رئيس الوقف السني في العراق: الأمة تمر بمرحلة خطيرة ومصر قادرة على تشكيل الوعي الإسلامي المعاصر
الشيخ عبداللطيف الهميم، رئيس الوقف السنى العراقى
قال الشيخ عبداللطيف الهميم، رئيس الوقف السنى العراقى، إن الأمة الإسلامية تمر بمرحلة خطيرة وظروف صعبة، شاع فيها الفكر المتشدد، وعدم قبول الآخر، وتحاول بعض القوى تفتيت الأمة وتقسيمها لدويلات، مضيفاً أننا نحتاج إلى ثورة معرفية بحجم زلزال تنقلنا من الفوضى والحرب إلى السلام.
الشيخ عبداللطيف الهميم: نحتاج إلى زلزال ينقلنا من الفوضى والحرب إلى النظام والسلام
وأكد أن مصر تلعب دوراً كبيراً ورائداً، من خلال مشيخة الأزهر ودار الإفتاء، والمؤسسات البحثية، وقادرة على إعادة تشكيل وعى المسلم المعاصر ونقلنا من ثقافة الفوضى إلى ثقافة النظام، ومن ثقافة الحرب إلى ثقافة السلام، وهذا دور مصر الذى لعبته وتلعبه دائماً... وإلى نص الحوار:
كيف ترى مؤتمر الإفتاء الدولى هذا العام؟
- هذا المؤتمر مهم جداً لأنه وارد فى سياق مشكلة حقيقية تعيشها الأمة، فى جميع أقطارها وبلدانها، وهى عملية الإزاحة والإقصاء، فكل مدرسة وكل شخص يريد أن يفرض قناعته على الآخرين، رغم أنه من غير الممكن فرض تلك القناعات، لأننا نعيش فى المتغير وليس فى الثابت، فالثابت هو النص المقدس، سواء القرآن أو السنة النبوية الصحيحة الثابتة، وما غير ذلك فهو خاضع للاجتهاد، وبالتالى لا تحملنى على قناعتك ولا أحملك على قناعتى. الأمة الإسلامية تمر بمرحلة خطيرة وظروف صعبة، منها شيوع ثقافة التكفير، والتشدد، وعدم قبول الاختلاف فى الرأى، ونحن نتطلع للخروج بنتائج إيجابية، ومصر صاحبة دور كبير ورائد من خلال مشيخة الأزهر أو من خلال دار الإفتاء، أو المؤسسات البحثية الأخرى، وقادرة على إعادة تشكيل وعى المسلم ونقلنا من ثقافة الفوضى إلى ثقافة النظام ومن ثقافة الحرب إلى ثقافة السلام، وهذا دور مهم جداً.
وما تقييمك لـ«أمانة دور وهيئات الفتوى» حول العالم؟
- الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم ودار الإفتاء المصرية تقدمان منجزاً حقيقياً فى إعادة تأهيل الوعى، خاصة فيما يتعلق بالفتوى، وقد عبّرت عن عظيم امتنانى وشكرى لمصر، قيادة وشعباً وحكومة، وللدكتور شوقى علام، مفتى مصر، على هذه الجهود المخلصة، وهذا ليس غريباً على مصر، فجميع الحضارات الخالدة الفرعونية والقبطية والإسلامية، مرت عبر مصر التى تحفظ ذاكرة الأمة وتاريخ الأوطان، فمصر خارطة معرفية استثنائية وظاهرة غير طبيعية هى الأنقى والأصفى والأطهر، فشكراً لمصر، من جذورك تأسس الأزهر ومنك تنطلق ثورة العقل فى التنوير.
تواجه سوريا حالياً أزمة كبيرة بالاعتداء التركى على أراضيها، فكيف ترى الأمر؟
- هذا جزء من مؤامرة كبيرة تتعرض لها المنطقة بالكامل، ليس فقط سوريا، إنما كل البلدان العربية، فهناك مشروع يهدف لتقسيم الدول العربية وتحويلها إلى دكاكين ومجموعة كانتونات على أسس طائفية وعرقية ومذهبية، وهذا يشكل خطراً داهماً على كل البلدان العربية، وما يحدث فى سوريا هو عملية قتل بالوكالة والنيابة، وكل الصراع الذى يدور فيها وفى دول المنطقة ليس صراعاً بين سوريين ولا بين ليبيين ولا عراقيين، هذا صراع آخرين على الساحات الليبية والعراقية والسورية.
تحاول تركيا استعادة ما تسميه بالخلافة العثمانية، فما رأيك؟
- الحقيقة بالنسبة لنا أننا منذ أن استقرت الدولة الوطنية القُطرية ونحن لدينا مشروع عروبى، من طنجة إلى رأس الخيمة، وهذا مشروعنا المعتمد.
هل هناك مخاوف من عودة داعش إلى العراق مرة أخرى؟
- العراق بخير حال ويحقق الأمن بطريقة جد ممتازة، ونحن نعيش عملية انتقال نحو الأمن والسلام، ولن يتمكن «داعش» من العودة ثانية بإذن الله، لأن العراقيين قد أدركوا الدرس، وذاكراتهم متوجعة مما رأوه من التنظيم، وطالما أن الذاكرة متقدة ضد التنظيم فلن يعود أبداً.
أعدنا صياغة الخطاب الإسلامى فى العراق بما ينسجم مع قواعد الوسطية والتسامح و"داعش" لن يتمكن من العودة لبلادنا لأننا أدركنا الدرس
ما دور الوقف السنى فى العراق لمنع عودة التنظيم الإرهابى؟
- لقد قمنا بخطوات مهمة على مستوى التعليم الدينى، بإعادة النظر فى المناهج، وإعادة صياغة الخطاب الإسلامى بما ينسجم وقواعد الوسطية والتسامح والابتعاد عن التطرف، وإعادة تأهيل الخطيب ابتداء لأنه المرسل، ورفعنا وعى المتلقى وهو المواطن العادى، وقطعنا خطوات كبيرة جداً فى عملية الانتقال من الطائفية إلى التعايش والتلاحم، ومن التكفير إلى التفكير. ونحن فى العالم العربى والإسلامى نحتاج إلى شعلة من الضوء ونحتاج إلى ثورة معرفية بحجم زلزال تنقلنا من الفوضى والحرب إلى السلام. لا يتحقق أى منجز حضارى إلا بالثنائيات، سالب وموجب، ذكر وأنثى، خير وشر، والإشكالية ليست فى التعددية لأن التعددية حاكمة للمجتمع والتاريخ وإنما الإشكالية فى إدارة التعدد والتنوع.
كيف يمكننا استثمار الخلاف الفقهى للبناء وليس الهدم كما يحدث؟
- كان الخلاف الفقهى مشكلة كبيرة فى العراق فى 2005 و2006، لكن اليوم أستطيع القول إننا غادرنا هذا المستنقع أو فى نهايته، والآن نؤسس ونبنى مجتمعاً جديداً بعيداً عن الطائفية، وأتمنى أن نستمر فى التقدم.
إعمار العراق.. أين وصل الموقف الآن؟
- تسير الأمور بطريقة ممتازة، فقط هناك تفاوت بين منطقة وأخرى، لأسباب منها أنه حينما يكون هناك فاعلون وقيادات ديناميكية تبنى المدن وتزدهر، وحينما تفقد القيادات الجيدة تتوقف عملية البناء.
الإسلام السياسى قدم نموذجاً سيئاً ولا بد من إعادة تقييم المرحلة كلها
كيف ترى تجربة الإسلام السياسى فى العالم العربى؟
- قدموا نموذجاً سيئاً للإسلام، ويجب علينا إعادة تقييم المرحلة كلها بالكامل.
نواجه مخططاً لتقسيم دول المنطقة إلى دكاكين صغيرة
صف لنا العلاقات المصرية العراقية؟
- مصر والعراق مرتبطتان بحبل سرى لا يمكن لأحد فصله إطلاقاً، فالرابط بين بغداد والقاهرة ليس نتاج اليوم ولكنه تاريخ وثقافة، ونحن ومصر فى خندق واحد.