خبير في الشئون التركية: أنقرة استغلت اللاجئين السوريين على حدودها وجندتهم في ميليشيات إرهابية
محمد مصطفى مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط والمتخصص فى الشأن التركى
قال محمد مصطفى مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط والمتخصص فى الشأن التركى: إن المخابرات التركية رعت التنظيمات الإرهابية وجنّدت سوريين وغيرهم، تحت الضغط الاقتصادى والعوز الشديد، مضيفاً فى حوار لـ«الوطن»، أن الهلال الأحمر التركى عمل كجناح أساسى للمخابرات التركية، وشارك فى عمليات التجنيد. وتابع «مصطفى»، الذى زار ضمن وفد صحفى معسكرات اللاجئين السورية على الحدود مع تركيا فى يونيو 2011، أن الجانب التركى جهّز عناصر مدرّبة للحديث عن المعاملة الكريمة التى تتم فى المعسكر الذى تشرف عليه هيئة الهلال الأحمر التركى.
وعن تهديد الرئيس التركى أوروبا بنقل أكثر من 3.5 مليون لاجئ سورى قال «مصطفى» إن هذه رسالة مبطنة، لكنها واضحة للجانب الأوروبى، وهى أن كل هذا العدد الكبير من اللاجئين سيكون بينهم دواعش، وإلى نص الحوار:
بحكم خبرتك فى الشئون التركية.. متى بدأت علاقة تركيا بالعناصر الإرهابية؟
- فى يونيو عام 2011، رافقت وفداً صحفياً مصرياً محدوداً بدعوة من السفارة التركية لأحد معسكرات اللاجئين السوريين على الحدود مع تركيا، حيث إنها كانت محاولة من الجانب التركى لإظهار -للرأى العام المصرى- أن هذه المعسكرات معسكرات للاجئين، وأنه تتم معاملتهم بصورة إنسانية، فهذا المعسكر كان يُدار تحت إشراف هيئة الهلال الأحمر التركى، التى لا تزال تشرف حتى الآن على معسكرات اللاجئين.
الهلال الأحمر التركى يعد جناحاً أساسياً للمخابرات التركية، ويعمل بالخدمة السرية فى المخابرات التركية، وأى مكان توجد فيه هيئة الهلال الأحمر التركى، أو تعمل فيه بالخارج، فلا بد أن ندرك أنه عمل استخبارى من تجنيد ونقل سلاح ونقل ذخيرة وكل هذه الأدوات التى تستخدمها أجهزة الاستخبارات.
لدى دخولنا المعسكر كان من الواضح أن الأمن التركى جهّز لنا عناصر مدرّبة للحديث عن المعاملة الكريمة التى تتم فى هذا المعسكر، إلا أن هناك إحدى السيدات بكت بمجرد حديثى باللغة العربية، لكننى لم أستطع التحدّث معها بسبب وجود عناصر الأمن التركى، لكننى تحججت بعد ذلك بـ«تدخين سيجارة»، لأعود إليها مرة أخرى لقراءة رسالة كتبتها على الرمال، والتى كانت «يستعبدوننا ويفرضون على رجالنا التجنيد مع الأتراك».
ولماذا تحمّل اللاجئون هذا الوضع هناك؟
- أخذوهم كلاجئين تحت الضغط الاقتصادى والعوز الإنسانى الشديد بعد هجرهم بلادهم دون أى شىء، فكان وقتها كل ما يريدون فعله كانوا يفعلونه، سواء الرقيق الأبيض أو التجنيد، وأدركت آنذاك فى عام 2011 أن هذا مؤشر خطر.
بعد هذه المرحلة، انقسمت عملية التجنيد إلى شقين، الأول وهو القطاع الأكبر، ويتم تجنيدهم فى الميليشيات تحت شعارات دينية، وهم فى الأساس لا يؤمنون بالعقيدة الداعشية، لكن تحت الضغوط الإنسانية، ونسائهم اللاتى تحت السبى التركى، انضم قطاع منهم إلى هذه الميليشيات بمسمياتها المختلفة.
أما القطاع الآخر، فيأتى فى مقدمتهم التركمان السوريون، وتم ضمهم بشكل مباشر بعد تجنيسهم، إلى الجيش التركى النظامى، فهناك آلاف السوريين تم إلحاقهم بالجيش التركى، أما بقيتهم فتم إدراجهم فى ميليشيات، وفى مقدمتها الجيش الحر، والمواطنون الذين كانوا فى المعسكر هم من أصحبوا الجيش السورى الحر بعد ذلك.
محمد مصطفى: تهديد "أردوغان" لأوروبا بإرسال اللاجئين معناه أن بينهم "دواعش".. وكل "إرهابى" فى سوريا معروف لدى المخابرات التركية
وإلى أى مدى سعت تركيا للسيطرة على مجريات الأمور لتنفيذ أجندتها فى سوريا؟
- فى البداية مثلاً، فرنسا خُدعت وتصورت أنها تسيطر على هذا التنظيم، لتحقيق أجندتها فى سوريا، إلا أنه اتضح بعد ذلك أن تركيا هى التى تملك السيطرة على مفاتيحهم، وأين فرنسا الآن، فهى خارج المشهد، هذا من جانب، ومن جانب آخر تركيا فتحت مطاراتها ومنافذها كلها، بما فيها البرية كممر آمن لكل عناصر التنظيمات الإرهابية التى سمّت نفسها بعد ذلك بـ«داعش»، فتركيا كانت ممراً آمناً لدخولهم إلى الأراضى السورية.
كان كل عنصر داعشى يصل إلى المنطقة معروفاً لدى المخابرات التركية، وهذا أمر تمّت إثارته من قبل المعارضة التركية وبالوثائق، فكان يُسمح لهم بالعبور الآمن، لكن تحت إشراف ومتابعة الأمن والمخابرات التركية، حتى لا يقيموا فى تركيا.
وما تعليقك على تهديد أردوغان بنقل اللاجئين إلى أوروبا؟.. هل هو تهديد يحمل فى طياته شيئاً ما؟
- الرئيس التركى أردوغان عندما هدّد أوروبا بنقل أكثر من 3.5 مليون لاجئ سورى لعب بورقة أخرى، فهو يعطى رسالة مبطنة، لكنها واضحة للجانب الأوروبى، وهى أن كل هذا العدد الكبير من اللاجئين سيكون بينهم دواعش يمكن أن يخرجوا من المعتقلات جراء القصف التركى، وذلك مفهوم ضمناً بأنه إذا هرب الدواعش سيدخلون مع اللاجئين دول أوروبا، فهو يهدّدهم تهديداً مزدوجاً، بأعداد ضخمة من اللاجئين، وبينهم إرهابيون.