أحيى الدكتور خالد منتصر فى جريدة «الوطن»، الذى كتب عن موضوع نقل الأعضاء فى مصر ومتى يتم تفعيل قانون نقل الأعضاء.
لقد نسى أن يذكر الجهد الذى بذلته لجنة الصحة السابقة فى مجلس الشعب (برئاسة أ.د.حمدى السيد) فى إخراج هذا القانون فى مجلس الشعب فى وجه معارضة شديدة من بعض القيادات الدينية والطبية الذين قست قلوبهم وتطرف فكرهم فى الوقت الذى يتم فيه نقل الأعضاء من المتوفين حديثاً فى عدد كبير من البلاد الإسلامية مثل السعودية والكويت وإيران وتونس والمغرب وباكستان.. ولقد درست هذا الموضوع باستفاضة وأحضرت ودرست قانون نقل الأعضاء التونسى والإسبانى والسعودى والإيرانى، وجميعها وافقت ووضعت الضوابط التى تمنع التجارة، ولا تنقل الأعضاء من المتوفين حديثاً إلا بعد التأكد من أن الوفاة نهائية ولا مجال للادعاء أن وفاة المخ ليست وفاة نهائية.
لا بد أن أشكر وأشيد بالمساعدة والعون الذى أخذته من المغفور له فضيلة الأمام الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق والذى عقد اجتماعاً للمجلس الأعلى للبحوث الإسلامية والذى فيه أعضاء من خمسين دولة إسلامية واستمر الاجتماع لمدة يومين ودعانى للحديث أمام المجلس الذى وافق بالإجماع على مشروعية نقل الأعضاء من حديثى الوفاة وذكرنا بالحديث الشريف «عندما يموت الإنسان ينتهى عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له»، وأن تبرع المتوفى حديثاً بأعضائه لإنقاذ حياة مرضى يعانون من فشل نهائى لأعضائهم (القلب، الرئتين، الكبد، الكلى، البنكرياس) وأن من أحيا نفساً كأنما أحيا الناس جميعاً. ولا بد أن أشكر من ساعد ودعم المحاولات التى تمت على مدى أربع سنوات لإخراج القانون، ومنهم المرحوم الأستاذ الفاضل عبدالمنعم حسب الله أستاذ الكلى وعضو نقابة الأطباء وكذلك السيد المستشار الأستاذ الدكتور محمود المتينى جراح نقل الأعضاء ورئيس جامعة عين شمس.
خرج القانون ووضع فى الثلاجة ولم ينفذ إلى الآن وطلب مجلس الشعب تعديل القانون فى زيادة العقوبة على التجارة بالأعضاء والتصدى لعصابات بيع الأعضاء من الأطباء.. لم أدعَ لأى اجتماع وأنا صاحب مشروع القانون وأعلم نقاط الضعف فى القانون، نتيجة للتردد والوسواس القهرى للأعضاء خوفاً من التجارة وإنهاء الحياة قبل موعدها.
أصر على أن يسجل المتبرع قبل وفاته رغبته وموافقته على التبرع عند الوفاة وتسجيل ذلك فى الشهر العقارى.
هل هناك شرط أسوأ من ذلك؟
التعديل المطلوب فى القانون هو تعديل هذا الشرط ويكون التبرع من أحد الورثة كما يحدث فى العالم ونذكر قصة المليونير الأمريكى الذى توفى ابنه فى حادث سيارة فى إيطاليا وطلب والده تبرع ابنه بأعضائه للمحتاجين بالتليفون.
معنا فى مصر الجراح الكبير والعالم الفذ ذو العطاء المتجدد الدكتور مجدى يعقوب رائد زراعة القلوب فى العالم أكثر من ثلاثة آلاف زراعة وكان يذهب إلى المطار الساعة 3 صباحاً وفى حراسة رسمية لاستقبال أحد القلوب المطلوبة للزراعة من الاتحاد الأوروبى حيث توجد شبكة موحدة وتنقل الأعضاء إلى حيث الحاجة إليها يحضر للمستشفى فى الصباح الباكر أو منتصف الليل حيث يكون المستقبل للقلب قد حضر ودخل حجرة العمليات ويحضر الجراح الكبير وتتم الجراحة بنجاح فائق يدعو له المريض الذى منح حياة جديدة ويدعو للمتبرع الذى أحيا نفساً جديدة تدعو له بالمغفرة لهذه الصدقة الجارية.
فى مصر حالياً يتم نقل الأعضاء من الأحياء.. الأستاذ الكبير محمد غنيم رائد زراعة الكلى أول حالة عام 76 فى مركز الكلى فى المنصورة ولا يزال هذا المركز هو الوحيد تقريباً فى مصر الذى يرفض إجراء الجراحة سوى من متبرع قريب من الدرجة الأولى أو الثانية ويرفض أى شبهة تجارة أو النقل مقابل شراء الكلى من متبرع ويومياً إعلانات مطلوب متبرع بالكلى فصيلة صفر أو A ويتم ذلك فى مراكز عديدة فى القاهرة وغيرها من المراكز.
فى عام 2001 حضر إلى النقابة دكتور حاتم الجبلى وزير الصحة الأسبق ولكنة كان مديراً لمركز دار الفؤاد وذكر لى مشروعاً خطيراً أنه يرسل مجموعة من الأطباء وهيئة التمريض إلى اليابان للتدريب على النقل الجزئى للكبد من الأحياء لأن اليابان لا تستطيع النقل الكلى للكبد حيث إن الديانة تؤمن أن الروح لا تغادر الجسد إلا بعد أسبوع من الوفاة.. لماذا اليابانيون؟ لا يقف فى طريقهم عائق، اتجهوا للنقل الجزئى لفص من الكبد حيث ينمو بعد ذلك ليكون كبداً كاملاً لكل الطرفين المتبرع والمستقبل، ولكى يطلب تعاون النقابة فى السماح للجراح اليابانى بحضور عدة مرات فى العام لإجراء الجراحة بدلاً من مرة واحدة كما ينص القانون، ولقد وافقت وتعهدت بالمساعدة فى سبيل هذا العمل المجيد الذى يحل مشكلة كثير من المرضى الذين يموتون سنوياً بسبب فشل الكبد من الفيروسات الكبدية التى تبذل الدولة جهداً فائقاً فى التصدى لها وعلاجها وذلك لتعليم الأطباء المصريين.
د.حاتم الجبلى نجح فى توطين هذه الجراحة التى تعتبر أصعب تدخل جراحى فى نقل الأعضاء وقد تستمر الجراحة عشر ساعات ويشارك فيها عشرات من المساعدين وأعضاء هيئة التخدير والرعاية المركزة وتوطنت هذه الجراحة فى عدة مراكز فى مصر.
ثم إلى الآن أكثر من ألفى عملية نقل جزئى فى الكبد تبرعاً طبقاً للقانون ولكن لا نستبعد شراء من الفقراء ولكن النتيجة باهرة وأعرف عدداً من الذين حصلوا على هذه العملية.. وشكراً لعائلة ساويرس والسيدة الفاضلة والدتهم والتى ترأس جمعية لمساعدة مرضى نقل الكبد والكلى قد تتكلف أكثر من ثلاثمائة ألف جنيه ونجحت الجمعية فى تحمل نفقات أكثر من 180 جراحة فى عام واحد وأتشرف بأن أكون أنا وابنتى الدكتورة منال عضوين فى هذه الجمعية ولكن للزراعة الكاملة للكبد من حديثى الوفاة قد تكون الحاجة إليها ولا يكفى الزراعة الجزئية خصوصاً فى حالات الأورام التى انتشرت مع الأسف الشديد ويتم ذلك فى الصين والهند بنفقات كبيرة وبأعداد قليلة نظراً للتكلفة ومشقة السفر التى قد تحتاج لأسابيع انتظار العضو المناسب حسب فصيلة الدم والأنسجة ويتوفى كثيرون أثناء الانتظار.
المواطنون الأعزاء..
إلى متى نظل متخلفين فى هذا العمل الإنسانى والأخلاقى الباهر نحن أمة تاريخها فى العمل الإنسانى والتطوعى لا يحتاج للتأكيد عليه ولكننا نريد الزيادة من الوعى والعطاء فى قضية نقل الأعضاء وأؤكد لكم جميعاً أن القواعد المطلوب تطبيقها تمنع التجارة أو الإساءة أو التعجيل فى أخذ الأعضاء قبل التأكد من الوفاة الكاملة.
وأحيى وأشكر كل من يسهم فى هذه القضية الإنسانية العادلة.