م الآخر| ذلك المخلوق الخفي الغامض..الزمن؟
الزمن هو مقياس حياتنا.. هو مقياس الأحداث التي نمر بها، والزمن من حجب الغيب فهو يحجب عنّا الماضي فلا ندري ما حدث فيه إلا أن نقرأه في كتب التاريخ أو يرويه لنا الرواه.
الزمن هو حجاب المستقبل فنحن لا ندري ماذا سيحدث غدًا أو بعد غد أو في الأعوام القادمة، وكل ما ندريه هو حاضر نعيشه وماض عشناه فنعرفه ومستقبل لا ندري ما هو قضاء الله فيه.
" الزمن يملكنا ولا نملكه.. فلا يستطيع الإنسان مّنا أن يعيش خارج الزمن"، إن أحدًا لا يرى الزمان.. صحيح أن الساعات في أيدينا تعني اعترافنا بهذا المخلوق الخفي الغامض، ورغم اعترافنا بوجود الزمن فنحن لا نراه هل يتحرك الزمان أو يدور حول نفسه أو الذي يتحرك هو الإنسان.
فلنفترض الأن أن هناك نقطة ما في الزمان هي النقطة (س) إذا افترضنا أن الإنسان يسير نحو هذه النقطة، إن (س) سوف تعتبر بالنسبة لإنسان يسير نحوها الأن هي المستقبل.. إن الإنسان لا يعرف ما سيقع له في هذه النقطة، وإذا وصل الإنسان للنقطة (س) صارت حاضرًا وإذا مضى الإنسان وترك النقطة (س) صارت ماضيًا، أي أن الحاضر والماضي والمستقبل تقع جميعًا في نقطة واحدة.
لو تأملنا الكرة الأرضية ذاتها فسوف نكتشف أنها تضم الماضي والحاضر والمستقبل معًا.. بل إنها تقع في نفس التوقيت.
ففي نفس الوقت الذي تشرق فيه الشمس على نصف الكرة الذي يواجهها وفي نفس الوقت الذي يكون فيه النهار مستقبلًا لم يشرق بعد، وفي نفس هذا الوقت يكون نهارالنصف الثاني قد صار ماضيًا، ودخل الليل وأصبح الليل هو المستقبل.. أي أن النهار والليل يولدان معًا في نفس الوقت وفي مكانين مختلفين هما في الحقيقة وجه مكان واحد هو الكرة الأرضية.
"الزمن" شيء ليس له معنى إلا في وجود أحداث تميزه تمامًامثل الألوان التي لا نستطيع أن ندركها ونميزها إلا في وجود العين المبصرة، وإن مجرد تصور ماض وحاضر ومستقبل هو الذي يوحي إلينا بمرور الزمن وكأنه سلسلة من الأحداث المتتابعة، ولولا الذاكرة التي حباها الله للإنسان لكي يعيش فيها الأحداث التي نواجهها لما أحسسنا بمرور الزمن.