أعلنت النقابة العامة للمحامين الكشوف النهائية للمرشحين فى الانتخابات المزمع عقدها فى الخامس عشر من شهر مارس القادم، على منصب نقيب المحامين وأعضاء مجلس النقابة، وذلك بعد انتهاء المدة المحددة لتقديم التنازلات والطعون والاعتراضات على المرشحين فى الانتخابات. ورغم تقدم ثمانية عشر مرشحاً للانتخابات على منصب النقيب، فإن المنافسة الحقيقية هى بين النقيب الحالى الأستاذ سامح عاشور والمحامى القدير الأستاذ رجائى عطية. ومن خلال متابعتى للمعركة الانتخابية، يبدو أن العناوين الرئيسية لها تدور حول تنقية جدول القيد، بحيث يستبعد منها الحاصلون على شهادة التعليم المفتوح غير المسبوقة بشهادة الثانوية العامة، كما يستبعد منها غير المشتغلين فعلاً بالمهنة، سواء لإقامتهم خارج البلاد بشكل دائم أو لعدم ترافعهم فى أى قضية خلال فترة القيد السابقة على تجديد العضوية فى النقابة. بل إن هذا الموضوع تحديداً قد يكون سبباً فى وقف الانتخابات، حيث تنظر الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإدارى تسع دعاوى قضائية تطالب بوقف تنفيذ قرار فتح باب الترشح لعضوية مجلس النقابة العامة للمحامين وما يترتب عليه من آثار أخصها وقف إجراء تلك الانتخابات. وحملت إحدى الدعاوى رقم 23517 لسنة 74 ق، وذكر فيها المدعى أنه استجابة لقرار الدعوى لعقد تلك الانتخابات تقدم بأوراق ترشحه على مقعد عضوية المجلس، إلا أن القائمين على العملية الانتخابية رفضوا تسلم أوراقه، على سند من زوال صفته كمحام وعدم توافر الشروط المتطلبة للترشح فيه، خاصة تلك المتعلقة بقيده. ويستند المدعى فى دعواه إلى أن عدم تسلم أوراقه وحرمانه من الترشح فى تلك الانتخابات مخالف للقانون والدستور، مؤكداً أنه صدر لصالحه أحكام نهائية بأحقيته فى تجديد القيد واستخراج والاشتراك إلا أن نقيب المحامين تعسف فى تنفيذ الأحكام. وأقام محام آخر دعوى ثانية حملت رقم 23653 لسنة 74 قضائية، طالب فيها ببطلان قرار الدعوة لإجراء الانتخابات، استناداً لإشكاليات تتعلق بكشوف الجمعية العمومية للنقابة وتنقيتها والمسوغات المطلوبة للترشح. وتأتى هذه الانتخابات بعد بضعة أشهر من صدور القانون رقم 147 لسنة 2019 بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983م، متضمناً تعديل الشروط اللازمة للقيد، بحيث تم استحداث شرطين: أولهما، أن يكون المحامى المقيد مقيماً بالأراضى المصرية إقامة دائمة. أما ثانيهما، فهو أن يكون حاصلاً على الثانوية العامة أو ما يعادلها من الشهادات الأجنبية المعتمدة فى مصر، قبل أن يحصل على إجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق.
وكم كنت أتمنى أن يتركز الاهتمام فى هذه الانتخابات على آليات النقابة وبرامجها فى دعم شباب المحامين وتعزيز قدراتهم فى سوق الخدمات القانونية، وبيان السبل التى يمكن من خلالها أن تنافس مكاتب المحاماة الوطنية فى سوق الخدمات القانونية العالمية، أو على الأقل تأهيل كوادر وطنية قادرة على تمثيل المؤسسات والشركات الوطنية فى القضايا المقامة أمام المحاكم أو هيئات التحكيم الأجنبية. إذ يتحدث العالم اليوم عن سوق المحاماة والاستشارات القانونية العابرة للحدود، التى تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات. وحتى تكون مكاتب المحاماة الوطنية عنصراً فاعلاً فى سوق المحاماة والاستشارات القانونية العابرة للحدود، وتزايد حصتها السوقية فيها على نحو يؤذن بارتقائها إلى مصاف شركات المحاماة العالمية، يبدو من الضرورى اتخاذ بعض التدابير التشريعية والتنفيذية التى تكفل تحقيق هذا الهدف. فعلى سبيل المثال، بدأت سوق الخدمات القانونية فى الولايات المتحدة الأمريكية تشهد ظهور «مكاتب المحاماة الافتراضية» (Virtual Law Firm). كذلك، وفى 11 مارس 2019م، أصبحت (DWF) أكبر شركة محاماة فى المملكة المتحدة مدرجة فى البورصة بعد أن استكملت طرحها العام الأولى بقيمة 95 مليون جنيه إسترلينى.
إن قائمة أكبر مائتى شركة محاماة على مستوى العالم تضم العديد من شركات المحاماة الأمريكية والبريطانية، فضلاً عن شركات المحاماة من بعض الدول الأخرى، بينما خلت هذه القائمة من أى شركة محاماة مصرية أو عربية. وحتى تعرف عزيزى القارئ حجم سوق الخدمات القانونية العالمية، يكفى أن نذكر أن شركة (Kirkland & Ellis) احتلت المركز الأول فى القائمة الصادرة عام 2017م، بدخل سنوى إجمالى مقداره ثلاثة مليارات ومائة وخمسة وستين مليوناً ومائة ألف دولار. والسؤال هو: متى نجد إحدى شركات المحاماة المصرية أو العربية بين هذه القائمة؟!