«إصلاحات الحريري».. خطوة «قصيرة» لمعالجة الأزمة وإرضاء المتظاهرين
نضال السبع: الحراك ناجح ولكن يشوبه عيوب.. وعليهم اختيار قيادة له
تظاهرات لبنان
حزمة من الإصلاحات الاقتصادية أقرها مجلس الوزراء اللبناني لنزع فتيل الأزمة ومحاولة إعادة الهدوء مرة أخرى إلى الشارع اللبناني، الذي يشهد أكبر احتجاجات منذ سنوات في وسط دعوات لإضراب عام، وتضمنت تلك الإصلاحات إلغاء الضرائب الجديدة، بالإضافة إلى خفض رواتب كبار المسئولين إلى النصف.
وأكد رئيس الوزراء سعد الحريري، أن الإجراءات الإصلاحية التي أقرها مجلس الوزراء لا تهدف إلى "مقايضة" المتظاهرين على ترك الشارع ووقف "التعبير عن غضبهم" من أداء الطبقة السياسية والأزمة الاقتصادية الخانقة، وفقا لما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
سعد الحريري
وقال الحريري، في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، عقب انتهاء اجتماع لمجلس، الإثنين الماضي، مخاطبًا المتظاهرين في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية: «لن أطلب منكم أن تتوقفوا عن التظاهر وعن التعبير عن الغضب» مضيفاً: «أنتم من تتخذون هذا القرار ولا أحد يعطيكم المهلة».قال المحلل السياسي اللبناني، نضال السبع، إن هذا الحراك كان للمرة الأولى حراك عابر للطوائف والمناطق، مشيرًا إلى أن لبنان كله تحرك في وقت واحد، ولم يتحرك بدافع من السياسيين أو زعماء الطوائف لافتًا إلى أن هذا أمر مهم جدًا.
وأضاف السبع في اتصال هاتفي لـ«الوطن»، قائلًا إن الأمر الثاني: «يقال أن الشعب اللبناني لديه خيار آخر خارج تيار 8 آذار و14 آذار، والحراك حتى هذه اللحظة نجح في فرض مشروعه الإصلاحي على الرئيس الحريري إذا استمرت الحكومة، أو في حالة استقالته وتشكيل حكومة أخرى»، مشيرًا إلى أن أي حكومة أخرى ستأتي إلى لبنان سوف تتبنى هذا المشروع الإصلاحي.
نضال السبع
وتابع السبع: «هذا الحراك يفتقد إلى أمرين، الأمر الأول أنه لم يبلور قيادة تتحدث باسمه وتستمر في الحالة الاعتراضية التي رأيناها من خلال التظاهرات، وبالطبع هذا عيب في الحراك، والأمرا الثاني هو أن الحراك لم يطرح حتى هذه اللحظة مشروعًا سياسيًا، فاكتفى بالحالة المطلبية المعترضة على الوضع الاقتصادي»، مشيرًا إلى أن ورقة الرئيس الحريري جيدة من حيث المبدأ، ولكن فيها العديد من العيوب، حيث إن طرح فكرة إصدار قانون عفو سيشمل الأشخاص ويستهدف بالدرجة الأولى ما يسمى بـ«الموقوفين الإسلاميين»، مضيفًا: «أنا اعتقد أن هذا عيب لأنه من المفترض أن يكون اللبنانيين مجتمعين سواسية أمام القانون، ولا يجوز اجتزاء بعض الأطراف من أجل إصدار قوانين خاصة بهم، ومن ثم إخراجهم من السجون، بالتالي هذا من الممكن أن يفاقم مستقبلًا الوضع الأمني، وعمليًا سوف يخرجون هؤلاء من السجن، وأيضًا سيكونوا حافزا لآخرين من أجل اختلاق نفس الأعمال وإدخال لبنان في نفق جديد».
أما عن النقطة التالية التي تحدث عنها السبع تعليقًا على حديث الحريري، فكانت موضوع الاستدانة بمقدار 11 مليار و800 مليون دولار، لافتًا إلى أنها مشكلة أخرى، لأن معالجة الأزمة الاقتصادية لا يمكن أن تتم مطلقًا من خلال الاستمرار بسياسة الاستدانة لأنه من الناحية العملية سوف تدفعها الأجيال القادمة، مضيفًا: «نحن نتجه بهذه الطريقة إلى تعزيز الأعباء الاقتصادية بدلًا من وضع سياسة واضحة وسليمة من أجل التخلص منها».
وذهب السبع إلى عيب ثالث في ورقة الحريري قائلًا: «صحيح لم يفرض الضرائب على المواطنين بشكل مباشر، ولكن أيضًا طرح فكرة خصخصة الشركات الخلوية، وهذا الأمر لن يتوقف على ذلك فقط، ولكن يبدو أنه سوف يشمل الكهرباء ومن ثم النفط وشركة الطيران وكل مرافق الدولة، نحن بهذه الطريقة نبيع البلد ولا نترك أي شئ للأجيال، وفي نفس الوقت لا نعالج الأزمة الاقتصادية».
وعن توقعه بشأن استمرار الاحتجاجات، فقال السبع: «باعتقادي، الجيش اللبناني قام بخطوة مهمة جدًا، وهي فتح الطرق لأن إغلاق الطرق حاليًا هو عمليا اعتداء على حرية الإنسان، وهذا حق كفله الدستور بحرية الحركة، كان هناك بعض المحتجين البلطجية يقطعون الطرق، فالجيش أنهى ذلك، وفي نفس الوقت سمح الجيش اللبناني للمتظاهرين بالتجمع في الأماكن المخصصة لذلك في الساحات العامة، وهذا حق كفله الدستور في إطار حرية التعبير والرأي»، مضيفًا أنه طالما الحريري لم يتخذ خطوات مهمة باتجاه معالجة الأسباب الحقيقة التي أدت إلى انفجار الناس سيستمر الحراك.
وقال الإعلامي والمحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز إن المتظاهرين في لبنان لم يتقبلوا الورقة الإصلاحية التي أذيعت من القصر الجمهوري لأنها «قاصرة عن تلبية مطالب المواطنين، وثانيًا لأنها جاءت متأخرة عن الأهداف التي ترفعها التظاهرة المليونية في لبنان لليوم الخامس على التوالي والتي اعتبرت محاولة تخديرية للانتفاضة الشعبية».
محمد سعيد الرز
وتابع الرز في اتصال هاتفي لـ«الوطن»، أن المتظاهرين وعددهم تجاوز المليون ونصف المليون إنسان يريدون إسقاط حكم الطبقة السياسية المستمر منذ 30 عاما بدءا من استقالة الحكومة وتشكيل حكومة مصغرة من الأخصائيين المشهود لهم بنظافة الكف والنزاهة وبرئاسة قاض كفء ومستقل لتتولى هذه الحكومة إقالة حاكم البنك المركزي والتحفظ على سراق المال العام واستعادتها منهم والتحضير لانتخابات نيابية مبكرة وفق ما قرر اتفاق الطائف على أساس النسبية والدائرة الواحدة. وأضاف الرز: «هذه المطالب يؤكد المتظاهرون عليها من أجل بناء وطن حر لكل أبنائه وليس لطبقة واحدة».