قصة "مليار دولار" أنتجت مدرعات حربية وطائرات على أرض الكنانة
الرئيس الراحل أنور السادات مع الشيخ زايد
لم يكن يوم 29 أبريل 1975، وبعد قرابة عامين من نصر أكتوبر المجيد، يوماً عادياً فى تاريخ مصر، إذ شهد أول اتجاه للتكامل العربى فى تأسيس صناعة المعدات والمنتجات الحربية فى المنطقة، وهو الحلم الذى أسفر اليوم عن التصنيع والتأمين الفنى لمدرعات وطائرات وغيرها على أرض مصر، وسط محاولات لإحياء التكامل العربى مرة أخرى فى هذا الصدد، تأميناً للمصالح القومية لدول وشعوب المنطقة.
وتنفرد «الوطن»، بنشر نص الاتفاق الكامل بين 4 قادة عرب يتزعمهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى عُقد يوم 17 ربيع الآخر عام 1395 هجرياً، الموافق 29 أبريل 1975، والذى تضمن التوقيعات بخط يد القادة العرب الأربعة بهدف إنشاء قاعدة صناعية عسكرية كأحد أوجه التضامن والتكامل العربى عقب حرب أكتوبر المجيدة، للوفاء بحاجة البلدان العربية من تلك الصناعات.
واستقر كل من الرئيس الراحل أنور السادات، مع حكام دول الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، على إنشاء «الكيان الصناعى»، الذى اختار القادة مُسمى «الهيئة العربية للتصنيع»، اسماً له، ليوقعوا على الاتفاق من 4 نسخ أصلية سُلمت لكل دولة، مع إيداع صورة طبق الأصل منها لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
إحدى ثمار نصر أكتوبر المجيد.. اتفاق بتوقيع "السادات" و"زايد" و"خالد" و"خليفة" أسس قاعدة لـ "صناعات متقدمة"
ونجحت الدول الأربع فى بناء كيان مستقر للهيئة التى تمتلك حالياً نحو 14 مصنعاً، وشركة تعتبر رائدة فى مجالاتها المختلفة، فهى فى مجالات التصنيع والتأمين الفنى لعدد من الصناعات الدفاعية والمدنية، منها المدرعات، والطائرات، وغيرهما من الاستخدامات المختلفة، إلا أنه عقب اتجاه الدولة المصرية لإقرار معاهدة سلام مع «إسرائيل»، أصدرت دول الإمارات، والسعودية، وقطر، بياناً رسمياً فى 14 مايو 1979، بحل الهيئة، إلا أن الحكومة المصرية أصدرت قانوناً برقم 30 لعام 1979 بعد «البيان الثلاثى» بأربعة أيام يقضى باستمرار الشخصية الاعتبارية للهيئة، واضطلاع المصريين بالسيطرة التامة على جميع أجهزتها الإدارية.
"التوقيت": بعد نصر أكتوبر بعامين
وحسب اتفاقية أخرى عقدت بين الدول الأربع عام 1994؛ فإن مصر أصبحت مسئولة عن أى التزامات على «العربية للتصنيع»، ومقابل ذلك التزمت الدول العربية الثلاث بالتنازل عن كامل أنصبتها فى الهيئة لمصر، ثم أصدر رئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك قراراً جمهورياً رقم 219 لسنة 1994 بالموافقة على الاتفاقية فى يوم 14 سبتمبر 1994، ونشر القرار فى الجريدة الرسمية لتكون له قوة القانون، كما أصدر الرئيس الأسبق قراراً جمهورياً رقم 326 لسنة 1994 باستمرار عمل «الهيئة» فى مزاولة أنشطتها، واستمرار عمل الهيئة وفقاً لـ«نظامها الأساسى»، ومجلس إدارتها، وهيئتها العليا وقت إصدار القرار، وهو ما يفتح الباب لعودة الدول العربية إلى «الهيئة» مرة أخرى حال اتفاقها على ذلك.
"الهدف": تأمين المصالح القومية العربية
وتأتى «اتفاقية تأسيس الهيئة العربية للتصنيع» فى 16 مادة، وجاء نصها كالآتى:
«حضرة صاحب الفخامة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وصاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية، وحضرة صاحب السمو أمير دولة قطر، وحضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية مصر العربية.. رغبة منهم فى بناء قاعدة صناعية داخل الوطن العربى تكفل الوفاء باحتياجات الدول العربية فى مجال الصناعات المتقدمة، وتوثيقاً للمودة والأخوة، وتأكيداً لروابط التعاون المشترك بين الدول العربية، وتأميناً لاستخدام الموارد العربية فى تحقيق النفع الاقتصادى والمصلحة القومية للوطن العربى قد اتفقوا على ما يلى:
المادة الأولى: تنشأ وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية هيئة تُسمى «الهيئة العربية للتصنيع»، وتكون لها الشخصية القانونية، وكافة الحقوق والصلاحيات لتقوم بأعمالها فى الدول الأطراف، وتتمتع هذه الهيئة بالاستقلال المالى والإدارى الكامل، ولا تخضع لقوانين الدول الأطراف، وأنظمتها، كما يكون لها حق التملك، والتصرف، والتقاضى على الوجه المبين فى نظامها الأساسى.
المادة الثانية: تهدف الهيئة العربية للتصنيع إلى بناء قاعدة صناعية عربية تكفل إقامة، وإنماء، وتطوير الصناعات المتقدمة، وتحقيق المصالح المشتركة للدول العربية المساهمة فيها على أسس فنية، واقتصادية سليمة، وذلك على الوجه المبين فى النظام الأساسى للهيئة.
المادة الثالثة: يكون المركز الرئيسى للهيئة مدينة القاهرة بجمهورية مصر العربية، ويجوز لمجلس إدارتها أن ينشئ فروعاً لها إدارية وصناعية فى أراضى الدول الأطراف.
المادة الرابعة: يُحدد رأس المال الاسمى للهيئة بـ1040 مليون دولار، ما يوازى قرابة المليار دولار، وحصص متساوية للدول الأطراف، وتكون قيمة كل حصة 260 مليون دولار.
المادة الخامسة: يمكن زيادة رأسمال الهيئة بموافقة حكومات الدول الأطراف على الوجه المبين فى النظام الأساسى.
المادة السادسة: تقوم الهيئة قانوناً بمجرد التوقيع على النظام الأساسى للهيئة من قبل اللجنة العليا.
المادة السابعة: يبين النظام الأساسى للهيئة كيفية وفاء كل دولة بحصتها فى رأس المال، ويكون ذلك بالحصص نقداً أو عينياً، كما يبين النظام الأساسى كيفية إنهاء عمليات الهيئة، وتصفية أموالها.
المادة الثامنة: لا تخضع الهيئة لقوانين الدول الأطراف، وأنظمتها، وبالأخص القوانين والأنظمة الضريبية المنظمة للرقابة على النقد، ولا يجوز كذلك تأميم أو مصادرة أو فرض الحراسة أو الاستيلاء على الهيئة أو على ممتلكاتها.
المادة التاسعة: يكون للهيئة الحق الكامل فى تحويل أموالها دون أية قيود سواء فيما بين الدول الأطراف أو خارج هذه الدول على الوجه المبين فى النظام الأساسى للهيئة.
المادة العاشرة: بمجرد التوقيع على هذه الاتفاقية تنشأ لجنة عليا للهيئة تتكون من الوزراء المختصين فى الدول الأطراف، وتعين اللجنة العليا مجلس إدارة مؤقتاً تمثل فيه كل دولة بحضور، وتكون مهمة المجلس عقد الترتيبات والإجراءات اللازمة لتأسيس الهيئة.
المادة الحادية عشرة: بمجرد التوقيع على النظام الأساسى للهيئة من قبل اللجنة العليا، يتحول مجلس الإدارة المؤقت إلى مجلس الإدارة المنصوص عليه فى النظام الأساسى للهيئة، ويتكون من رئيس واثنى عشر عضواً على الأقل من الخبرات المتخصصة، والكفاءات اللازمة لتحقيق أهداف الهيئة، ويتم اختيار رئيس مجلس الإدارة، وأعضائه بمعرفة اللجنة العليا للهيئة، ويكون عدد الأعضاء متناسباً مع قيمة مساهمة كل دولة فى رأس المال.
المادة الثانية عشرة: تُمارس اللجنة العليا للهيئة أعمالها على الوجه المبين فى النظام الأساسى.
المادة الثالثة عشرة: يبين النظام الأساسى للهيئة الأحكام الخاصة بنظامها المالى والرقابة على حساباتها وتصرفاتها وأعمالها وإنتاجها وإجراءات وصلاحيات اللجنة العليا ومجلس الإدارة، ووسائل حل المنازعات، وسائر الأحكام المنظمة للهيئة.
المادة الرابعة عشرة: يجوز لحكومة أية دولة عربية الانضمام إلى هذه الاتفاقية، وذلك بعد موافقة حكومات الدول الأطراف وفقاً للشروط التى تُحددها.
المادة الخامسة عشرة: تلتزم كل حكومة من حكومات الدول الأطراف بإصدار التشريعات اللازمة، واتخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ أحكام هذه الاتفاقية.
المادة السادسة عشرة: يتم التصديق على هذه الاتفاقية بوصفها اتفاقية دولية من قبل الأطراف الموقعة عليها طبقاً للنظم الدستورية، وتودع وثائق التصديق الأصلية لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ويسرى مفعولها اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ إيداع وثائق التعديل.
مساعٍ لعودة التكامل العربى فى الصناعات الحربية لحماية أمن المنطقة
وذيلت الاتفاقية بتوقيع قادة الدول الأربع فى حينها، وهم الشيخ زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والملك خالد آل سعود، ملك السعودية وقتها، والشيخ خليفة آل ثانى، أمير قطر، والرئيس الراحل أنور السادات.
كان الفريق عبدالمنعم التراس، رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع حالياً، قد أكد فى بيان صحفى صادر عن «الهيئة» أوائل العام الحالى، على هامش انعقاد معرض الصناعات الدفاعية الإماراتى «إيديكس 2019»، أهمية عودة الدول العربية للهيئة العربية للتصنيع طبقاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يولى اهتماماً مُتزايداً بأهمية تحقيق التكامل العربى فى الصناعات العسكرية الدفاعية وتطورها.
الهيئة تمتلك 14 مصنعاً وشركة تعمل فى مجالات الصناعات الدفاعية والمدنية
وأكد «التراس»، فى البيان، أننا لمسنا تجاوباً كبيراً من السعودية والإمارات، والأردن، بضرورة العمل فى التصنيع العسكرى العربى المُشترك خلال الفترة المقبلة.
يذكر أن «العربية للتصنيع» شاركت بعدد من منتجاتها للتصنيع العسكرى فى المعرض، مثل الطائرات والمعدات الإلكترونية والعربات المدرعة، وفواتح الألغام، فى إطار استكمال الوجود بالمعارض العسكرية الإقليمية والدولية بعد نجاح معرض إيديكس القاهرة 2018.