شركاء الانتصار: "زوج وحبيب وصديقة" خاضوا الحرب الشرسة ضد المرض اللعين
لوحات رسمتها سالى
كن مطاردات من الخوف فى صحوهن ونومهن، لكنهن تشبثن بالأمل، ومررن برحلة قاسية كان عنوانها الرئيسى «الحرب الشرسة»، من أجل الانتصار على سرطان الثدى الذى تسلل دون سابق إنذار لأجسادهن، وبدأ يتوغل وينتشر بوحشية، لكنهن وجدن الكنز خلال الرحلة، فى صديق أو قريب أو حبيب، وعندما شعرن أن حياتهن دخلت منطقة الغروب كان كل من حولهن يبحث لهن عن الشروق من جديد ليعبرن معاً إلى طريق الأمان.
قادتها الصدفة لخوض معركة شرسة ضد سرطان الثدى الذى داهم جسدها الضعيف، لكنها وجدت يد العون فى الصحبة والأهل والزوج، ما منحها العزيمة والإرادة التى دفعتها للقتال باستماتة وعزيمة لمواجهة المرض اللعين حتى الانتصار عليه، سالى عفرة، 40 عاماً، لم تكافح السرطان بمفردها، لكن صديقتها كانت كلمة السر فى رحلة الحرب العنيفة، فكانت تلازمها منذ اللحظة الأولى لاكتشاف المرض، وعن هذا قالت: «ماكانتش بتسيبنى رغم إن كتير بكون مضايقة ومش عاوزة أكلم حد، لكن كانت بتسأل عليا وتيجى معايا المستشفى، يوم العملية مقولتلهاش الميعاد، لكنى لقيتها قدامى وأنا بفوق من البنج، وصممت إنها تبات معايا».
"سالى": زوجى شجعنى على العودة للرسم بعد 17 سنة
بدأت «سالى» رحلة العلاج بصحبة زوجها الذى كان يرافقها ممسكاً بيدها، لطمأنتها وانتزاع الخوف من قلبها، وبدأ يشجعها على ممارسة فن الرسم الذى تفضله، لأنها تخرجت فى كلية الفنون التطبيقية، وبعد أكثر من 17 عاماً من الابتعاد عن الرسم، أمسكت «سالى» الفرشاة والألوان من جديد وحاولت ترجمة معاناتها على أرض الواقع، وكانت أول رسمة رسمتها بعد 17 سنة عبارة عن فتاة بألوان تجمع بين الباهت والمضىء.
لحظات مريرة واجهتها «سالى»، بين التوتر والضعف والقلق، فالأمر لم يكن هيناً عليها ولم تكن الحرب سهلة وكانت المحنة تختبر قوتها وصبرها هى ومن حولها، وعن هذه الرحلة قالت: «بدأت رحلة العلاج بـ4 جلسات كيماوى، أوردة إيدى احترقت منها، بعدها دخلت العمليات وعملت استئصال للورم».
«طمأنينة وتشجيع وتحفيز»، هذا ما وجدته «سالى» من زوجها، فقد كان هو العون لها فى رحلتها المريرة، ولم يتغيب عن جلسة واحدة من جلسات الكيماوى التى كانت تخضع له، وأضافت: «زوجى ماكانش بيسيبنى طول الوقت، من بداية أول جلسة لآخر جلسة، وشجعنى أفتح معرض خاص بيا، وأعرض لوحاتى خلاله».
"رزان": خطيبى تخلى عن شعره من أجلى
علامات السعادة والانتصار ارتسمت على وجه «رزان»، ابنة الـ33 عاماً، بعد آخر جلسة علاج وإعلان الطبيب انتصارها وهزيمتها لسرطان الثدى، بعد رحلة علاج طويلة استمرت 3 سنوات، حاربت السرطان خلالها بضراوة لأكثر من مرة، وخرجت من رحلتها الطويلة بروح إيجابية وأصبحت لديها الرغبة فى نقل تجربتها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، لتكون من خلالها منارة تضىء الطريق لغيرها من محاربات السرطان.
تجربة «رزان» لم تكن سهلة، لكنها وجدت من خطيبها ورفيقها الأمل والثقة والعزيمة والإرادة، وقالت لـ«الوطن»: «أصبت بسرطان الثدى منذ 5 أعوام، رغم أننى لم أكن أشكو أى أعراض، وكنت دائماً أواظب على الفحص الدورى، وذات مرة وجدت «تورماً»، فأسرعت بالذهاب إلى الطبيب فطلب إجراء فحوص، وكانت النتيجة إيجابية».
الخبر كان بمثابة الصدمة، لكن «مصطفى»، 35 عاماً، لم يتخل عن حبيبته، وظل معها على العهد بينهما، ورافقها فى رحلة علاجها، مسانداً وداعماً لها، ولم يستمع للأقارب والأصدقاء الذين طالبوه بتركها لتدهور حالتها الصحية واحتمالية عدم إنجابها لكونها تعانى من مشكلات أخرى فى الرحم، وقطع 450 كم برفقتها لتتلقى علاجها الكيميائى فى معهد صالح عزيز، المستشفى الوحيد المتخصص فى علاج السرطان فى تونس، وعن هذه التجربة قالت: «ظل يعانقنى ويحفزنى ويقول لى ستهزمين السرطان فأنتِ قوية، وسأكون معكِ طوال الوقت، وظل مردداً السرطان مثل البرد يدخل الجسد ونستطيع طرده بأنفسنا» مرت «رزان» بلحظات صعبة وقاسية، لكن وجود «مصطفى» بجانبها خفف عنها آلم المرض اللعين، وتابعت: «كنت أقول له اتركنى، وما تربط نفسك بى، فيرد سنخوض الحرب سوياً وسننتصر، وسنتزوج مهما كلفنا الأمر».
محاولات كثيرة كان يقوم بها «مصطفى» لبث السعادة على وجه محبوبته، ورغم سقوط شعرها، الذى كان سر جمالها، ظل يتباهى بها، وتخلى عن شعره من أجلها.
"سهير": "ربنا عوضنى خيراً"
ظروف قاسية تعرضت لها «سهير»، صاحبة الـ30 عاماً، عقب اكتشاف إصابتها بسرطان الثدى، لتجد خطيبها يخرج من حياتها شيئاً فشيئاً، فلم تذق حلاوة الدنيا فى رحلتها مثلما تخيلت، وقالت فى حزن: «أنا سورية واكتشفت المرض بالصدفة، ولما أبلغت خطيبى، طلب ننفصل فى هدوء».
الصدمة التى تلقتها «سهير» من خطيبها كالقشة التى قصمت ظهر البعير، لتجد نفسها وحيدة وتخوض معركتها بمفردها، لذا قررت الابتعاد عن موطنها، لتتناسى ما بدر من حبيبها، واستكمال مشوار العلاج بالسفر لتركيا، حيث تقطن شقيقتها، وهناك استطاعت هزيمة السرطان، وتلقت أثناء رحلتها العلاجية عروضاً كثيرة للعمل فى إحدى شركات السياحة، بعدما تعرفت على صديق لها وتطور الأمر بينهما لقصة حب، وتوسم فيها الذكاء والثقافة، وأصر على الزواج منها رغم معارضتها له فى البداية لكونها مريضة ومن الممكن عودة المرض لها من جديد، إلا أنه أصر على عرضه، وتزوجا وأسسا حياة هادئة مستقرة، ووصلت فى حياتها العملية لإدارة الشركة، واختتمت حديثها بالقول: «حسيت إن ربنا بيكافئنى على صبرى».