"هدى".. من الشارع إلى قلب "صابر": وأخيرا اتجوزت
في دار إيواء: "وقابلتك انت.. لقيتك.. بتغير كل حياتي"
"هدى" و"صابر" أحدث عروسين فى دار لإيواء المشردين
حلم ظل يراودها طيلة حياتها، تغفو وتصحو محملة بأمنية تسكن قلبها، أن تتزوج وتصبح أماً رغم تخطيها النصف قرن من عمرها، لم تفقد هدى قطب الأمل وهى داخل دار لإيواء المشردين، أنقذتها من الشارع ووفرت لها حياة كريمة بعد تخلى أهلها عنها وعيشها بمفردها فى غرفة بالإيجار الذى تراكم عليها وتم طردها، استقبلتها دار السيدات التابعة لمؤسسة «معانا لإنقاذ إنسان» بكل الحب والرحمة، ساعدتها فى تحقيق حلمها الوحيد، بالزواج من حارس عقار يدعى «صابر»، يكبرها بعشر سنوات.
جلست فى «الكوشة» بالفستان الأبيض وهى لم تصدق نفسها، ترقص وتفرح وكأنها عادت فتاة فى العشرين: «ربنا حقق لى أمنيتى عشان أعيش حياة حلوة كنت بتمناها» تقولها «هدى»، والفرحة تملأ عينيها، والجميع حولها من أهل الدار يشاركونها يوم زفافها، بالرقص والزغاريد والأغانى التى لم تتوقف فى ذلك اليوم: «ده أسعد يوم فى حياتى»، تقدم لها «صابر» وتبادلا الحديث ثم تولد بينهما إعجاب، وبدأت الدار فى السؤال عنه من خلال إرسال الإخصائية الاجتماعية لعمل بحث مفصل عنه، وكانت النتيجة أنه إنسان طيب يمتلك شقة فى الهرم، تم تشطيبها وتجهيزها من قبل الدار: «الباشمهندس محمود وحيد الله يبارك له جابلى كل جهازى، وقالى لو زعلك كلمينى»، تشيد بمدير الدار وجميع صديقاتها اللاتى تعتبرهن أهلها وأكثر، لم يتركوها فى تلك اللحظة وساعدوها حتى اكتملت فرحتها.
اطمأنت من الحديث الأول مع «صابر» الذى أكد لها حبه ووعدها ألا يغضبها فى يوم من الأيام: «قالى لو ضايقتك ارجعى الدار»، تكفل صاحب الدار بجهازها من غسالة وثلاجة وبوتاجاز وغيرها من الأدوات: «مخلنيش محتاجة حاجة»، كانت تبحث عن الاستقرار وتكوين أسرة وإنجاب أطفال يعوضونها عن سنوات عمرها القاسية: «مفيش حاجة بعيدة عن ربنا». ذهبت إلى الكوافير بمساعدة مديرة الدار سماح مصيلحى، وفرت لها كل ما تحتاج: «قالت لى نفسى ألبس فستان أبيض، جبناهولها على طول»، تقولها مديرة الدار التى استقبلت «هدى» قبل عام، وعرفت أن حلمها الوحيد فى الحياة الزواج لتكوين أسرة: «كلنا كان نفسنا نحقق لها أمنيتها»، تحكى أنه شخص طيب ولكن ظروفه المادية كانت متعسرة جداً وساعده صاحب الدار لاكتمال فرحتهما: «شقته حلوة بس كان ناقصها توضيب».
لعب محمود وحيد، رئيس مجلس إدارة المؤسسة، دور الأخ والأب، حين كان وكيلها عند عقد القران وتكفل بجميع ما تحتاجه لإسعادها، مؤكداً أنهم يتعاملون باعتبارهم أسرة واحدة وطموحهم إسعاد هؤلاء الذين تعرضوا لظروف قاسية، لافتاً إلى أنه سبق وزوجوا أربعة آخرين غير هدى من أبناء الدار.
يحكى أن من بينهم أحمد، ابن الدار على مدار 5 سنوات، تزوج من فتاة من خارج الدار، وكذلك حمدى الذى كان موجوداً لمدة 7 سنوات، وتزوج من فتاة من داخل الدار، وتم توفير فرص عمل لهم، وعلاجهم وتأهيلهم للاندماج فى المجتمع وممارسة حياتهم بشكل طبيعى، باعتباره حقاً مشروعاً لجميع المواطنين: «كانوا جايين عندهم مشكلات صحية كتير، تغلبنا عليها وعالجناهم ووفرنا لهم حياة كريمة»، حسب «وحيد».
يرى أن من حق كل شخص يعيش حياة آمنة بها مسكن ومأكل ومشرب وتتوافر فيها الصحة: «بدل ما يناموا فى الشارع حقهم يلاقوا سرير وياكلوا ويلبسوا نضيف»، لا يتعامل باعتباره مسئول الدار بل أحد أفراد العائلة التى تزيد وتنقص كل يوم، يحلم بتوفير كافة احتياجاتهم ومشاركتهم الألم والفرح: «فرحتهم عندنا بالدنيا». مؤكداً أنهم ليسوا الوحيدين الذين يفعلون الخير بل تبرعت صاحبة أتيليه بفستات زفاف هدى حين علمت بظروفها، وطلبت أن تقدم لها ما ينقصها حتى تكتمل سعادتها.