​

حارب ضد الجزائر كجندي في جيش بلاده، خلال خمسينات القرن الماضي، ارتبط بصداقة قوية بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وقد عارض بشدة غزو عراق، وتسبب هذا في اضطراب العلاقات بين باريس وواشنطن.. ولعلاقاته المتينة ببعض الدول والزعماء العرب لُقب بـ"شيراك العرب"، إنه الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك الذي يواري الثرى جسده، اليوم، قرب ابنته الكبرى "لورانس"، التي توفت في 2016.

شارك في حرب الجزائر.. وديجول قدوته في عالم السياسة

ولد جاك ريني شيراك عام 1932، كان والده مصرفي كبير قبل أن يعمل في وقت لاحق مديرًا لشركة "داسولت" للطائرات، والتحق بالمدرسة الوطنية للإدارة، وهي إحدى المدارس البارزة في فرنسا، وكان يفكر في اعتناق الفكر الشيوعي والسلمي المناهض للحروب، وفقًا لموقع الإذاعة البريطانية "BCC".

 

خدم جاك شيراك في الجيش الفرنسي، خلال الحرب التي دارت بين بلاده والجزائر عام 1954، وأظهر إعجابا بالجنرال شارل ديجول الذي ألهمه للدخول إلى الحياة السياسة العامة.

أوائل الستينيات أصبح شيراك مساعدا لرئيس الوزراء جورج بومبيد، الذي جعله يسير في أول طريق السياسة حتى عُين وزير بلا حقيبة عام 1967، وبدأ في تأسيس حزبه الخاص أطلق عليه "حزب الاتحاد لحركة شعبية".

"بونابرت الحربائي".. أحد ألقاب الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك

كان أحد ألقاب جاك شيراك هو "بونابرت الحربائي"، لأن مواقفه كانت تتغير من وقت إلى آخر، فبعد أن كان مهاجما للاتحاد الأوروبي، أصبح واحدا من أهم مؤيدي الوحدة الأوروبية.

وبعد أن كانت تعليماته بإجراء تجارب نووية في المحيط الهادي، أصبح نصيرا للبيئة، ما جعل وزير البيئة السابق بريس لالوند يؤكد أن "شيراك يلتهم أفكار الجميع".

بسبب علاقته بالعرب.. صحفيان يطلقان على جاك شيراك "شيراك العرب"

كان جاك شيراك يريد أن يضع علاقته كرئيس فرنسي مع العرب في قالب وصف بأنه "عاطفي وإنساني"، وقد كانت محل جدل العالم، حتى أن الصحفيان الفرنسيان أريك آيشمان، وكريستوف بولتانسكي، المحرران بصحيفة "ليبراسيون" ألفا كتاباً بعنوان مثير للجدل أطلقا عليه "شيراك العرب".

تناول الصحفيان، خلال الكتاب، العلاقة غير البريئة بين المسؤول الأوروبي الذي يقوم بخداع أو استغلال الأطراف الأخرى من أجل المصالح العليا، وفقًا لما ذكره موقع "العربية".

شيراك يدعم القضية الفلسطينية ويدعو للسلام في المنطقة

كانت علاقة الرئيس الفرنسي الأسبق بالرؤساء العرب تميل إلى الارتباط القوي، حتى أن الكتاب السابق وصف شيراك بأنه "لا يحب الغرب، ومأخوذ بالغرب".

ووفقًا للدبلوماسية الفلسطينية ليلى شهيد، التي عملت سفيرة لبلادها في الاتحاد الأوروبي خلال عهد الرئيس جاك شيراك، فإنه أضاء الكثير بسبب مواقفه التي انحازت إلى الجانب الفلسطيني.

ففي 2007 دعا شيراك المجتمع الدولي إلى إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وإيجاد حل دائم وشامل للقضية، من خلال وضع خارطة الطريق، وفقًا لما نقلته إذاعة "فرانس إنتر" الفرنسية التي استشهدت بحب العرب للرئيس الراحل، بإطلاق اسمه في مدينة رام الله شمال القدس في غزة.

جاك شيراك يصف صدام حسين بـ صاحب النخوة.. ويعارض غزو العراق

ربطت صداقة خاصة بين جاك شيراك وصدام حسين، حث التقيا أكثر من مرة، حتى أن الرئيس الفرنسي عندما كتب سيرته الذاتية، أفرد لعلاقته برئيس العرق فصلا كاملا تحدث خلاله عن مرات الزيارة، ووصفه بأنه "صاحب نخوة".

ومن أشهر المواقف التي جمعت الرئيسان، دعوة عشاء قدم خلالها الرئيس العراقي طبق "المسكوف" أشهر أطباق بلاد الرافدين لنظيره الفرنسي، وهو أحد أنواع السمك، وعندما ظهر إعجاب جاك شيراك بهذا الطبق، قام صدام بتجهيز حوض سمك طازج من شط العرب وطاقم من أمهر الطهاة، كهدية شخصية للرئيس الفرنسي.

وعندما أعلن الرئيس الأمريكي، جورج بوش، في 2003 عن غزو العراق، هب الرئيس الفرنسي للدفاع عن صديقه، وكتب خطابا تحدث فيه عن مآسي الحرب، وقد تسبب هذا الموقف في توتر العلاقات بين واشنطن وباريس لفترة.

أول رئيس مدني يُحاكم بعد الحرب العالمية الثانية.. وحكم عليه بالسجن

يعد الرئيس الفرنسي جاك شيراك، أول رئيس مدني في العالم يخضع للمحاكمة والإدانة منذ الحرب العالمية الثانية، وكانت تهمته تبديد المال العام، وحكم عليه بالسجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ في 15 ديسمبر 2011.

خلال الـ18 عاما التي شغل خلالها شيراك منصب عمدة باريس، اتهمته الصحافة المحلية باستخدام أموال المدينة لدفع نفقات حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، بالإضافة إلى تكلفة عطلات أسرته التي كانت تدفع بأموال "سائلة".

وأكدت تقارير إعلامية أن المبالغ التي أنفقت على الأطعمة والمشروبات في منزل جاك، كانت تقدر بآلاف الدولارات أسبوعيًا، وفقًا لتقرير موقع "CNN".