في رحلة عذاب يوميا للذهاب للعمل أو الدراسة، تواجه أصوات صاخبة، نداءات متعددة عن مختلف الأشياء والمنتجات تجدها يمينا ويسارا، تزعجك كثيرا في الصباح الباكر، وتسبب لك الصداع مساء مع العودة من الأشغال، لكن يتفاعل معها كثير من الأشخاص الذين يتجاوبون مع الإعلان عن كافة السلع والأشياء التي تباع في مترو الأنفاق بمختلف خطوطه، ورغم استياء الكثيرين من انتشار هؤلاء الباعة في ظل الزحام الذي عرفه ركاب المترو منذ إنشائه في العام 1983.
رغم تكدس المترو صباحا الذي يستقله ما يقارب من 4 ملايين راكب يوميا، تجد الباعة يتجولون في مختلف العربات، يصل الأمر إلى عدة أصوات من عدة بائعين في نفس العربة، في مشهد اعتاده ركاب المترو يوميا، وتعايشوا معه، البعض يرفضه ولكن لا يعلم كيف يتصرف حيال ذلك، فيما ينتظر كثير من المواطنين الباعة الجائلين، لكي يشتروا ما يريدونه، فتجد عندهم كافة المنتجات، كأنهم محال متحركة، بجانب استغلالهم للأطفال المشردين أو اليتامى أو الفقراء لتدريبهم على البيع بالمترو نظير مبلغ زهيد.
على متن عربات المترو حيث لا رقابة من أي نوع على البضائع التي دائما ماتكون منتجات مقلدة، هناك مختلف أنواع البسكوت والشوكولاتات يصاحبها عرض الـ 3 بـ 5، قد يكون مغريا بالنسبة للكثيرين الذين يجدون الأسعار مرتفعة بالخارج، كما يبتاع آخرون كريمات البشرة المنخفضة الأسعار، رغم خوفهم منها ولكن يصاحبها جملة "اتأكد من تاريخ الصلاحية وجرب قبل ماتشتري"، لتدفع عبارات الطمأنة البعض لشراء هذه المنتجات، كما تجد مفارش السفرة حتى الملابس لم تخلو من المترو فتجد "باديهات واندرشيرت والطرح"، مرورا بسماعات الهاتف التي لا تتجاوز 10 جنيهات، والشواحن أيضًا.
استمرار تكاثف وتزايد الباعة الجائلين يوما بعد يوم دون توقف مع وجود رقابة من قبل شرطة النقل والموااصلات في مختلف المحطات، يجعل الكثيرين يتساءلون عن سر عدم خوفهم من الغرامة المالية التي تصل إلى 150 جنيها، إضافة إلى تهديد وزير النقل في تصريحات سابقة باحتمالية أن يصل الأمر إلى الحبس، ولكن تجيب عليهم "نعمة أحمد" إحدى البائعات بالمترو، مشيرة إلى أنها تلجأ إلى حيلة لتفادي وقوعها في يد رجال الشرطة، حيث تقوم بعمليات البيع أثناء سير القطار، وعند توقفه في المحطات تختبئ بجلوسها وسط الركاب، أو تأتي بحقيقة كبيرة تضع بها مبيعاتها حتى لا يشك أحد أنها بائعة، فيما يرتدي البعض ملابس نظيفة وكعب وحقيبة كبيرة تضع بها بعض بضائعها ولكنها لا تظهر أنها شنطة بها مقتنيات للبيع "وأوقات كله بيمشي وماحدش بيدقق في كل محطة".
في المقابل يرى المواطنون أن انتشار الباعة الجائلين أمر غير حضاري، يسبب إزعاجا بالنسبة لشيماء محمود "مش بعرف أتكلم في التليفون، حتى أصوات من كل صوب تدخل أذناي وكل يوم رحلة هلاك بجدها في المترو"، ولكن سارت على عكسها نجلاء عبدالله التي تحصل على كل ماتريده من المترو "أنا كل حاجة بكون عايزة أجيبها بدل ما أروح محلات بشتريها من المترو.. وأهو الناس بتسترزق".
وحول هذا الأمر الذي يزداد يومًا عن يوم، ولا يستطيع أحد أن يقضي على الظاهرة، قال أحمد عبدالهادي المتحدث الرسمي باسم مترو الأنفاق، إن هناك حملات أمنية مكثفة بالتعاون مع شرطة النقل والمواصلات لضبط الباعة والقضاء على هذه الظاهرة، كما أننا نقوم يوميا بتنظم حملات في المحطات للقضاء على هذه الظاهرة، و"فيه جدول محطوط بمواعيد الحملات كل يوم" وفق قوله.
وعبر عبدالهادي عن تمنيه أن تنتهي ظاهرة انتشار الباعة الجائلين، مشيرا إلى الاتجاه قريبا إلى تغليظ العقوبة لضبط المخالفين في المترو وأخذ البضاعة منهم أو الحبس، حيث إن غرامة المحطات والمقررة 50 جنيها ليست رادعة، ويسددون الغرامة ثم يعودون لمزاولة نفس النشاط مرة أخرى في عربات المترو، لأن الغرامة في النهاية أقل من قيمة إيجار كشك أو محل، بالتالي مصادرة البضائع ستكون رادعة لهم أكثر "يعني لو بائع ضبطناه بيتعمله محضر ويتغرم 50 جنيه، والنيابة بتخلي سبيله في نفس اليوم، يعني يعتبر مش خسران حاجة مقابل إنه يفتح محل بره أو يؤجر".
وقال عبدالهادي "المشكلة إن الباعة كلهم بيبلغوا بعض وبيختفوا من المحطات في ثانية، والحملة مش هتقعد طول الـ 24 ساعة، مضيفا "إحنا شايفينهم قدامنا راكبين المترو أثناء الحملات بس مافيش حاجة بتقول في المترو نضبط حد شايل حاجة، لازم يتمسك وهو بيبيع، وبنلاقي الركاب يقولوا ياخي حرام عليها أحسن ما يسرقوا".
تعليقات الفيسبوك