون معارضاً كهؤلاء؟. هل تريد الثورة أم الدولة؟. هم يريدون الثورة بكل ما يتبعها من خراب ودمار، ويريدون جرّك إلى هذه المأساة، فاسمع نصيحتى واسألهم: تاخدوا كام وتبقوا «معارضة وطنية»؟!