في يومها العالمي.. لغويون يرصدون تحول "العربية" من الجاهلية للعامية
اللغة العربية
في الثامن عشر من ديسمبر، لعام 1973، اعتمدت الأمم المتحدة، بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة، ومنذ ذلك التاريخ، اختير هذا اليوم من كل عام للاحتفاء باللغة العربية.
بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية، أرجع عدد من علماء اللغة سبب تراجع مستوى اللغة في الألفاظ والقصائد إلى أسباب عديدة من بينها تأثر الأجيال بالشاشات أكثر من الاستماع، وتراجع الاهتمام باللغة في الإعلام والثقافة.
قال الدكتور حسين حمودة، الناقد الأدبي، أستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة، "أتصور أن اللغة، مثل ظواهر كثيرة ترتبط بحركة التاريخ، تتغير وتختلف مفرادتها وتراكيبها من عصر إلى عصر ومن استخدام لآخر ويرتبط هذا التغيير والتطور والتحول في حراك الأنواع الأدبية، وأيضا حراك داخل النوع الأدبي الواحد وفي هذه الوجهة يمكن أن نلاحظ تغييرات القصيدة العربية عبر العصور.
وأضاف حمودة، في حدثيه لـ"الوطن"، أن تغيير القصيدة يتحقق على مستوى ألفاظها وتراكيبها، وأيضا على مستوى إيقاعها أو موسيقاها وإذا كانت القصائد العربية القديمة تصل بمستوى لغوي معين فإن القصيدة الحديثة تستجيب لمستويات لغوية مغايرة، موصولة بالاستخدام الحي المتجدد للغة، وكذلك على مستوى الإيقاع لم تعد القصيدة العربية، وخصوصا قصيدة النثر، مقيدة فعلى الأقل ملتزمة بإيقاع منتظم ومتكرر، أما الآن أصبحت القصيدة استجابة لتغيرات الحياة نفسها وهو إيقاع يتجاوز الانتظام وأحيانا التجانس التقليدي.
وأكد أستاذ الأدب العربي، أن الاختلاف الكبير والواضح جدا بين القصيدة الجاهلية القديمة وقصيدة النثر الراهنة يمكن تفسيره بالتحول الهائل في أنماط الحياة واللغة التي تعبر عن هذه الأنماط، حيث إن لغة القصيدة الجاهلية التي تبدو لنا الآن أشبه بلوغاريتمات كانت جزءا من اللغة الحية المستخدم في بيئة من البيئات، وفي زمن من الأزمنة، ومتى أن قصيدة النثر هي الأقرب إلى نمط الحياة الذي نعيشه وإلى اللغة التي نستخدمها، وإلى الوسائط الحسية التي أصبحنا نركز عليها ومنها الوسيط البصري الذي أزاح إلى حد كبير الثقافة السمعية المتوارثة لعصور طويلة، في إشارة إلى تأثر الأجيال بالشاشات أكثر من الاستماع.
الدكتور محمد ياسين أستاذ الأدب والنقد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، قال إن اللغة العربية كائن حي يتطور، وخلال مراحله ينتابه بعد الخلل أو القصور، موضحا أنه في عصور ما قبل الإسلام والجاهلية كانت اللغة العربية قوية جدا، حيث كانت تمتلك ألفاظ صعبة وقوية، لا يقدر على فهمها الكثير في العصر الحالي.
وأضاف ياسين لـ"الوطن"، أنه مع عصر صدر الإسلام بدأت اللغة في التطور، والاعتماد على ألفاظ سهلة الفهم والحفظ، وظلت محافظة على هذا التطور في العصرين العباسي والأموي، مشيرا إلى أنه خلال تلك الفترة كانت اللغة في قمة تطورها وقوتها، حيث كانت كل العلوم تكتب باللغة العربية وينقلها أصحاب اللغات الأخرى.
وتابع أستاذ الأدب والنقد أنه مع بداية تولي حكام غير عرب للأمة الإسلامية مثل العثمانيين، أخذت اللغة العربية في الضعف، حتى مع التخلص منه عادت في التطور والرقي مجددا في العصر الحديث، ولكنها ليست في مثل تفوق الماضي.
وأكد أنه ممكن أن تعود اللغة العربية إلى قوتها مرة أخرى بعدة وسائل، منها بذل الإعلام ووزارة الثقافة مزيدا من الجهد والمبادرات لإحياء اللغة العربية، بالإضافة إلى نشر الإعلام اللغة العربية السليمة عبر الشاشات.