نستكمل ما ناقشناه فى المقال السابق عن قضية مياه النيل ولن تتوقف الحرارة عند ارتفاعها درجتين فقط، وبدون تعديلها لن يستطيع أحد إيقاف الاحتباس الحرارى، فالمحيطات أصبحت غير قادرة على امتصاص المزيد من الكربون والغازات المنبعثة عن الثورة الصناعية ومخلّفاتها، لدرجة أن جلد السمك أصبح متآكلاً من المادة الكاوية، فأكسيد الكربون يتحول لحمض كربونيك وماء نار تأكل جلد الأسماك والأحياء المائية!، ولن تستطيع المحيطات الاستيعاب والتحمل أكثر من هذا. حتى الطحالب الخضراء التى تشكل مساحة مثل الغابات -40% منها تآكلت مثل غابات الأمازون- التى تمتص المواد الضارة كآليات طبيعية لتنقية الجو ربانياً تضررت كثيراً.
وأرخص وسيلة لمكافحة تغيّر المناخ هى «ازرع شجرة» فنحن بحاجة لزراعة أشجار بمساحات توازى مساحة أمريكا الشمالية مرتين لإعادة جزء من الـ40% من الغابات التى فُقدت وكانت تمتص أكاسيد الكربون، ومعلوم أن البلاستيك خطير جداً، وهو نتاج التقدم التكنولوجى ومن مشتقات البترول أى البتروكيماويات، أى مسرطنة فى جميع أشكالها، والعالم ينتج سنوياً 2000 مركب كيماوى يدخل السوق، ربعها بتروكيماويات، والبلاستيك لا يتحلل قبل 500 سنة ولا تستطيع الكائنات البحرية ولا الإنسان التعامل معه، والملايين من أطنان البلاستيك تشكل خطراً داهماً، وقد رأينا ذلك فى الخمس سنوات الأخيرة من الشكوى لظهور قناديل البحر، ولنعلم أن الطبيعة تعاقب البشر لإساءتهم للمناخ واستخدام البلاستيك، ولنتخيل وجود 15 تريليون طن بلاستيك فى المحيطات، ما ينتج عنه قتل حيوان «الترسا» التى تأكل القناديل، وهذا تفسير قوله تعالى: « ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِى عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» من إفسادهم فى البر وما عليه، والبحر وما فيه، ومن حكمة الله أنه لم يجعل بشراً يتحكم فى البشر بامتلاك الهواء، لأننا لا نستطيع التوقف عنه لحظات، ثم الماء كذلك وإن كنا نستطيع الصبر لبعض الوقت، حتى حينما هددونا بسد النهضة أنزل سبحانه وتعالى الفيضان الذى اجتاح قرى كثيرة، وكأنه سبحانه يقول للبشر: اتعظ حتى لا تغرق! ثم الطعام نصبر لفترة أطول، ولذا كثير منه يتحكم فيه البشر.
وقد أكدت الدراسات العشر التى أجريت على أثر المناخ على نهر النيل أن النيل سوف تتأثر منابعه فى بحيرة فيكتوريا وهضبة الحبشة بالنقصان وليس الزيادة حسب ٩ دراسات، والدراسة الروسية فقط هى التى أشارت لاحتمال زيادة تساقط المياه على الحبشة وفيكتوريا، فلعله إنذار لجميع من يظن أنه امتلك مياه الأمطار أن تهاجره وتأتى إلينا سواء من حزام مطر البحر المتوسط أو حزام مطر منابع النيل!
ومن المعروف أن الكائنات الحية تعيش فى ٣ أوساط غير حية عبارة عن عناصر كيميائية لا تستطيع كافة الكائنات العيش بدونها وهى البكتيريا اللاهوائية، والبلاستيك، «سم» كليوباترا للعصر الحديث، نأكله الآن، حتى فتافيته فى أحشاء السمك وأضراره الخطيرة جداً لعدم تحلله، والإنسان يجمع كل هذه السموم والأخطار وهى مادة صنعتها البشرية، البديل هو الكرتون والقماش.
ولا بد فوراً فى حملة زرع 7 مليارات شجرة سنوياً، لمدة 10 سنوات حتى نستطيع تعويض الغابات المحترقة وليس مواجهة التغير فى النظم البيئية، واجب كل فرد أن يزرع شجرة أمام بيته، وكل سيارة تضاف عليها فاتورة لأنها تحتاج 12 شجرة لامتصاص انبعاثاتها، فالأشجار هى الأزمة وهى الحل.
كما يرجى من الحكومة سرعة صدور قرار بمنع استيراد بودرة البلاستيك لإعادة تدوير كمية البلاستيك الموجودة أولاً، ثم التخلص منه مستقبلاً، فالأخطر من استعمال البلاستيك هو حرقه، سواء وحده ضمن المخلفات، حتى يحل محله مواد أخرى مثل القماش والورق حتى لا تخرب بيوت الناس مرة واحدة بل نوفر له البديل بصناعة التدوير ثم إنتاج البديل.
وأخيراً.. بعد تأخر الدول العربية فى إقامة الحزام الأخضر الجنوبى، فى الصحراء الكبرى جنوب الدول العربية، رغم أنه قائم من السنغال للصومال وتم انتهاء 40% منه تقريباً، لذا نطمع فى تخصيص الدول العربية، خاصة الغنية، مليار دولار للحزام الأخضر القديم من سوريا حتى المغرب العربى جنوباً فى الصحراء، لوقف زحف الرمال الكبرى أولاً، ثم لتعطى للمناخ رئة جديدة لامتصاص الأضرار، فالأشجار حياة أو موت بالنسبة للإنسان، خليك صديقها.