بعد جائزة أسد فينيسيا.. ستموت فى العشرين ينتظر نجمة "الجونة السينمائى"
مشهد من فيلم «ستموت فى العشرين»
فى إحدى القرى السودانية المطلة على شاطئ النيل انطلقت القصة التى استحق صاحبها جائزة «أسد المستقبل» من الدورة السابقة لمهرجان فينيسيا السينمائى، بعد سنوات طويلة من البحث عن تمويل استطاع المخرج أمجد أبوالعلا إنجاز فيلمه الروائى الطويل الأول والسابع فى تاريخ السينما السودانية، والذى كان بمثابة ثورة فنية تندلع تزامناً مع ثورة سياسية فى البلاد، وبعد جولة فى مهرجانات السينما العالمية، يشهد مهرجان الجونة العرض العربى الأول لـ«ستموت فى العشرين»، المشارك فى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة.
أحداث الفيلم مأخوذة من القصة القصيرة "النوم عند قدم الجبل" للكاتب السودانى حمور زيادة
فى أحداث مأخوذة عن القصة القصيرة «النوم عند قدم الجبل»، للكاتب السودانى حمور زيادة، قرر «أبوالعلا» صياغة فيلمه، حول نبوءة تحكم بالإعدام على صاحبها لمدة 20 عاماً وهو على قيد الحياة، عند ميلاد بطل الفيلم يتنبأ أحد الشيوخ أنه سيموت عندما يصل للعشرين من عمره، وتتبع الأحداث حياة «مزمل» الخالية من الحياة، حتى يصل للقرية من سيغير حياته للأبد.
بعد 18 عاماً من إخراج أول أعماله الروائية القصيرة التى وصل عددها إلى سبعة أفلام، قرر المخرج أمجد أبوالعلا خوض أولى تجاربه الروائية الطويلة، قائلاً لـ«الوطن»: «ولكن البداية كانت عندما قرأت القصة المأخوذ عنها الفيلم، حيث وقفت العمل على فيلم كنت أعمل عليه باسم (كلاب الخرطوم) بالرغم من وصولى إلى مرحلة متقدمة فى العمل عليه، حتى أبدأ المشروع الجديد لأنه أسرنى، وكانت تلك هى التيمة التى أرغب فى الحديث عنها، خاصة أنى قرأتها فى الطائرة وأنا مسافر لحضور عزاء جدتى، ولفت نظرى طريقة تعامل السودانيين مع الموت، ولدى ذكريات كثيرة فى هذا النطاق كنت نفسى جزءاً منها».
أمجد أبوالعلا: التحضير للفيلم استمر 3 سنوات وجاء التصوير فى ثلاث قرى فى مدينة "مدنى" السودانية
وعن صعوبة إنتاج فيلم فى دولة لا يوجد بها صناعة للسينما، أوضح مخرج «ستموت فى العشرين»: «التحضير للفيلم استمر 3 سنوات، ودون الإنتاج المشترك لم يكن سيظهر فيلم سودانى للنور، والإمكانيات المتاحة تقتصر على الأعمال التليفزيونية، ولكنى كنت أبحث عن مستوى معين فى تنفيذ فيلمى، وبالتالى كان المنقذ الوحيد بالنسبة لى هو الإنتاج المشترك، وبالفعل تم تصوير الفيلم فى ثلاث قرى فى مدينة مدنى بالسودان».
اختار المخرج من خلال الفيلم أن يلقى الضوء على السلطة داخل المجتمع بمختلف أشكالها، قائلاً: «سواء السلطة الدينية أو الاجتماعية أو حتى سلطة الفرد، وكانت (سكينة) هى التى تقوم بتنفيذ كل تلك السلطات على نجلها (مزمل)، دون أن يطلب منها ذلك، ولكنها كانت مستمتعة بكونها الضحية والدة الطفل المحكوم عليه بالموت فهى أيضاً منعت عنه الحياة ولم تكن النبوءة فقط، الفيلم نقل صورة واقعية عن جزء من المجتمع السودانى فى الممارسات المبالغ فيها والإيمان بشيوخ الصوفية، أنا أحب أدب الصوفية وأحتفى بكل تفاصيله بالألوان والموسيقى، ولكن فى الوقت نفسه وضعت الجانب السلبى كمرآة فى وجوه المجتمع».
وعن النهاية التى اختارها للفيلم، أوضح «أبوالعلا»: «المهم فى النهاية أن يخرج (مزمل) من الصندوق الذى عاش فيه طوال حياته، حتى لم يخبر والدته أن النبوءة لم تتحقق وأنه ما زال على قيد الحياة، الفيلم به نفس الثورة، كأن (مزمل) هو السودان الذى يجب أن يخرج من صندوق النظام، ولكن الصدفة كانت أن أول أيام تصوير الفيلم هو كان أول شرارة لاندلاع الثورة، وبعد المونتاج اندلعت المرحلة الأكبر من الثورة».
وأشار أمجد أبوالعلا إلى أن جائزة «أسد المستقبل» كانت بمثابة حلم، متابعاً: «خبر مشاركة الفيلم فى مهرجان فينيسيا لم يكن مخيفاً بالنسبة لى، ولكن الحصول على الجائزة كان مفاجأة عظيمة وكنت سعيداً بها للغاية، والناس أيضاً كانت سعيدة بالجائزة حيث تلقيت مكالمة هاتفية من وزير الثقافة السودانى، ولكن فى الوقت نفسه أنا لست من الشخصيات التى تشعر بالقلق بعد تلك التجربة وتفكر كثيراً فى الخطوات المقبلة، أنا لن أقدم سوى الشىء الذى أحسه ويحركنى، وسأظل أحكى حكايات دون التفكير فى جوائز، وكنت سعيداً بعرض الفيلم فى مهرجان تورنتو أيضاً التى بها نسبة كبيرة من السودانيين وبالتالى العرض كان بمثابة اختبار لكيفية استقبال الجمهور السودانى للفيلم، وأتطلع أن يشاهد السودانيون الفيلم ولكن لدينا أزمة فإن معظم دور العرض السينمائى مغلقة منذ سنوات طويلة».
مصطفى شحاتة: حصلت على ورشة تمثيل قبل شهر من التصوير.. وأعتبر نفسى محظوظاً بالمشاركة فى فيلم مهم للسودان
لم يكن «ستموت فى العشرين» هو التجربة الأولى بالنسبة لمخرجه فقط، بل لبطله أيضاً مصطفى شحاتة الذى يخوض أولى تجاربه السينمائية فى الفيلم، مؤدياً دور «مزمل»، قائلاً: «تقدمت لتجربة أداء للدور التى كانت الأولى أيضاً بالنسبة لى، حيث أخبرنى أحد أصدقائى الذى يعلم حبى للتمثيل عن موعد تجارب الأداء، وبالفعل تقدمت لها والأمر كان مجرد تجربة بالنسبة لى، وقابلت المخرج أمجد أبوالعلا وتحدث معى فى النص وأداء بعض المشاهد والحوارات من السيناريو، وبعد فترة طويلة تلقيت مكالمة هاتفية منه وتقابلنا وأخبرنى عن مدى ضخامة المشروع وأهميته للسودان قبل أن يخبرنى أنه وقع اختياره علىّ لأداء الدور، وأعتبر نفسى محظوظاً بالمشاركة فى الفيلم».
وأشار «شحاتة» إلى أنه حصل على ورشة فى التمثيل مع الفنانة سلوى محمد على، متابعاً: «كان ذلك قبل شهر من تصوير الفيلم، على مدار أسبوعين، عملت على تطوير أدائنا بشكل كبير، بالإضافة إلى اهتمام خاص مع المخرج، حيث طوال الوقت يرشح لى أفلاماً أشاهدها».