قصة كفاح ونضال ضد الاحتلال والتمييز العنصري، بدأتها عائلة مانديلا قبل ميلاد نيلسون واستمرت بعد وفاة الزعيم الجنوب أفريقي، الذي يحتفي العالم اليوم بمرور 6 سنوات على وفاته، فقبل أن يولد منذ 101 سنة، كان والده غادلا هنوري مفاكنسيو مناضلًا قبليًا ضد الاحتلال الإنجليزي، كما لم يكتب رحيل نيسلون في عام 2013 نهاية الملحمة التي واصلها أحفاده من بعده.
والد مانديلا يرفض الإذعان لتدخل الحاكم الإنجليزي في شؤون القبيلة
كان غادلا، والد نيلسون مانديلا، سيدًا بحكم السلالة والعرف الذي يورث أفراد العائلة الزعامة القبلية، فنصبه ملك التيمبو زعيمًا لقريته، "مفيتنزو"، وهو تعيين صدقت عليه الإدارة البريطانية آنذاك متمثلة في قاضي القرية وهو المنصب الذي وصفه مانديلا بـ"منصب محفوف بالاحترام والإجلال"، إلا أنَّ وقوعه تحت سيطرة الحكومة الإنجليزية المعادية حط من قدر، ولم يكن منصبه يؤهله لأكثر من القيام بدور استشاري في تقديم المشورة للملوك والحكام، بحسب ما ذكره نيلسون في كتابه، رحلتي الطويلة من أجل الحرية.
"كان يجنح إلى التمرد والاعتزاز بالنفس.. متشددًا في فهمه للعدل والظلم"، هكذا وصف نيلسون في سيرته الذاتية والده موضحًا ملمحًا من نضاله ضد القوانين الإنجليزية نصرة لأعراف قبائل التيمبو وهو ما نتج عنه حرمانه من حقه في زعامة قرية "مفيتزو"، فعندما تقدم أحد أهالي القرية بشكوى ضد غادلا تتعلق بضياع ثور في القرية، أرسل الحاكم المحلي طلب يأمر غادلا بالمثول أمامه جاءت إجابة غادلا بـ"لن أحضر لأنني أتوشح سيفي استعدادا للمعركة" وهو التصرف الذي وصفه مانديلا بلسان ذلك العصر بـ"تصرف غاية في العجرفة والإهانة" ولكن غادلا أراد من خلال تصرفه أن يبين أنه ليس للحاكم المحلي سلطان شرعي عليه وأن الشؤون القبلية لا تخضع لقوانين ملك إنجلترا.
وما أن تسلم الحاكم المحلي هذا الرد حتى استغل الحق المقتصر على الموظفين البيض، موجهًا لغادلا تهمة مخالفة الأوامر عازلا إياه على إثرها من منصبه حيث وأنهى زعامة آل مانديلا للأبد.
كما خسر غادلا على صعيد قناعته المبدئية، التي أراد من خلالها أن يؤكد صلاحياته العرفية كزعيم قبلي، ثروته ولقبه، علاوة على مصادرة القسم الأكبر من أرضه ومواشيه وترك الأسرة أمام تحدي لم ينج أي من أفرادها من أثاره؛ فانتقل نيلسون ووالدته لحياة أكثر تواضعا في قرية "قونو" شمال "مفيتزو" حيث كفلها أقاربها وأصدقائها.
نيلسون أول رئيس جنوب أفريقي منتخب.. وكافح ضد الفصل العنصري ومن أجل الحرية
بدأ نيلسون يكتب فصله الخاص من قصة الكفاح بعدما توفي والده وهو لا يزال صبيا في الثانية عشر من عمره يستمع لقصص أسلافه وأسلاف أسلافه خلال حروب المقاومة ويحلم بالمشاركة بدور خاص في النضال من أجل الحرية لشعبه.
بدأ الزعيم الراحل الانخراط في الحياة السياسية منذ عام 1942 حتى انضم لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي عام 1944، حيث شارك في تشكيل رابطة شباب الحزب متدرجا في مناصبها.
في عام 1952، جرى اختياره كالمتطوع القومي المسؤول عن حملة التحدي نائبا لمولوي كاشاليا، وهي حملة مشتركة بين حزب المؤتمر الأفريقي وحزب المؤتمر الجنوب أفريقي الهندي للعصيان المدني على ستة قوانين حُكم عليه بالسجن ستة أشهر على إثرها مع إيقاف التنفيذ لمدة عامين.
وفي العام نفسه، أسس بصحبة أوليفر تامبو أول شركة محاماة سوداء "أوليفر وتامبو" ليدافع السود عن حقوقهم من خلالها مستغلا دراسته للقانون لمدة عامين حتى جرى حظر نيلسون لأول مرة بنهاية هذا العام حتى ألقي القبض في عام 1955 تمهيدا لمحاكمته بتهمة الخيانة في عام 1956.
قضى مانديلا السنوات التالية بين السجن والخروج لإلقاء خطب في مختلف الدول تنبذ العنصرية وتعزز المبدأ الذي يناضل لأجله حتى أطلق سراحه في عام 11 فبراير عام 1990 حيث انخرط في الأحاديث الرسمية الهادفة إلى إنهاء سيادة البيضاء.
في عام 1991، انتخب نيلسون رئيسا لحزب المؤتمر بديلا عن زميله أوليفر تيمبو ثم حصل على جائزة نوبل مناصفة مع الرئيس الجنوب أفريقي السابق فريدريك ويليام دي كليرك في عام 1993.
وفي عام 1994، أصبح نيلسون مانديلا أول رئيس جنوب أفريقيي منتخب ديمقراطيا ليتنحى بعد فترة ولاية واحدة في عام 1999 ملتزما بوعوده.
"ماندلا مانديلا" الحفيد الذي درس العلوم السياسية بتشجيع من جده.. ومثّل قبيلته في قضايا السياسة
بدأ تسليط الأضواء على ماندلا عندا نصبته "الخوزا" زعيما عرفيا، في احتفال أقيم في 2007 بحضور جده، حيث تم تنصيب ماندلا رئيسا للحزب العرفي للـ"مفيتزو"، بعد أن قررت سلطات "خوزا" عودة الزعامة لآل مانديلا، لينطوي دور ماندلا على الاحتفالات القبلية وتسوية الخلافات بين أعضاء القبيلة وتمثيل القبيلة في القضايا السياسية.
وعلى خلفية إعلان دعمه لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي وزعيمه جاكوب زوما في 2009، أعلن حزب المؤتمر، الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا، في مارس 2009 عن وجود ماندلا مانديلا، حفيد الزعيم الراحل نيلسون مانديلا ضمن قائمة مرشحيه في البرلمان، وكان ذلك بمثابة بوابة الدخول الحقيقية لرجل الأعمال الجنوب أفريقي، ماندلا، للحياة السياسية قبيل الانتخابات البرلمانية في أبريل من العام نفسه والتي أصبح بعدها عضوًا في برلمان جنوب أفريقيا، بحسب موقع "بي بي سي".
وتتشابه مواقف الحفيد ماندلا مع موقف جده الراحل من حيث نبذ العنصرية حيث كان جده وراء توجيهه للحياة السياسية ودفعه لدراسة العلوم السياسية بجامعة رودز بجنوب أفريقيا. فذكر ماندلا في حوار مع قناة "ساوث أفريكا 24" أن نيلسون اختاره وريثا له معللا ذلك بأنه أراد أن يتأكد من أنه إذا كان هناك من يتحمل مسئولية إرث وامتداد آل مانديلا أن يكون صاحب أساس قوي.
ويني مانديلا.. الزوجة التي احتفظت باسمه حتى بعد الطلاق وتم نفيها وحبسها إنفراديا
هي مناضلة ضد سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا عوقبت بالسجن دفاعا عن حقوق السود وتزوجت نيلسون مانديلا في عام 1958، عقب انفصاله عن زوجته الأولى ليتغير اسمها من ويني ماكيتيزلا إلى ويني مانديلا، الاسم الذي ظلت تستخدمه بعد طلاقهما، عام 1996، وحتى وفاتها.
عملت ويني، برفقة زوجها بالعمل السياسي فترة ليست طويلة قبل أن يضطر الأخير إلى الاختباء فترة ثم يُحكم بسجنه مدى الحياة في عام 1964 ليطلق سراحه في عام 1990 وهي الفترة التي تعاظم فيها الدور النضالي لـ"ويني" في مواجهة المضايقات التي تعرضت لها من الأجهزة الأمنية في جنوب أفريقيا وهي مقاومة أودت بها إلى السجن في عام 1969 حيث قضت فترات في الحبس الانفرادي.
كما أصبحت ويني في هذه الفترة رمزا قويا لنبذ قضايا الفصل العنصري عوقبت على خلفيتها بالنفي كما تعرض منزلها للحرق في غير مرة.
تعليقات الفيسبوك