من عمرو بن العاص إلى الأزهر والحسين والحاكم بأمر الله: "لكل مسجد مريدون"
أروقة الأزهر المكان المناسب لمراجعة الدروس وتلقى العلوم الشرعية
لكل مسجد منها طقوس دينية خاصة تميزها عن غيرها، حيث يذهب البعض إلى المساجد إما لزيارة الأضرحة أو بغرض الدراسة، أو السياحة.
أكبر المساجد التاريخية فى مصر مسجد عمرو بن العاص، بنى ليكون رمزاً لسماحة الإسلام، واختار عمرو بن العاص قطعة أرض بجوار كنيسة مارجرجس، ومعبد يهودى، ليقيم عليها مسجده، الذى يعد باكورة المساجد فى أفريقيا، وحمل اسمه حتى الآن، وصمم على طراز معمارى ضخم، جدرانه من الحجر، وأرضياته وأعمدته من الرخام الأبيض، يحوى بداخله صحناً كبيراً، يتوسطه عدد من الصنابير، يلجأ إليها الزوار للشرب والوضوء.
«أنا على المعاش وما عنديش حاجة أعملها، وبحب آجى جامع عمرو لأنه بعيد شوية عن بيتى، بتعب شوية فى المشى لكن عشان آخد ثواب أكبر»، جملة بادرنا بها قرنى عبدالرازق، 86 عاماً، أحد سكان منطقة مصر القديمة، وهو جالس على كرسى بلاستيك بجوار أحد أعمدة المسجد الرخامى، ليقضى يومه فى الصلاة داخل جامع عمرو بن العاص، حيث يحضر فى الحادية عشرة صباحاً، لأداء صلاة الظهر ويبقى فى المسجد حتى العشاء، وبعد ذلك يتوجه إلى منزله، مضيفاً أنه يشعر براحة كبيرة عند زيارته للمسجد.
على بعد أمتار قليلة من «قرنى»، جلس عبده عبدالحميد، 70 عاماً، بلحية بيضاء، على أحد المقاعد الخشبية التى وضعت بشكل متفرق داخل المسجد، وهو من سكان مصر القديمة، واعتاد منذ 6 سنوات زيارة جامع عمرو بن العاص يومياً لأداء الصلاة، وقال: «من يوم ما طلعت على المعاش وأنا باجى أصلى هنا، الشعور مختلف فى الصلاة هنا فى مكان أرضه طاهرة لأنه دخله أكتر من صحابى».
"قرنى": بقضى يومى هنا.. "أسماء": بحضر دروس "فاطمة": بزور المقام
سياج حديدى تتوسطه بوابة كبيرة مفتوحة على مصراعيها، يجلس أمامها فرد أمن، تقود إلى درجات سلم رخامية ثم ممر ضيق، على يمينه أرفف خشبية مخصصة لوضع أحذية الزوار، وعلى اليسار امرأة تجلس على مقعد خشبى وبجوارها مجموعة من الملابس، تعطيها للزائرات غير المحجبات، وينتهى الممر إلى ساحة رخامية كبيرة، تنتشر داخلها أفواج سياحية، ويختلط بهم عدد من طلاب جامعة الأزهر، هكذا بدا الحال داخل مسجد الأزهر الذى يعد قبلة للأفواج السياحية والطلاب، وتُلقى داخله دروس الفقه والشريعة.
داخل ساحة المسجد، جلست أسماء فضل، 40 عاماً، طبيبة بيطرية، من سكان منطقة العتبة، جاءت لحضور دروس «رواق العلوم الشرعية»، التى يدرسها عدد من أساتذة جامعة الأزهر، ضمن مجموعة من السيدات، اللاتى كرسن وقتهن للأزهر، وقالت: «باجى الجامع 3 أيام فى الأسبوع، عشان أحضر دروس مع علماء الأزهر»، مضيفة: «بحضر من 9 الصبح إلى 2 الضهر، والدروس دى رجعت لى رغبتى فى الدراسة بالأزهر، بعد ما قضيت عمرى كله بدرس فى التعليم العام».
فى الجهة المقابلة لرحاب مسجد الأزهر، حيث الهدوء والسكينة، يوجد مسجد وضريح «الإمام الحسين»، الذى يشتهر بكثرة مريديه الذين يأتون إليه من مختلف المناطق لزيارة الضريح.
«مدد يا ابن بنت النبى».. قالتها فاطمة محمود، 43 عاماً، ربة منزل، من سكان منطقة فيصل، أمام البوابة التى تنتهى بمقام «الإمام الحسين»، بعد أن أدت صلاة الظهر داخل المسجد، إذ اعتادت على زيارته من حين لآخر، وقالت: «بحب آجى الحسين كل فترة عشان أزور المقام، وأصلى وأدعى ربنا، لإنى مهما أكون مخنوقة بخرج من هنا مرتاحة».
بجوار السياج الحديدى المحيط بضريح «الإمام الحسين»، جلست نهى على، شابة فى أواخر الثلاثينات، من سكان منطقة العتبة، ممسكة فى يدها مصحفاً تتلو منه بعض السور القرآنية، وبجوارها ابنتها 7 سنوات، تقول: «جامع الحسين مختلف عن أى جامع تانى، له روحانيات مختلفة، وأكتر مسجد برتاح فيه، وبجيب بنتى معايا كل مرة، عشان أربى فيها حبها للمساجد التاريخية، وبقت هى اللى تطلب منى إنها تيجى».
مبنى ضخم له طراز معمارى فريد، تتوسطه بوابة خشبية كبيرة، يتم الصعود إليه بواسطة درجات سلم رخامى، توجد خلفه ساحة كبيرة من الرخام الأبيض، يطل على أربع جهات مخصصة للصلاة، أرضه مغطاة بسجاد أخضر، يبدو عليه من الداخل ملامح التطوير والترميم، لأن السقالات والصنايعية، ما زالوا موجودين ويفتح أمام الزوار قبل كل صلاة بدقائق معدودة، هكذا بدت الصورة داخل مسجد الحاكم بأمر الله، فى نهاية شارع المعز.
«مسجد الحاكم من أكثر المساجد هدوءاً، ويعتبر مكان سياحى أكتر منه مكان دينى»، هكذا بدأ عبدالعزيز مصطفى، 38 عاماً، موظف، حديثه عن المسجد، وقال: «سمعت كتير عن جامع الحاكم لكن أول مرة أزوره»، وصل «عبدالعزيز» إلى المسجد فى الثانية ظهراً فوجد الباب مغلقاً، فطرقه لكن أحد العاملين بالمسجد أخبره أن المسجد سيفتح قبل أذان العصر بـ10 دقائق، وأضاف: «فضلت قاعد قدام الباب لحد العصر، ودخلت اتصورت أنا وعيلتى فى المسجد، وصلينا العصر ومشينا».
«المرمر أو الألباستر»، اسم أطلق على مسجد محمد على بالقلعة، لكثرة استخدام هذا النوع من الرخام فى تكسية جدرانه، وهو أحد المساجد الأثرية الشهيرة، الذى يتجه إليه زواره من كل مكان بالعالم، بجانب البوابة الرئيسية للمسجد، يستقر مقام «محمد على»، المبنى على طراز معمارى يميزه عن غيره من الأضرحة.
"يوسف": بشوف مصر كلها
فى أحد أركان مسجد محمد على بالقلعة، جلس يوسف حسن، ٢٩ عاماً، محاسب، من سكان السيدة عائشة، جاء لزيارة القلعة والمسجد، مصطحباً معه زوجته، وقال: «أنا جيت المسجد والقلعة قبل كده، لكن زوجتى أول مرة تزورهم، واتبسطت جداً بالزيارة»، مضيفاً أنه جاء ليصلى داخل المسجد، ومن ثم يخرج إلى القلعة لالتقاط بعض الصور التذكارية له ولزوجته: «المنظر هنا بيخلى الواحد شايف مصر كلها، والمسجد هنا بيزوره سياح ومصريين كتير، لأنه من أشهر المعالم السياحية فى مصر».