علماء نفس واجتماع: الرعاية المشتركة أفضل للطفل.. وغياب الاستضافة يضره
محكمة الأسرة
أكد خبراء في علم النفس والاجتماع، أن الطفل يحتاج إلى رعاية مشتركة من الأبوين معا، دون استثناء، موضحين لـ"الوطن" أن أضرار نظام "الرؤية" المعمول به حاليا، أكثر من منافعه، وذلك على خلفية الجدل الدائر بين مجلس النواب، والأزهر الشريف، حول مشروع قانون الأحوال الشخصية، وأسس الفصل في سن الحضانة وترتيبها، وإقرار الاستضافة بديلا عن "الرؤية".
"حافظ": "الرؤية لا قيمة لها" والطلاق يعرض الطفل لاضطرابات
وقال الدكتور أحمد خيري حافظ، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، إن العلاقة الثلاثية بين الأب والأم والطفل، يجب أن يسودها الانسجام على أسس التنشئة الوالدية بينهما، بحيث يكون للأب والأم خطة واحدة لتربية الأبناء، فإذا حدث انفصال بينهما يجب ألا يحدث انفصال للخطة، وتظل خطة التنشئة الوالدية كما هي، وهدفها إعداد مواطن صالح يتسم بالقيم الأصيلة، وقادر على التكيف مع المجتمع والتمتع بصحة نفسية جيدة، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يراعي عند وقوع الخلافات بين الزوجين، والتي غالبا ما تؤدي إلى الانفصال، فيتحول الطفل إلى مجال للمعركة، كل طرف منهما يحاول أن يكسب هذا الطفل لصالحه ضد الآخر، وهذه مسألة في غاية الخطورة، لأن الطفل لن يتخلى عن أحد الطرفين على الإطلاق، وإذا تخلى مؤقتا عن أحدهما، فإنه سوف يدفع الثمن غاليا، وسوف يتعرض إلى اضطرابات نفسية وسلوكية.
وأضاف حافظ، لـ"الوطن"، أنه لا بد من علاقة ثابتة ومستقرة بين الطفل وأبويه، عبر استضافة كل منهما له، فالرؤية لا قيمة لها على الإطلاق، ويراها علماء النفس نوعا من العلاج الخارجي، الذي لا يؤثر في تكوين الطفل، رؤية الأب لأبنائه لمدة ساعتين مع ما يصحبها من مشاكل، لا تفيد كثيرا بل أحيانا ضررها أكبر من فائدتها.
"فرويز": لا بد من تخيير الأطفال
وتساءل الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، بجامعة القاهرة، عن أسباب تطرق الأزهر لقضية الأحوال الشخصية، ودخوله في مناقشة الأمر، لافتا إلى أن سؤاله مجرد ويريد إجابة فعلية عليه، هل رأي الأزهر شخصي أم علمي أم ديني؟، ولو دينيا فهذا أمر جيد، لكن على أي أسس دينية بنى آراءه فيما يخص الحضانة والرؤية، هل رأيه نتاج آراء فقهية في هذا الصدد؟، مشيرا إلى أن قضية الأحوال الشخصية، موضوع إنساني بحت، فكيف لأب حدث انفصال بينه وبين زوجته، أن يوضع في الترتيب السادس بالنسبة لحضانة طفله.
وأوضح أن الأزهر ورجاله لهم مكانتهم وقدسيتهم واحترامهم، لكن الأمر يحتاج لتوضيح وفق أدلة علمية حقيقية، وتوضيح ما إذا كان هذا الرأي مبني على فتوى دينية أم على ماذا؟.
وأضاف فرويز لـ"الوطن"، أن رأيه في هذا الصدد ينبع من أدلة علمية طبية، خلاصة لـ 30 عاما من التعامل مع الأطفال ونفسيتهم، لافتا إلى أن الطفل كائن فاهم "لا يضحك عليه أحد"، ويعرف من يحبه ومن يكرهه، ويميز جيدا، فلماذا لا يتم إعطاء الفرصة للطفل للاختيار، فكيف يأتي ترتيب الحضانة بهذا الشكل، كيف لأب حرم من ابنه سنوات، ولم يشعر به وبأبويته، يتابع تعليم ولده وينفق عليه ويلحقه بأفضل الجامعات وهو لا يعرفه وليس هناك تعامل بينهما.
وأكد أنه شاهد حالات فعلية، لم يستطع فيها كل من الطفل والأب التعامل بعد سنوات طويلة من استمرار تواجد الابن مع والدته، دون صلة أو تواصل مع والده، فهذا البعد، يميت المشاعر وصلة الرحم بين الطرفين، مشددا على ضرورة أن دور محكمة الأسرة والقضاة يتمثل في منح الطفل حق الاختيار، على أن يلتزم الطرفان بما عليهما من التزامات في التربية، مادية ومعنوية.
"خضر": وضع القرار في يد القاضي
وقالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع، بجامعة عين شمس، إن قرار الاستضافة وتحديد مدتها، لا بد من أن يكون في يد القاضي، ولا يتم تعميمها على كل الحالات، نظرا لاختلاف ظروف وحيثيات كل أسرة وحالتها عن الأخرى.
"بحري": الاستضافة مهمة لتوطيد العلاقة بين الابن والطرف غير الحاضن
وأكد الدكتور هاشم بحري، أستاذ الطب النفسي، بجامعة الأزهر، أنه يرى أن النساء أكثر قدرة على احتواء الأبناء، لكن هذا لا يعني التعميم، موضحا أنه يؤيد أن تكون الحضانة بشكل عام مع الأم حتى سن 16 عاما، على أن يفصل القاضي في بعض الحالات الاستثنائية، التي لا تكون الأم فيها مؤهلة لتربية الأبناء، بحيث لو رأى عدم أهلية الأم لذلك، فله أن يحكم بأن تذهب الحضانة للأب بعد الأم مباشرة، وليس لأحد آخر.
وأوضح بحري، أن نظام "الرؤية" المعمول به حاليا نظاما فاشلا، فمن حق كلا الطرفين سواء الأب والأم، إذا كان أي منهما غير حاضن، أن يستضيف طفله ويصطحبه، ويجلس معه مدة معقولة من يوم إلى اثنين، يستطيع من خلالها توطيد العلاقات والروابط الإنسانية مع الطفل في كل المراحل العمرية، مؤكدا أن الرؤية لمدة ساعتين أو بضع ساعات فقط، تحدث مشاكل نفسية للطفل.