الدقهلية: "تل المقدام" و"جمصة" و"العصافرة".. مناطق صناعية واعدة تعاني البيروقراطية و"مافيا التسقيع"
مصنع متوقف بجمصة
مرت 6 سنوات على وضع حجر الأساس لمنطقة «تل المقدام» الصناعية فى الدقهلية، دون أى تقدم على الأرض، بعد وضع خطة طموح لتكون أكبر مجمع لصناعة الألومنيوم فى مصر، حيث يشتهر مركز ميت غمر بهذه الصناعة، وتنتشر فيه الورش وسط الكتل السكنية، بما لها من مشكلات بيئية. وتعد «تل المقدام» واحدة من 5 مناطق صناعية تم الإعلان عن إنشائها فى الدقهلية، بعد تخصيص مساحات شاسعة من الأراضى لإنشائها، وجميعها وضع حجر الأساس والبنية التحتية لها، دون أن يستكمل إنشاؤها، باستثناء مصانع متفرقة فى جمصة والعصافرة.
بدأت خطة تنفيذ المنطقة الصناعية فى تل المقدام منذ ما يقرب من 13 سنة، عندما أعلن المحافظ الأسبق اللواء سمير سلام، عن تخصيص 21 فداناً من مساحة التل الأثرى البالغة 117 فداناً، لإنشاء المنطقة الصناعية، بعد توقف أعمال المسح الأثرى لها، إلا أن الأرض ظلت على حالها لسنوات.
ومع تولى الدكتور منير فخرى عبدالنور، منصب وزير التجارة والصناعة، وضع حجر الأساس للمنطقة بصحبة المحافظ الأسبق اللواء عمر الشوادفى، فى أكتوبر 2014، مع زيادة المساحة المخصصة لها إلى 24 فداناً كمرحلة أولى، قابلة للتوسع، لإنشاء 1500 ورشة ومصنع. ومرة أخرى توقف العمل فى المنطقة الصناعية، حتى تولى المحافظ الأسبق حسام الدين إمام منصبه، فأعلن عن خطوات لحل مشكلاتها فوراً، تمهيداً للبدء فى أعمال التنفيذ، قبل نقل مصانع الألومنيوم من مدينة ميت غمر إليها، ورغم هذا ظلت الأرض على حالها دون أى تحرك على الأرض.
سنوات من الانتظار دون استكمال المرافق.. ومستثمرون يشكون من الارتفاع المفاجئ لأسعار الأراضى
ولم يقتصر الأمر على تل المقدام وحدها، ففى عام 2009، أعلنت وزارة الاستثمار عن إنشاء منطقة استثمارية بجوار مصنع غزل ميت غمر بمساحة 74 ألف متر مربع على طريق المنصورة - القاهرة، وخصصتها الوزارة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى الألومنيوم وتشكيل المعادن، مؤكدة أن العمل فيها سيبدأ خلال 36 شهراً من تاريخ القرار، لكن مضت 11 سنة دون استكمالها. وقال محمود التهامى، صاحب ورشة ألومنيوم، إن «مشروع إنشاء منطقة متخصصة فى صناعات الألومنيوم كان حلماً بالنسبة لنا جميعاً، إلا أنه لم يحدث أى تحرك حقيقى فى طريق إنجازها، ولا تزال الأرض فضاء معرضة لوضع اليد»، مضيفاً أن «المنطقة تبعد 10 كيلومترات فقط عن مدينة ميت غمر، ما يجعلها قريبة للقاهرة والقليوبية».
وتواجه منطقة «العصافرة» الصناعية فى مدينة المطرية، المقامة على مساحة 65 فداناً، عدداً من المشكلات أيضاً، ما يعيق عملها، مثل سوء حالة الطرق المؤدية إليها، وحاجتها للصيانة المستمرة نظراً لتهالكها بفعل مرور المعدات الثقيلة عليها. وتضم منطقة العصافرة 67 مصنعاً يعمل فيها 1700 عامل فى مجالات الملابس الجاهزة والمراتب والسوست والمواد الغذائية وأعلاف الأسماك، وتوقف العمل فى عدد من مصانعها، مثل الأعلاف والملابس، نتيجة تعثرها مادياً مع البنوك، وضعف الطاقة الكهربائية، وحاجتها للغاز الطبيعى.
ضعف الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعى وتهالك الطرق بفعل النقل الثقيل يعطلان العمل فى مصانع العصافرة
وحسب البيانات الرسمية، تم الانتهاء من إعداد الرسومات الهندسية والمعمارية للمرحلة الثانية من منطقة العصافرة، البالغة مساحتها 30 فداناً، ورفعها كفرصة استثمارية لهيئة الاستثمار تمهيداً لعرضها على الشركات، وجار تحديد سعر الأرض عن طريق هيئة الخدمات الحكومية طبقاً لقانون الاستثمار. ورغم ما تعانيه منطقة جمصة الاستثمارية من مشكلات، لكن تظل هناك بارقة أمل فيها، وتبلغ مساحتها الإجمالية 727 فداناً، مقسمة على 4 مراحل، وصدر قرار إنشائها من مجلس الوزراء فى عام 1997، مع الاستعانة بأحد بيوت الخبرة المتخصصة لوضع المخططات العامة التفصيلية والتنفيذية لها.
وقال السيد عبدالحميد، رجل أعمال، إن «عدداً من المستثمرين الجادين بدأوا بالفعل فى إنشاء المصانع فى المنطقة، ووفروا العديد من فرص العمل، ما يمكن أن يجعل المنطقة نواة حقيقية لجذب المزيد من الاستثمارات، خاصة أنها تقع على الطريق الساحلى الدولى، وعلى مسافة أقل من ساعة من ميناء دمياط، ما يعد ميزة كبيرة لرجال الأعمال»، مشيراً إلى المنطقة أثارت أطماع عدد من كبار المستثمرين، الذين سعوا للحصول عليها والانتفاع بأراضيها بهدف «تسقيعها»، بينما حاصرتها المشكلات نظراً لعدم إتمام المرافق.
وشكا سمير الجوهرى، رجل أعمال، من تسبب الإهمال وضعف المرافق فى هروب المستثمرين الجادين، فلم يبق فى المنطقة سوى الراغبين فى تسقيع الأراضى للاستفادة من قيمتها، مضيفاً أن الإعلانات الخاصة بأسعار هذه الأراضى تملأ وسائل الإعلام ومكاتب السمسرة، ورغم وجود الكثير من الموانع القانونية، إلا أن «كل شىء يتم بعلم الأجهزة التنفيذية».
أما رجل الأعمال على عبدالرحمن، فقال إن أعلى سعر لمتر الأرض فى المنطقة الصناعية عند طرحها لم يكن يتجاوز 200 جنيه، بهدف مساعدة المستثمرين الجادين فى إنشاء مشروعاتهم، حتى تدخلت هيئة الاستثمار فى إدارة المنطقة، وأعادت تسعير المتر بـ4 آلاف جنيه، وتساءل «كيف نستثمر فى منطقة بهذا السعر؟»، موضحاً أن أحد المستثمرين توجه لشراء 20 ألف متر بسعر 200 جنيه للمتر، حسب الأسعار القديمة، أى بإجمالى 4 ملايين جنيه، منذ شهر واحد، وعندما عاد بعدها فوجئ بالسعر الإجمالى يقفز إلى 80 مليوناً، وأشار إلى أن «عدداً من المستثمرين توقفوا عن العمل فى منطقة جمصة، خوفاً من أن يكونوا قد اتخذوا إجراء خاطئاً بالاستثمار فيها»، موضحاً أن أحد البنوك اشترى قطعة أرض فى المنطقة بسعر 200 جنيه للمتر، بهدف إنشاء فرع عليها، وبعد أسبوع واحد حاول بنك آخر شراء قطعة أرض، فعلم أن سعر المتر ارتفع إلى 4 آلاف جنيه، لكن بعد مفاوضات شاقة تم تخفيض السعر إلى 2500 جنيه.