يخطئ تماماً من يعتقد جازماً أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد حسم عملية فوزه بمقعد الرئاسة عام 2020.
كل الأمور وكافة الملفات فى الداخل والخارج مأزومة ومعقّدة وبدون نجاحات سوى 3 ملفات:
1 - الأداء الاقتصادى الكلى المنظور للولايات المتحدة الأمريكية.
2 - الدعم المتواصل لتيار اليمين الدينى المتطرف فى ما يعرف بجماعات البيض البروتستانت المعروفين بـ«الحزام الإنجيلى» البالغ حجمه 62 مليون مؤيد.
3 - الدعم اللامحدود من تيار «الأيباك» الأمريكى الصهيونى المؤيد لإسرائيل.
يقف خلف هؤلاء القوى المالية التى صعدت «ترامب» وتقف خلفه مثل: شركات نفط تكساس وإقليم فالديز، وكبار مصنعى البضائع والسيارات الأمريكية، وشركات البناء والعقارات، وشركات التصنيع العسكرى.
بالمقابل تشعر الطبقات الوسطى، وشركات التكنولوجيا والعلاج الصحى، والتأمين، وكبار التجار المستوردين، بآثار سياسات «ترامب» العقابية على مصالحهم ودخولهم.
الأقليات مثل أصحاب الأصول اللاتينية والسود، والمرأة، والمثقفين والفنانين ووسائل الإعلام، والمسلمين، وذوى الأصول الآسيوية، تشعر بالخطر الشديد من سياسات وتصريحات «ترامب» التى تهدد وجودهم وبقاءهم داخل نسيج المجتمع الأمريكى.
قرر «ترامب» أن يعاقب كل من حالفهم بيل كلينتون وباراك أوباما فى الداخل والخارج.
عقاب «ترامب» شمل: الصين واليابان وكوريا الشمالية وإيران والمكسيك وكندا والاتحاد الأوروبى والسلطة الفلسطينية وتركيا واليونيسكو والأونروا وحلف الأطلنطى وروسيا وفرنسا وألمانيا.
أهم من يعاقبهم الآن، وهم الصين وكوريا الشمالية وإيران، قرروا -بعد دراسة وضع «ترامب» الانتخابى- تأجيل حسم ملفاتهم المعلقة معه، لحين ظهور نتائج مؤكدة إذا كان سيفوز أم سيخسر.
الصين، وكوريا الشمالية، وإيران، يقولون لماذا نعطى الآن هذا الرجل ما يريد إذا كنا لا نعرف إذا كان سيفوز بمقعد الرئاسة لأربع سنوات مقبلة، أم لا؟
فى بكين، وبيونج يانج، وطهران، قرروا العض على الأصابع رغم كلفة الانتظار وألم وخسائر العقوبات المفروضة على اقتصادهم وشعوبهم، لحين رؤية أى دلائل حاسمة وقاطعة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
أقصى ما يتمناه «ترامب» الآن، الذى يعيش ليل نهار فى خضم معركته الرئاسية، هو أن يقنع الصينى باتفاق تجارى، وأن ينجح مع الكورى الشمالى فى إيقاف تجارب الصواريخ الباليستية، وأن يجلس فى غرفة اجتماعات مع الإيرانى، ويوقع معه نسخة معدلة من الاتفاق النووى.
لم ينجح جاريد كوشنر فى تسويق صفقة القرن، ولم ينجح حليفه نتنياهو فى عمل ائتلاف حاكم فى إسرائيل، ولم ينجح حليفه الجديد بوريس جونسون فى إقناع الإنجليز بالخروج من الاتحاد الأوروبى دون اتفاق، ولم تتوقف كوريا الشمالية عن تجاربها الصاروخية، ولم تتوقف إيران عن عملياتها فى اليمن وسوريا والعراق.
الخوف كل الخوف عند «ترامب» الآن أن تأتى نتائج مؤشرات الربع الأخير من العام الاقتصادى الأمريكى بمؤشرات حدوث انكماش ركودى فى الاقتصاد الأمريكى.
هنا، وهنا فقط، يصبح مستقبل «ترامب» السياسى على المحك فى الوقت الذى بدأت فيه أصوات من حزبه ومن الرأى العام تتحدث عن سياساته وتغريداته المؤدية إلى العنصرية والعنف وجرائم إرهاب التطرف الأبيض، بسبب دعمه للوبى السلاح.
باختصار «ترامب» فى خطر متصاعد، وفوزه بالرئاسة قوى -حتى الآن- ولكنه فى خطر وغير محسوم سلفاً.
من هنا، وفى ظل تأجيل حسم الملفات الكبرى مع «ترامب»، تصبح الشهور المقبلة بلا حسم، وبلا حلول نهائية فى العالم، وفى منطقتنا، خاصة فى سوريا واليمن والعراق ولبنان.
إنها شهور الانتظار المؤلمة والخطرة والمكلفة للغاية!
للمرة المليون، تنتظر العواصم العربية تقرير مصيرها من خلال صندوق الانتخاب الأمريكى!