مسلمو أوروبا رهينة لـ"التنظيم الدولي".. و"بكر": القيادات التقليدية أصبحت "كروتا محروقة"
أحد المؤتمرات السابقة للمجلس الأوروبى للإفتاء والبحوث
المراكز الإسلامية تمثل قلب المجتمع المسلم فى أوروبا، وهى ملاذ ثقافى واجتماعى للمسلمين فى الدول الغربية، لذلك جاءت محاولات تنظيم الإخوان الإرهابى للسيطرة على عدد كبير من الجمعيات والمراكز الإسلامية بالخارج، بتمويلات تركية وقطرية، وفقاً لدراسة لدار الإفتاء المصرية، التى أكدت أن الإخوان وتركيا وقطر هى القوى المسيطرة بشكلٍ رئيسى على المساجد والمراكز الإسلامية فى أوروبا، وحولت هذه الجماعات المتطرفة كثيراً من المراكز الإسلامية إلى بؤر لإثارة النعرات الدينية والطائفية والسياسية، وأصبحت المراكز ملاذاً آمناً للفكر الإرهابى، ومن ثم لم يعد الأمر غريباً إذ انتشرت الخلايا الإرهابية النائمة التابعة للحركات الإسلامية المتطرفة فى معظم دول الغرب.
الدعم التركى والقطرى يحوِّل المراكز الإسلامية فى الخارج إلى "ملاذ آمن للفكر الإرهابى"
وبحسب الدراسة الخاصة بالإفتاء فإن الحركات الإسلامية المتطرفة، نجحت فى بناء شبكة قوية فى الدول الغربية، عبر إنشاء المنظمات الإسلامية، والمراكز الثقافية والبحثية، والمنظمات غير الحكومية، إلى جانب شبكة مستقلّة من الأفراد والدعاة والأكاديميين والناشطين والصحفيين. وتنتشر المراكز الإسلامية الخاضعة لتنظيم الإخوان فى أكثر من 28 دولة أوروبية بالإضافة لوجودها فى أمريكا.
بعد ثورة 30 يونيو وسقوط تنظيم الإخوان الإرهابى فى مصر وبعض الدول العربية أدركت الدول الغربية خطورة السيطرة الإخوانية القطرية التركية على المراكز الإسلامية، لذلك سعت الجماعة لإعداد استراتيجية جديدة قائمة على استبعاد الشخصيات المتورطة فى العنف والتطرف والخروج بشخصيات جديدة تكون «ماسك» للجماعة وتقود الجمعيات والمراكز لتحقيق خدمة التنظيم.
"فرغلى": إنشاء المجلس الأوروبى للأئمة ليكون بديلاً عن المجلس الأوروبى للإفتاء
ماهر فرغلى الباحث فى شئون الحركات الإسلامية كشف كواليس الاجتماع الذى عقده التنظيم الدولى للإخوان فى باريس لتحديد مستقبل الجمعيات الإسلامية بالخارج. وقال «فرغلى» لـ«الوطن»: تم عقد اجتماع لقادة التنظيم الدولى للإخوان، 7 منهم من تونس، و5 مصريون، وقادة فرعيون لأفرع الجماعة، كما شهد الاجتماع حضور قيادات المنظمات الإسلامية بالخارج، منهم محمد هدايت نور وحيد، نائب رئيس مجلس شورى حزب العدالة والرفاهية، الذراع الإندونيسية للإخوان، وهو الشخصية المعروفة بدورها المحورى فى علاقة التنظيم بدول جنوب شرق آسيا، كذلك خالد الديب، الرئيس الحالى للرابطة الإسلامية بالسويد، وأحمد جاب الله، نائب رئيس المجلس الأوروبى للإفتاء، وبشير العبيدى، اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا، والليبى سالم الشيخى قيادى ببريطانيا، والتونسى كمال عمارة، الرابطة الإخوانية الإسلامية بالنرويج، والشيخ وجيه سعد، قيادى بإيطاليا، وسمير فلاح، رئيس التنظيم بأوروبا، وجمال بدوى، القيادى بكندا، كذلك شهد الاجتماعى حضور ياسين أقطاى مستشار أردوغان، وحضور المرشد الروحى للتنظيم راشد الغنوشى، وتم اعتماد السياسة الجديدة.
وأوضح الباحث فى شئون الحركات الإسلامية أن السياسة الجديدة التى تم إقرارها يوم 18 نوفمبر 2019 فى اجتماع باريس هو إنشاء المجلس الأوروبى للأئمة ليكون بديلاً عن المجلس الأوروبى للإفتاء الذى أسسه يوسف القرضاوى، الذى أصبح عبئاً على الجماعة بأوروبا، وفق الاستراتيجية الجديدة، التى تقضى بإبعاد قطر ظاهرياً وتغيير شكل واجهاتها إلى أسماء جديدة، مثل جمعية قطر الخيرية، التى أضحت «نكتار ترست»، وهذا ما حصل من قبل حينما أبعدوا القرضاوى عن قيادة الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، بسبب اسمه الذى سبب مشاكل كبيرة لهم بسبب ارتباطه القطرى التركى، هذا وسيترأس المجلس الجديد، وفق الاجتماع، المستشار الشرعى بالرابطة النرويجى التونسى كمال عمارة، وسيصبح الأمين العام هو حسين حلاوة.
وتابع: ناقش الاجتماع استخدام آليات جديدة للعمل داخل أوروبا، وأيضاً فى منطقة الخليج، ووفقاً للاجتماع فإن القيادى المصرى محمد البحيرى، سيضطلع بدور إدارى كبير خلال الفترة المقبلة، كما تم إسناد الجانب المالى إلى إبراهيم الزيات، وأنس التكريتى، وأحمد الراوى، كذلك تقرر فى نهاية الاجتماع اعتماد سياسة الاستيلاء على المساجد من خلال مجلس الأئمة الجديد، الذى سيضطلع بدور آخر لا يقل أهمية، وهو الحوار مع السلطات الأوروبية حول الشأن الدينى، وحول التوجه الشيعى، وضرورة التنسيق، وعدم استهداف بعضهم البعض، وإيواء بعض القيادات بطهران، والتنسيق مع شيعة أوروبا مثل إمام مسجد الحسين ببروكسل. أوضح «فرغلى» أنه من القرارات المهمة أن تلعب ماليزيا دوراً أكبر، وأن يتم اللعب على صورة مهاتير محمد كبديل مؤقت عن صورة أردوغان غير المقبولة عالمياً فى الفترة الأخيرة.
"البرش": تركيا ستتولى التحرك الميدانى وقطر تقدم الواجهات الحقوقية والثقافية
وقال وليد البرش، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن الإخوان اليوم قائمة على فكرة نظام بلا تنظيم، بمعنى أن فكرة التنظيم القائم على المرشد بدأت تتلاشى وظهر محلها ذوبان للتنظيم وتحوله لتيار عام مقسم لاتجاهات منها شبكة ميدانية على أرض الواقع تشمل جمعيات ومراكز ومنظمات وتنظيمات ومنتدى للوسطية فى معظم دول العالم للتأكيد على حمل لواء الوسطية والبعد عن التطرف كذلك التركيز على مصالح التنظيم العالمى، من خلال التركيز على المدخل الفكرى الأيديولوجى، فتلك المراكز بوابة لنشر فكر الإخوان، صحيح أن الخطة الجديدة تشمل وضع شخصيات ليست إخوانية بشكل كبير إلا أنها ستكون واجهة فقط للتنظيم لتمرير الفكر والتمويل وغيره من الأمور كذلك لتكون أدوات ضغط غير مباشرة داخل المجتمع.
وأضاف: هناك شخصيات ستعمل بشكل آخر خلال الفترة المقبلة منهم طارق رمضان وهانى رمضان، كذلك هناك توزيع للأدوار فتركيا ستتولى التحرك الميدانى والسيطرة على المساجد بالخارج، أما قطر فستتولى الواجهات الاجتماعية والحقوقية والثقافية، كذلك شخصيات الواجهات منها سمير فلاح سيتولى الشبكات فى أوروبا، وعماد أبوالرب سيتولى الشبكات فى آسيا وهناك شخصيات غير معروفة ستظهر على السطح خلال الفترة المقبلة.
فيما أكد سامح عيد، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أن 70% من المراكز الإسلامية بالخارج تحت سيطرة الإخوان وما يتم اليوم من إقالة وإطاحة لبعض الشخصيات وتغيير المسميات ليس معناه تخلياً عن تلك الرؤى المتطرفة، بل هو مناورة واستخدام لمبدأ التقية، فالجماعة لا تهتم بوجود اسمها على المراكز بقدر ما تهتم بالسيطرة، فالتغيير يدخل من المصالح المرسلة فى الفقه، فالمسميات تهدف لإعطاء صورة للتغير فى مجال الدعوة، لكن نفس الشخصيات موجودة، فهناك مجموعات تقود المنظمات الإسلامية بالخارج تعيش فى كنف الإخوان منذ 30 عاماً، وأعتقد أن تلك الشخصيات باقية ومن ستتم إقالتهم هم الشخصيات البارزة كمفتى الإرهاب.
وأضاف: «القرضاوى» ومن على شاكلته أصبح مشكلة للجماعة، فهناك أزمات فى القيادات التقليدية الموصومة بالإرهاب، كذلك نظرة المجتمع الغربى تغيرت حول تلك القيادات، لذلك يرى التنظيم الدولى ضرورة إقصائه من على رأس تلك المنظمات لإعادة تدويرها من جديد، وحتى لا تلصق بها الصفة الإرهابية، لكن الأيديولوجيات ستستمر دون تغيير جوهرى، فتلك المنظمات والجمعيات ستخدم مصالح الإخوان وقطر وتركيا وكل من يمولها.
بدوره، قال على بكر الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن الإخوان تعانى من أزمات كثيرة نتيجة الترهل التنظيمى، فالقيادات التقليدية أصبحت كروتاً محروقة، فكان من الضرورى لبقاء التنظيم ضخ شخصيات غير نمطية، وليس لديها خلفية تاريخية، متعلقة بدعم التنظيمات الإرهابية، وتلك التحركات هدفها محاولة إحياء العمل الدعوى بالجمعيات الإسلامية بالخارج فى ظل وصمها بالإرهاب والتطرف، كذلك تعد تلك المراكز نقطة مهمة فى تجنيد الشباب.
اجتماع التنظيم الدولى فى باريس لاستحداث آليات للاستيلاء على المساجد: "إقصاء القرضاوى.. والتنسيق مع شيعة أوروبا"
وأضاف: «الجماعة تسعى لعودة قوتها مرة أخرى فى البلدان الأوروبية لذلك ستقدم عناصر جديدة من الجماعة من الصف الثانى والثالث، وقد تكون عناصر ليست تنظيمية لكنها ستكون واجهة ناجحة لها، الهدف هو إعادة الثقة فى المراكز الإسلامية بالخارج من قبل الدول الغربية كذلك إنقاذ الوضع المتدهور فى الجماعة بسبب حالة التدهور السياسى، لكن فى ظنى أن تلك التحركات لن تكون ذات جدوى كبيرة فالدول الأوروبية تنبهت لخطر الإخوان وتدرك أنها وسيلة لنشر الفكر المتطرف.
أبرز جمعيات الخارج
1- المجلس الأوروبى للإفتاء - أيرلندا
2- منظمة الإغاثة الإسلامية - ألمانيا
3- الرابطة الإسلامية «MAB» - بريطانيا
4- اتحاد المنظمات الإسلامية «UOIF» - فرنسا
5- رابطة مسلمى بلجيكا «LMB» - بلجيكا
6- رابطة المجتمع المسلم فى هولندا - لاهاى
7- الرابطة الإسلامية بالسويد - استوكهولم
8- اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية - إيطاليا
9- الرابطة الإسلامية بالنرويج - أوسلو
10- الجمعية الإسلامية «اسنا» - أمريكا