والدا "رانيا" يرويان أحداث اللحظات الأخيرة لمذبحة كفر الدوار
بكاء والدة «رانيا» أثناء روايتها اللحظات الأخيرة لابنتها
وسط مجموعة من النساء اللاتى اتشحن بالسواد، تجلس والدة «رانيا محمد شحتة»، ضحية مذبحة كفر الدوار، فوق السرير داخل حجرتها، لا تستطيع النهوض، ويلتف حولها قريباتها لمواساتها، وبين الحين والآخر يتعالى صراخها كلما تذكرت ابنتها وأحفادها، فيما يجلس فى الجانب الآخر والدها بصحبة رجال العائلة والجيران، رافضين قبول العزاء قبل القصاص من مرتكبى الواقعة.
سعاد عبدالله حسن، والدة «رانيا»، تقول لـ«الوطن»: «حزنى على زوج ابنتى ووالدته لا يقل عن حزنى على ابنتى، إحنا بنتحاكى بنسب هذه العائلة، وسمعتها الطيبة، وسيرتها الحسنة، وماشُفناش فى يوم حاجة وحشة من زوج ابنتى، وكان يتردّد علينا من وقت للتانى، ليطمئن علينا، ويسألنا عن أى حاجة ناقصانا فى المواسم والأعياد أو الأيام العادية».
الوالدة: "المجرم قتل بنتى وهى ماسكة سجادة الصلاة فجراً.. ونفسى أشوفه بيتحرق قدام عينى"
والتقطت أنفاسها، ثم تابعت: «الحاجة زينب حماة بنتى مفيش زيها فى الدنيا، وكانت أم تانية لبنتى، وكنت أسمع رانيا تذكرها دائماً بكل خير، ولم تشتكِ منها يوماً، وكانت دائماً تقول لى إن الحاجة زينب مفيش زيها فى المعاملة أو الحنية على أسرتى، ونفسى أشوف اللى عمل فى البيت الجريمة دى، من غير ما يرحم الأطفال الصغيرين ويقتلهم بدم بارد، بيتحرق قدام عينى». وأضافت أنها كلما تخيلت مشهد ابنتها وزوجها وأبنائهما وهم مقتولين تشتعل نيران الغضب والحزن فى قلبها، والمشهد الأبرز العالق بخيالها هو منظر جثة ابنتها وهى قابضة بيدها على سجادة الصلاة.
محمد شحتة، ٦٥ سنة، والد «رانيا»، يروى اللحظات الأخيرة فى حياة ابنته قبل أن تلقى مصرعها فى الحادث، قائلاً: «لا يوجد مخبز عيش بالقرية التى تسكن بها ابنتى، وبطاقة الحصول على الخبز التموينى موجودة بمنزلى، حيث أخرج يومياً عقب صلاة الفجر لشراء الخبز لها، وإما أذهب به، أو أرسل من يوصله لها، وفى ليلة الحادث، انصرفت ابنتى إلى منزلها بعد سهرة طويلة داخل منزلى، استعدنا فيها ذكريات زمان، وأحداثاً كثيرة مضت، كما لو أن شريط ذكرياتها استحضرته قبل وفاتها، وطلبت منى أن أعتنى بوالدتها التى تعانى من بعض الأمراض البسيطة، وكانت ضحكتها تملأ المنزل بهجة وفرحة، وسعادتنا بوجودها وسط الأسرة أجد أثرها فى قلبى، قبل أن يتمزق من فراقها».
وأضاف أنها فى الليلة السابقة على وفاتها أوصته بأن يُحضر لها الخبز باكراً كعادته، ويقول: «قبل صلاة الفجر اتصلت بى مرة تانية، وسمعت فى صوتها مزيجاً من الفرحة والحزن، وسألتها عن حالها، قالت لى هاكون فى أفضل حال إن شاء الله. أما أنا فخرجت لأداء صلاة الفجر مع المصلين، وبعد الصلاة فوجئت بأهالى القرية يقولون إن منزل «حسنى» ولع بعد انفجار أنبوبة غاز»، وهرول الشباب نحو «عزبة على» لإنقاذ من كان فى المنزل، فاتصلت على هاتف «حسنى» المحمول فوجدته مغلقاً، وكذلك تليفون نجله «عبدالرحمن»، فاتصلت بجارهم «رمضان»، وسألته عن الوضع فى المنزل، فقال لى بصوت خافت «استعوض ربنا يا حاج محمد»، فقلت له العوض على الله فى كل شىء، وإذا كان المنزل قد احترق بكل ما فيه فهو فداء لابنتى وأسرتها، ولم أكن أعلم أنه يخبرنى بوفاة الأسرة بكاملها، وطرحت عليه السؤال مرة أخرى، وأجابنى «إنا لله وإنا إليه راجعون»، ولم يتمالك نفسه من البكاء حتى سمعت نحيبه بصوت عالٍ وأغلق الاتصال».
وتابع: «جريت على بيت زوج بنتى، لأجد ٣ جثث ملقاة على الأرض، وحشود الأهالى ماشفتش زيها قبل كده، وسيارات المطافئ والشرطة تحاصر المكان، ولم أتوقع أن الأسرة كلها ماتت، ولم أدرِ بنفسى إلا وأنا فى أحد منازل القرية، بعد إسعافى وإفاقتى بعد حالة إغماء لا يعلمها إلا الله».
لقراءة الملف كاملا اضغط هنــا.