طلاب يحولون أفنية المدارس إلى ساحات حرب.. وكل أنواع الأسلحة متاحة
![طلاب يحولون أفنية المدارس إلى ساحات حرب](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/19007331251572207016.jpg)
طلاب يحولون أفنية المدارس إلى ساحات حرب
«مطواة.. كاتر»، سلاح الطلاب، الذى حل محل «القلم»، فى غفلة من الأسر والقائمين على العملية التعليمية، لتتحول المدارس إلى ساحات حرب بين الطلاب بعضهم البعض، وبينهم وبين المعلمين، إلى جانب انتشار ظاهرة التحرش بالطالبات، التى صارت مصدراً لأرق أسر كثيرة، وسط محاولات متواضعة لم تخرج عن حيز «الكلام» من بعض المديريات التعليمية، بتدشين مبادرات للتوعية، لإعادة غرس القيم فى عقول الطلاب، فى غياب المؤسسات الثقافية الرسمية، وتدهور دور الإعلام، الذى تحول إلى أداة لهدم القيم ونشر ثقافة البلطجة.
تحرش باستخدام الكلاب.. ومحاولات متواضعة من مديريات التعليم والأحياء لمنع التجمعات فى الشوارع
فى البحيرة تعددت شكاوى أولياء أمور الطالبات بالمدارس الإعدادية والثانوية، من تعرضهن لعنف وتحرش ومضايقات، مؤكدين أن الشباب ابتدعوا أساليب خطيرة للتحرش بالفتيات، أخطرها، استخدام الكلاب المُدربة لمعاكسة الفتيات، الأمر الذى يعرض حياتهن وحياة المارة للخطر، وتنوعت أشكال العنف ضد الطلاب داخل وخارج المدارس، على الرغم من التحذيرات التى أطلقها وكيل التعليم بالبحيرة، بشأن منع العقاب البدنى والنفسى لطلاب المدارس فى جميع المراحل.
وفى المقابل اشتكى المعلمون من الانحدار الأخلاقى للطلاب، ما يدفعهم لتوقيع العقاب عليهم، مطالبين بفرض لوائح جديدة تعطى صلاحيات أكثر للمعلم، لحمايته من تعدى الطلاب الذى بات منتشراً فى العديد من المدارس، خاصة الفنية.
خديجة محمد، والدة «ندى وائل»، الطالبة بالصف السادس الابتدائى، بمدرسة إبراهيم عبدالعال بكفر الدوار، تقول لـ«الوطن»، إن ابنتها تعرضت لأزمة نفسية بعدما أخرجتها مُعلمة من الفصل موجهة لها اللوم على رسوبها فى الصف الخامس، ولامتها على جلوسها بين طالبات الصف السادس: «ندى حصلت على نتيجة آخر العام للصف الخامس الابتدائى، وكان مجموعها بتقدير عام جيد جداً، وكانت فرحتها كبيرة بدرجاتها وانتقالها للصف السادس، وحجزت دروسها فى مجموعة التقوية لضمان حصولها على الدرجات النهائية، وفى أول يوم دراسى، جرى تسكينها فى الفصل بموجب كشف الأسماء، وقامت المدرسة بتسليمها الكُتب المدرسية من واقع الكشوف وسداد المصروفات، وبعد مرور شهر من العام الدراسى دخلت الفصل إحدى المعلمات، وقالت لها إنها راسبة فى العام الماضى، وطردتها من الفصل أمام زميلاتها، هو ما دفعنا لرفع مذكرة للإدارة التعليمية لاتخاذ اللازم، وبعد التحقيق فى الواقعة تبين خطأ إدارة المدرسة».
أولياء أمور: التكدس وامتهان الطلاب للتعليم ورعونة المعلمين وراء العنف.. وأب: كلنا شركاء فى ضياع أبنائنا
مديح جاد، موظف بالشركة المصرية للاتصالات، وأحد أولياء الأمور بأبو حمص، روى شهادته على وقائع التحرش أمام المدارس قائلاً: «الشباب يتعمدون الوقوف أمام المدارس فى أوقات خروج الطالبات ومنهم من يصطحب كلباً معه، والكثير منهم يحملون أسلحة بيضاء، وبسبب معاكسات الفتيات تنشب المشاجرات بينهم، ونشاهد بأعيننا شباباً صغاراً يتعرضون لإصابات خطيرة وجروح، ولا يجرؤ أحدهم على تحرير محضر شرطة خوفاً من السجن بسبب تعاطيهم الحبوب المخدرة، فما نشاهده من هذا الجيل لم يكن يتوقعه أحد».
وأضاف: «لا أُلقى باللوم على المسئولين وحدهم، فجميعنا شركاء فى إفساد جيل بأكمله، بداية من ولى الأمر الذى تخلى عن دوره فى التربية، وترك أبناءه يحصلون على ثقافتهم من الشارع وأصدقاء السوء، مروراً بالمعلمين الذين تركوا مهمتهم فى التربية قبل التعليم، وأصبح كل همهم تحصيل الأموال من الدروس الخصوصية والسناتر، وفرغوا التعليم من مضمونه وجعلوا الأطفال مجرد خزنة لحفظ المعلومات، دون التدبر والتعلم وغرس القيم والأخلاق، حتى الأئمة فى المساجد عليهم وزر هؤلاء الشباب، بعد أن جعلوا دعوتهم مقصورة على المنابر يوم الجمعة فقط، وتحولوا من رجال دعوة إلى موظفين يذهبون للمساجد للتوقيع فى دفتر الحضور والانصراف».
«أ.ا» مدرس بكفر الدوار، يقول: «نحن نواجه جيلاً يضرب بكل المُثل والعادات والقيم عرض الحائط، فقد تقدمت هذا العام باستقالتى، بسبب واقعة حدثت معى داخل الفصل، بعد أن قالت لى إحدى الطالبات بالصف الثانى الثانوى، أثناء الشرح: خلص يا مستر إحنا مش فاضيين للرغى ده، عندنا حاجات أهم بره عاوزين نعملها»، مضيفاً: «نزلت هذه الكلمات على ّ كالصاعقة، واستجمعت كل قواى حتى لا أنفعل عليها، وخرجت من الفصل وضغطى مرتفع وتوجهت للمدير ورويت له ما حدث، ودفعنى رده السلبى للتفكير فى تقديم استقالتى من مهنة التدريس، إلا أن زملائى أقنعونى بأن أحصل على إجازة حتى تهدأ أعصابى». الدكتور محمد سعد محمد، وكيل وزارة التربية والتعليم بالبحيرة، أكد أن مهام المديرية لا تتوقف عند توفير المبانى والأدوات والأجهزة فقط، بل نهتم بالعنصر البشرى بشقيه «طلاباً ومعلمين» ونتخذ إجراءات صارمة ضد أى تجاوز يحدث من المعلمين أو الطلاب، وفيما يتعلق بالجانب التربوى نسعى جاهدين لتخصيص حصص الأنشطة لنشر الثقافة ورفع مستوى الوعى لدى الطلاب، بالإضافة إلى تدشين دورات تدريبية للمعلمين لرفع المستوى، ونخاطب الجهات التنفيذية والأمنية لشن حملات دورية فى محيط المدارس للقضاء على ظاهرة التحرش والمشاجرات. وفى القليوبية تحول العنف داخل المدارس إلى ظاهرة، فلا يكاد يخلو يوم من واقعة عنف داخل المدارس يكون طرفها ولى أمر أو معلماً، وكانت آخر تلك الوقائع، ما جرى بمدرسة الشهيد «محمود كعيب»، بمجمع «إسكو»، فى شبرا الخيمة، حينما تعدت أسرة طالبة على 5 مدرسين بالضرب، ما تسبب فى إصابة وكيل المدرسة والمدرسين الأربعة، وفى النهاية أفرجت النيابة عن المعتدين دون عقاب رادع.
حسين عبدالعظيم «ولى أمر» أوضح أن عنف الطلاب ضد بعضهم البعض فى المدارس زاد بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة بسبب ازدحام الفصول الدراسية وقلة المقاعد المدرسية، التى لا تستوعب أكثر من اثنين، فيتم حشر أربعة طلاب على مقعد واحد، ما يؤدى إلى شكوى الطلاب من عدم وجود مكان للجلوس وتنشب بينهم مشاجرات بالأيدى تنتقل إلى خارج المدرسة فتتطور إلى تشكيل عصابات فى الشوارع.
ويرى الدكتور على عبدالنبى، أستاذ بكلية التربية بجامعة بنها أن الظاهرة فرضت نفسها لعدة أسباب، أهمها تراجع دور الأسرة وانشغالها بالماديات عن أن يكون الأب قدوة لأولاده والأم قدوة لبناتها وتراجع دور المعلم باعتباره وجهاً أبوياً والعلاج هو التنشئة الاجتماعية السليمة من خلال جميع المؤسسات التعليمية والتربوية والاجتماعية والإعلامية، أيضاً لا ننسى دور وسائل الإعلام والاهتمام بالجانب الرياضى والثقافى والفنى.
مقتل طالب ثانوى على يد زميله فى بورسعيد وآخر يضرب صديقه بسلاح أبيض بسبب "الساندويتشات"
«السلاح الأبيض أصبح أداة طيعة فى يد الطلاب داخل وخارج المدرسة»، قالتها ناهد عبدالرازق، خبيرة اجتماعية بمحكمة بورسعيد، لتبرهن على انتشار ظاهرة العنف بين طلاب المدارس ما نتج عنه مقتل طالب ثانوى على يد آخر فى مشاجرة، مرجعة الظاهرة إلى غياب دور المدرسة والأخصائى الاجتماعى والأسرة ومشاهدة أفلام العنف.
وتوضح أن لجنة حماية الطفل بحى الزهور، برئاسة السعيد رخا تنظم حملات مكثفة لإغلاق محلات «السايبر»، بعد تغيب الطلاب عن المدارس ليقصدوا تلك المحال لمشاهدة أفلام تحض على العنف والانحطاط الأخلاقى.
وتشير إلى تحرير محاضر لأطفال بحى الضواحى يسرقون المارة لجمع الأموال بغرض دخول السايبر بينهم «بكتيريا»، وهو طفل تم ضبطه عن طريق لجنة حماية الطفل بأمر من النيابة لكنه هرب أثناء إجراء الكشف الطبى عليه.
ولى أمر يعتدى على مدير مدرسة بـ"مطواة"
السعيد رخا، رئيس حى الزهور، يؤكد أن الحى يتصدى لتجمعات التلاميذ والطلاب التى ينتج عنها حالات عنف، وسبق أن أصدر قراراً بغلق وتشميع 27 محلاً من محلات الفيديو والإنترنت خلال حملة موسعة للقضاء على أماكن التجمعات غير المرخصة، كما يتم المرور على المقاهى ومراجعة التراخيص الخاصة بها، ومنع تقديم الشيشة للتلاميذ.
وتشهد مدارس الإسكندرية وقائع عنف متكررة بين التلاميذ وبعضهم البعض، وبين أولياء الأمور والمدرسين، حيث تنوعت أسلحة الاعتداء من استخدام الأخشاب حتى المطواة، وقال «س. م» أحد أقارب طالب أصيب بجرح أسفل العين اليمنى، إنه فوجئ برجوع الطفل إلى المنزل وعلى وجهه الخدوش، بعدما تعرض لاعتداء من زميل له وهو يلقى ببواقى الأخشاب الموجودة فى الفصل، ويعبث بها.
وأضاف أن ابنه الوحيد حكى له أن أحد زملائه أحضر بواقى الخشب وجمعه، ثم ألقى به فى وجه الطلاب بشكل عشوائى، مشيراً إلى أن ذلك سلوك حمل فى طياته العبث وعدم المسئولية فى واقعة شهدتها مدرسة الرصافة الرسمية للغات التابعة إلى إدارة وسط التعليمية فى الإسكندرية، حين كان يلهو طالب مع عدد من زملائه فى الفصل.
وفى واقعة أخرى، اعتدى ولى أمر طالب على مدير مدرسة تحسين الصحة الابتدائية بمنطقة الرأس السوداء التابعة لإدارة المنتزه التعليمية؛ بسلاح أبيض «مطواة»، وقال أحد شهود العيان بالمدرسة، إنهم فوجئوا بضرب ولى الأمر للمدير وإحداث إصابة به، استدعى علاجها 35 غرزة.
وأكد يوسف الديب، وكيل مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية، أن تلك الوقائع قيد التحقيقات فى المديرية لمعرفة جميع الملابسات والتعرف على حقيقة الأمر، موضحاً أن المديرية حريصة على حفظ الحقوق سواء للطالب أو للمدرس أو لولى الأمر.
وانتشرت ظاهرة العنف داخل مدارس أسيوط ووصلت إلى تعدى طالب على المعلم نفسه الأمر الذى أثار غضب المعلمين وأكدوا أن هيبتهم ضاعت، وسواء كان العنف بين الطلاب أنفسهم، أو بين الطلاب والمدرسين، فقد تحولت المدرسة ساحة للمعارك والمشاجرات، وشهد العام الدراسى الماضى، العديد من وقائع العنف بمختلف مدارس أسيوط سواء بين الطلاب بعضهم البعض أو بين الطلاب والمعلمين.
وفى نوفمبر 2018 أصيب «عماد صابر»، طالب بمدرسة الثانوية الزراعية بقرية الزرابى التابعة لمركز أبوتيج بجرح قطعى فى الوجه وارتجاج بالمخ نتيجة ضربه بآلة حادة، خلال مشاجرة مع زملائه أمام بوابة المدرسة، وتم نقله إلى مستشفى الغنايم المركزى، وفى الشهر نفسه من العام السابق، تسبب معلم بإحدى مدارس التعليم الأساسى بمحافظة أسيوط، فى إحداث عاهة مستديمة لتلميذ بالصف الثانى الابتدائى بالمدرسة وفقده الإبصار بعينه اليسرى بواسطة خرطوم بداخله عصا خشبية رفيعة، وأكد ذلك التقرير الطبى الصادر من قسم طب وجراحة العيون بمستشفى أسيوط الجامعى والمتضمن أن العين اليسرى للتلميذ للمجنى عليه لا ترى الضوء وفقدت حاسة الإبصار.