مبادرة "عنيك في عنينا" تعيد البصر لـ6 أشخاص من أسرة واحدة بالمنيا
مواطن خلال إجراء فحوصات على عينيه ضمن مبادرة «عنيك فى عنينا» بمحافظة الأقصر
«العبد فى التفكير والرب فى التدبير»، كان الأب الخمسينى الفقير يكد ويشقى فى الحقول نهاراً، من أجل الإنفاق على أبنائه الـ7، وبالليل يؤرقه النوم ويطارده القلق، وهو يفكر مع زوجته فى مستقبل 6 من أبنائه فقدوا أبصارهم منذ طفولتهم، ومن أين يدبر لهم المبالغ اللازمة لإنقاذهم من براثن العمى، وفجأة ظهر طوق النجاة عندما جاءت بشارة الخير لتنقلب الأمور رأساً على عقب، فحينما طرق مسئولو مبادرة «عنيك فى عنينا» باب المنزل المتواضع فى قرية «شارونة»، التابعة لمركز مغاغة، شرق النيل بمحافظة المنيا، خرج الأب متسائلاً: «عايزين مين؟»، فكانت البشرى: «إحنا جايين نساهم فى علاج أولادك المكفوفين»، فرقص قلب الأب فرحاً وسجد شكراً لله، أملاً فى غد أكثر إشراقاً لأبنائه.
أبناء "أبوربيع": "اتولدنا من جديد"
«اتحرمت من التعليم واللعب ورؤية الأحباب، بسبب إصابتى بالعمى»، قالها الابن الأوسط «أشرف محمد سلامة»، 23 سنة، معبراً عن فرحته بعد أن استرد نور عينيه، حيث خضع لجراحة زراعة قرنية، ضمن المبادرة التى تنفذها مؤسسة «صناع الخير»، برعاية مجلس الوزراء، والتى تأتى فى إطار المبادرة الرئاسية «نور حياة»، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأضاف الابن قائلاً: «عشت مأساة مضنية، واتحرمت من رؤية أبى وأمى وأشقائى، وبعد العملية شعرت بأننى اتولدت من جديد».
أما شقيقه «ياسر»، 24 سنة، فقال إنه متزوج ولديه أسرة، وكان يجد صعوبة فى توفير النفقات والمتطلبات المنزلية لهم، لعجزه عن العمل، فاضطر لشراء «تروسيكل» بالتقسيط، كان يقوده أحد جيرانه، ويتقاسمان المكسب فيما بينهما، غير أنه بعد إجراء العملية أصبح يرى جيداً، ويعمل الآن فى توصيل البضائع، بينما عبر الأب «محمد على سلامة»، 58 سنة، وشهرته «أبوربيع»، مزارع باليومية، عن سعادته بعد أن استرد أبناؤه الـ6 أبصارهم بعد إجراء عمليات جراحية لهم، وهم 3 أبناء ذكور: «ربيع»، 28 سنة، و«ياسر»، 24 سنة، و«أشرف»، 23 سنة، و3 بنات: «نورا»، 16 سنة، و«إيمان»، 15 سنة، و«فرحة»، 4 سنوات.
وأوضح الأب أنه يعيش مع أسرته فى منزل مؤجر من أملاك الدولة، ويحصل على معاش تضامن قدره 450 جنيهاً شهرياً، ولم يتمكن من إلحاق أى من أبنائه بالتعليم، نظراً لظروفه المعيشية الصعبة، وحاول مراراً تدبير أى أموال لعلاج أبنائه الـ6، من خلال عمله اليومى فى الحقول مقابل أجر بسيط، غير أنه فقد الأمل بعد تقدمه فى العمر، حتى تواصل معه القائمون على مبادرة «عنيك فى عنينا»، الذين ساعدوه فى إجراء عمليات زرع قرنية لأبنائه فى غضون 8 شهور.
من جانبه، قال «عصام عبدالرحمن»، مستشار التطوير بمؤسسة «صناع الخير»، إنه جرى إجراء جراحة زرع قرنيات بالمجان لأكبر عدد من أسرة واحدة (6 أشقاء)، بمعهد الرمد، ومستشفى الرواد للعيون بالقاهرة، بمعرفة فريق من كبار جراحى العيون فى مصر، من بينهم الدكتور حسن منصور، رئيس جامعة بنى سويف، وبلغت تكلفة العملية للفرد الواحد 70 ألف جنيه، بواقع 35 للقرنية الواحدة، وأوضح أن المبادرة انطلقت فى عام 2018، وجرى تنظيم 148 قافلة طبية للكشف على أمراض العيون فى جميع المحافظات، على مدار عامين، تم خلالها فحص 162 ألفاً و800 مواطن، وأجريت عمليات جراحية لـ14 ألفاً و580 حالة، وتم تسليم نظارات طبيه لنحو 33 ألف مواطن، وأجريت 203 عمليات زرع قرنية، منها أكثر من 50 عملية بمحافظة المنيا وحدها.
مسئول المبادرة: "نبحث عن أسر جديدة"
وأوضح «عبدالرحمن» أن عمليات زرع القرنية مكلفة للغاية، لعدم وجود بنوك لها فى مصر، حيث يتم استيرادها من الخارج. وأضاف: «أثناء العمل بالمبادرة، اكتشفنا العديد من الحالات الإنسانية، التى تحتاج لرعاية ودعم خاص، ومنها أسرة أبوربيع، حيث إن 6 أشقاء يعانون من مشاكل كبيرة فى الإبصار، وصلت لمرحلة فقدان البصر، وكانوا يحتاجون لزرع قرنية، مشيراً إلى أنه وفق مقاييس وزارة الصحة، تعد هذه الأسرة هى الأكبر على مستوى الجمهورية، التى تعانى من مشاكل بالقرنية، وهى من عمليات العيون الأكثر تكلفة، وشدد على قوله إن مبادرة «عنيك فى عنينا» لمكافحة العمى تواصل البحث عن أسر أخرى جديدة فى مختلف المحافظات، لتقديم خدمات الكشف والعلاج لأفرادها، للقضاء على جميع مسببات العمى فى جميع أرجاء مصر.
توقيع الكشف على 800 مواطن بـ"الأقصر"
ونظمت مبادرة «عنيك فى عنينا» لمكافحة مسببات العمى، قافلة طبية للكشف عن أمراض العيون بالمجان فى قرية العديسات بمركز الطود فى الأقصر، وقال الدكتور محمد عبدالجليل، مدير المشروعات بمؤسسة صناع الخير، إن عدد المستفيدين من القافلة بلغ 800 مواطن، تم تحويل 242 حالة لإجراء عمليات، وأخذ مقاييس نظارات لـ320 حالة تمهيداً لتسليمها لهم، كما تم توزيع 271 عبوة قطرات للعيون، لافتاً إلى أن المبادرة مستمرة فى جميع المحافظات وتتحمل المؤسسة والشركة كافة التكاليف للكشف والعلاج، ولا يتحمل المواطنون البسطاء شيئاً.