نشرة أخبار تركيا.. توتر العلاقات التركية الفلسطينية
مصر والسعودية يحملان راية القضية الفلسطينية
اتسمت الأسابيع القليلة الماضية بتزايد الاضطرابات السياسية بين تركيا وفلسطين، حيث أدان الممثل الفلسطيني لدى الجامعة العربية العدوان التركي على شمال سوريا في اجتماع عقد 12 أكتوبر.
وحسب تقرير لموقع نورديك مونيتور السويدي، فإن هناك الكثير من الإشارات التي تؤكد توتر العلاقات بين تركيا وفلسطين في الوقت الذي تتقارب فيه السلطة الفلسطينية مع مصر والسعودية.
فلم يكن اجتماع الجامعة العربية الدليل الوحيد على تدهور العلاقات التركية الفلسطينية، وفقا لتقارير وسائل الإعلام التركية، لم يشارك أعضاء الحكومة الفلسطينية في مؤتمر دولي في أنقرة تحت عنوان "الكل معًا من أجل القدس" في 22 أكتوبر، حيث ألقى سياسيون أتراك بارزون خطابات عاطفية حول القدس.
وفي دليل آخر على الابتعاد عن تركيا، أنشأت فلسطين أيضا مجالس أعمال رفيعة المستوى وهياكل ثنائية جديدة مع مصر والمملكة العربية السعودية في أكتوبر.
وعندما حضر وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، اللجنة الوزارية لحركة عدم الانحياز بشأن فلسطين المنعقدة في باكو في 24 أكتوبر، وعلى الرغم من أنه دعا المجتمع الدولي إلى الاعتراف بفلسطين وتحقيق سلام دائم، إلا أنه لم يلتقي بنظيره الفلسطيني الدكتور رياض المالكي، على هامش الاجتماع، وبدلا من ذلك أجرى محادثات مع وزراء الخارجية الإيرانيين والماليزيين والفنزويليين في باكو، يعد ذلك دليل آخر على هذا التراجع في العلاقات.
والأكثر من ذلك، عقد المؤتمر الثالث للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي حول الوساطة في إسطنبول دون مشاركة رفيعة المستوى من الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي أو فلسطين، فيما أشار مولود تشاووش أوغلو في كلمته في هذا الحدث: "حوالي 60 في المئة من النزاعات الحالية تحدث في منطقة منظمة المؤتمر الإسلامي، وهذا يضع مسؤولية ثقيلة على عاتقنا"، لكنه لم يذكر العملية السياسية في فلسطين، بينما وصف تركيا بأنها "رئيس" جهود الوساطة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
وفي الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية، حثت الدول العربية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على وقف "الغزو العسكري" لتركيا في سوريا والسحب الفوري لقواتها، أدان بيان الجامعة العربية محاولات تركيا لفرض تغييرات سكانية في سوريا، على الرغم من إعلان دولة قطر والصومال عن تحفظاتها في الاجتماع، فقد أيد البيان باقي الأعضاء ومن ضمنهم السفير دياب اللوح، الممثل الدائم الفلسطيني لدى الجامعة.
وفي أعقاب ذلك تم التقليل من شأن هذه الضربة الكبيرة لتركيا من قبل وزير الخارجية التركي، الذي ادعى أن وزير الخارجية الفلسطيني لم يحضر اجتماع الجامعة العربية وفسر ذلك على أنه علامة على دعم الموقف التركي.
كما أثار موقف فلسطين السياسي من العدوان العسكري التركي ضجة في وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة، اتهمت النخبة الإعلامية للرئيس رجب طيب أردوغان فلسطين بخيانة تركيا و التورط في رد الفعل العربي ضد العملية العسكرية.
وعلى الرغم من رد فعل وسائل الإعلام، امتنع أردوغان وأعضاء حزبه عن انتقاد السلطات الفلسطينية لتجنب المزيد من التدهور في العلاقات الثنائية، من أجل تحقيق هذه الغاية، لم يتردد نائب الرئيس التركي فات أوكتاي ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم نعمان كيرتولموش في حضور المؤتمر الدولي الثالث للنقابات المهنية والمنظمات المهنية حول القدس، لكن فلسطين لم يمثلها أعضاء مجلس الوزراء في المؤتمر.
في الواقع، فإن التباعد بين تركيا وفلسطين يأتي في الوقت الذي يتصاعد فيه الدعم المصري والسعودي للقدس؛ في أكتوبر استضاف الملك سلمان الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الرياض، بينما قام رئيس الوزراء محمد شطية بزيارة تاريخية إلى القاهرة.
وبدأت الحكومة الفلسطينية في تطوير خطتها لفك الارتباط الاقتصادي عن إسرائيل بعد أن بدأت الأخيرة في حجب بعض العائدات الضريبية التي تجمعها بالنيابة عن فلسطين في 17 فبراير 2019، وجاءت هذه الزيارات كجزء من جهود الحكومة الفلسطينية لتفعيل العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية وفك الارتباط اقتصاديا عن إسرائيل، من الواضح أن الدعم المالي المتزايد من بعض الدول العربية للقدس قد أحدث أثرا سلبيا على الشؤون التركية الفلسطينية.
وبعد اجتماع الجامعة العربية حول سوريا، التقى الرئيس محمود عباس مع الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الفترة 16-17 أكتوبر لتعزيز التعاون المشترك وتنسيق المواقف السياسية، أسفرت الزيارة عن اتفاق على تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة ومجلس أعمال سعودي فلسطيني، حيث تواجه السلطة الفلسطينية فجوة تمويلية قد تتجاوز 1.8 مليار دولار.
وقبل البرنامج الرسمي للرئيس عباس في الرياض، زار رئيس الوزراء شطية القاهرة في الفترة من 7-10 أكتوبر، على رأس أكبر وفد وزاري في تاريخ العلاقة بين البلدين.
ووفقا للتقارير، طلب شطية من مصر السماح لحكومته بإنشاء مكاتب جمارك على الجانب المصري من الحدود للمنتجات التي تدخل غزة عبر معبر رفح الحدودي.
وخلال حديثه في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري في القاهرة، أكد شطية على جهود مصر لدعم الاقتصاد الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية، وحدد استراتيجية حكومته لفك الارتباط التدريجي عن إسرائيل والاعتماد على الذات من خلال تعزيز المنتجات الوطنية وفتح الأسواق العربية أمام المنتجات الفلسطينية.
بينما كانت الدول العربية تعزز علاقاتها مع فلسطين، كانت أنقرة قادرة فقط على استضافة بعض الشخصيات الدينية السابقة من أجل مواصلة نفوذها في المنطقة، عقب اجتماع الجامعة العربية حول سوريا، استضافت وكالة التعاون والتنسيق التركية (TİKA)، الذراع الطويلة لحكومة أردوغان للترويج للدعاية الدينية والقومية في الخارج، الشيخ تركي عكريم صبري، المفتي العام السابق للقدس من عام 1994 إلى عام 2006، يرأس صبري حاليا مدارس رياض الأقصى، بتمويل من تيكا، في القدس الشرقية.