الأمهات: "شُفنا الموت بعنينا وواجهنا المخاطر.. ولن نعود للإنجاب مجددا"
إحدى عمليات الولادة القيصرية
مخاطر كثيرة تتعرض لها السيدات اللاتى يخضعن للولادة القيصرية، نتيجة المضاعفات المرتبطة بالعملية، بداية من نقل العدوى وتلوث الجرح، مروراً بعمليات النزيف وفقد كميات كبيرة من الدم، وصولاً إلى حدوث تجلطات دموية فى منطقة الحوض والقدمين وتشوهات فى منطقة الرحم والمثانة، وهو ما دفع عدداً من الطبيبات للتحرك من أجل مواجهة هذه الظاهرة، منهن الدكتورة إيناس عبدالحليم، أستاذ فى كلية طب المنصورة وعضو مجلس النواب، التى تقدمت بطلب إحاطة إلى لجنة الصحة لمناقشة هذه الظاهرة، فيما قامت الدكتورة أميرة صابر بإطلاق حملة «حاولى تولدى طبيعى» للحد من الولادة القيصرية فى المناطق العشوائية.
"ولاء": الطبيب أدخلنى غرفة العمليات قبل انتهاء الشهر الثامن
ولاء مصطفى، فتاة ثلاثينية، طلبت من طبيبتها أن تلد طبيعياً، لكن الطبيبة رفضت، بحجة أن الرحم غير مؤهل للولادة الطبيعية وتحتاج إلى تدخل جراحى لاستخراج الجنين، «مرت الولادة الأولى بشكل طبيعى ولم تحدث أى مشكلات، وبعد مرور 3 سنوات على حملى الأول، قررت الإنجاب مرة أخرى، وعندما ذهبت إلى الطبيبة فى المرة الثانية، أخبرتنى أن الولادة ستكون قيصرية، لأن الطبيعية ستشكل خطورة علىّ وربما يتسبب الطلق فى فتح الرحم وحدوث نزيف»، هكذا تحدثت «ولاء» عن أزمتها، مضيفة أنها ذهبت إلى طبيب آخر، فأخبرها بنفس الأمر، وأن ولادتها ستكون قيصرية، مضيفة: «فى المرة الثانية لم ينتظر الطبيب انتهاء الشهر الثامن، وحدد لى موعد الولادة القيصرية فى آخر الشهر، دون إبداء أى سبب، والانتظار حتى دخولى الشهر التاسع حتى أتجنب دخول ابنى الحضانة، ويستكمل نموه بشكل طبيعى، خاصة أن الأمور تجرى بشكل مناسب وكمية المياه حوله جيدة، وعندما سألت السيدات اللاتى كن يتابعن مع نفس الطبيب، اكتشفت أن جميع السيدات سوف يلدن فى الأسبوع الأخير من الشهر الثامن أو فى أول يوم فى الشهر التاسع».
خطأ طبى أثناء الولادة تسبب فى ورم حجمه 18 سم
وتابعت: «بعد الولادة مباشرة، أخدت مضاد حيوى، وبعد 5 أيام شعرت بألم شديد فى بطنى غير محتمل، وبدأت بطنى تتضخم وأصبح شكلها غريباً، فعدت له مرة أخرى، وأخبرنى أن كل شىء على ما يرام، ثم أعطانى دواءً آخر، لمدة شهر لكن دون جدوى، وبدأ الألم فى التزايد، توجهت بعدها إلى أحد المستشفيات الخاصة، وقاموا بإجراء أشعة على منطقة البطن، ثم أخبرونى بوجود ورم حجمه 18 سنتيمتراً، وطلب منى الطبيب إجراء أشعة بالصبغة، ووجدوا بطانة المعدة مهترئة، ثم أخبرونى بضرورة التوجه إلى الطبيب صاحب القيصرية لكتابة تقرير طبى بحالتى».
توجهت «ولاء» إلى الطبيب وعندما سألته عن سبب الورم، أخبرها أنه أثناء الولادة وجد سرتها بارزة فقام بشدها إلى الداخل أثناء تقطيب الجرح، وهو ما ترتب عليه بعد ذلك تجمعات دموية وصديد، وحدوث تكورات داخل المعدة، لافتة إلى أن الطبيب كتب تقريراً مغايراً لما أخبرها به شفهياً حتى لا يعرض نفسه للمساءلة القانونية.
وأكدت «ولاء» أنها تحتاج إلى عملية جراحية أخرى لاستئصال الورم، بعد فترة التعافى من الولادة القيصرية، مضيفة: «بعدما رفضت إجراء جراحة إزالة الورم، أعطانى الطبيب 3 حقن مضادات حيوية يومياً لمدة أسبوع كامل وهو ما جعلنى أوقف الرضاعة الطبيعية حتى لا يتأثر الطفل، وما زلت أتناول أدوية حتى الآن رغم مرور 10 شهور على الولادة، لأن إزالة الورم تحتاج إلى تدخل جراحى وسوف أضطر إلى فتح بطنى مرة أخرى، لذلك قمت بتأجيل الجراحة حتى أتعافى وأصبح مستعدة».
سيدة أصيبت بميكروب ألزمها السرير 7 أشهر
سارة عيسى، 36 سنة، تلوث جرحها وأصيبت بميكروب بعد الولادة القيصرية، جعلها ترقد فى السرير لمدة 7 أشهر حتى استطاعت الوقوف على قدميها مرة أخرى، قالت: «فى المرة الأولى لحملى ولدت بشكل طبيعى وسلس، لدرجة أننى وضعت طفلتى فى المنزل، عكس المرة الثانية التى أخبرنى الطبيب بوجود مشكلة مع الجنين، وأن الطفل لا يصل إليه الدم بشكل طبيعى وحالتى تستدعى ولادة قيصرية، وبالفعل قمت بالولادة، وبعد ذهابى إلى المنزل اكتشفت خروج صديد ورائحة كريهة من الجرح والمهبل فى آن واحد، وتواصلت مع الطبيب، ونصحنى بحقن مضاد حيوى لمعالجة هذا الصديد، لدرجة أننى أخذت 16 حقنة على مدار أسبوع دون نتيجة».
"سارة": جرح الولادة فتح مرة أخرى وكنت أبدل ملابسى كل 3 ساعات بسبب الدم والصديد
وأضافت: «ذهبت للطبيب وأثناء كشفه وقيامه بالضغط على بطنى، تفتق الجرح وخرجت كميات كبيرة من الصديد، وطلب دخولى العناية المركزة لكن طلبه قوبل بالرفض من قبَل زوجى»، مشيرة إلى أن الطبيب تخوف من إعادة تقطيب الجرح مرة أخرى، وطلب منى وضع مطهرات على الجرح يومياً كل 3 ساعات، وألا أتحرك من السرير حتى يلتئم الجرح مرة أخرى، لدرجة أننى كنت أقوم بتغيير ملابسى كل ساعتين من كمية الصديد والدم التى كانت تخرج من الجرح، ولم أتمكن من حمل طفلى أو إرضاعه لمدة 7 شهور.
وتابعت: «رغم مرور 7 سنوات على العملية إلا أن آثارها السلبية مازالت ترافقنى، وما زلت أشعر بوجع بين الحين والآخر مكان إجراء العملية، ومن وقتها قررت عدم الإنجاب مرة أخرى بسبب المشكلات التى تعرضت لها فى المرة الأخيرة».
المضاعفات التى مرت بها «ولاء وسارة»، تراها الدكتورة إيناس عبدالحليم، أستاذ فى كلية الطب جامعة المنصورة وعضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أمراً عادياً ومتوقعاً، لأن الولادة القيصرية مثلها مثل أى عملية جراحية، مشيرة إلى أن أطباء النساء والتوليد لا يوضحون أضرار ومضاعفات العمليات للسيدات قبل الولادة، وتابعت: «الأطباء بيجمعوا كل السيدات الحوامل بمجرد دخولهم أول يوم فى الشهر التاسع عشان يولدوهم قيصرياً، وعندما اعترضنا على هذا الأمر رد علينا الأطباء أن السيدات هن اللاتى يردن الولادة القيصرية»، وهو الأمر الذى دفعها للتقدم بطلب إحاطة إلى لجنة الصحة بمجلس النواب.
"إيناس": اعترضت على مخاطر الولادات وتقدمت بطلب إحاطة فى البرلمان وأنتظر مناقشته
وقالت: «اعترضنا أكثر من مرة على مخاطر الولادات القيصرية ولم يلتفت أحد لذلك تقدمت بطلب إحاطة إلى المجلس وفى انتظار أن يأخذ دوره وأن يتم تحويله إلى لجنة الصحة لمناقشته على أمل إيجاد حل لهذه الظاهرة»، مشيرة إلى أن أغلب دول العالم، خاصة فى أمريكا والدول الأوروبية، ما زالت متمسكة بالولادة الطبيعية ويتعاملون مع الولادة القيصرية فى حالات استثنائية للغاية مثل ضيق حوض الأم وكبر رأس الجنين، ونزول مياه الولادة بشكل مفاجئ.
وأكدت أن مصر تمتلك جميع الإمكانيات الطبية التى تساعد على متابعة وضع الجنين بشكل جيد والتدخل سريعاً فى حال وجود مشكلة، فضلاً عن وجود تقنية الولادة الطبيعية «دون ألم» من خلال حقنة يتم توصيلها بالعمود الفقرى، تضخ مخدراً كلما ازدادت شدة الطلق لدى المرأة، وبالتالى يمكنها الولادة بشكل طبيعى دون أن تدخل فى مخاطر ومضاعفات العملية القيصرية، مقترحة ضرورة عودة المولدات المدربات كما كن من قبل، خاصة أن هذا النظام ما زال مستمراً فى أوروبا وأمريكا ويحقق نجاحاً كبيراً، مشيرة إلى أن المولدات قديماً كن يولدن السيدات فى المستشفيات وفى حال وجود مشكلة فى الولادة كن يستدعين الطبيب بسرعة، وأوضحت أنه يمكن إضافة هذا التخصص فى دراسة معاهد وكليات التمريض مثلما يوجد تخصص تمريض فى الأورام.
وشددت «عبدالحليم» على ضرورة تفعيل دور نقابة الأطباء ومحاسبة أعضائها، الذين يستسهلون الولادات القيصرية باعتبارها تجارة تحقق لهم ربحاً مادياً، وضرورة إلزامهم بتوعية السيدات الحوامل عن إضرار الولادات القيصرية، وأن يقوم الطبيب بتوضيح أسبابها حتى يتم الانتهاء من قانون المساءلة الطبية قائلة: «النقابة لازم تحاسب الطبيب اللى شغال بمزاجه».
مخاطر الولادة القيصرية دفعت الدكتورة أميرة صابر، مدير المشروعات بالجمعية المصرية لأعضاء الكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال، لإطلاق حملة بعنوان «حاولى تولدى طبيعى» للتوعية بمخاطر الولادة القيصرية فى المناطق العشوائية، لما لها من أضرار مباشرة على الأم والطفل، مشيرة إلى أن الحملة تستهدف توعية الأمهات بمخاطر الولادة القيصرية التى قد تؤدى إلى وفاة الأم، فى أربع مناطق وهى حى الأسمرات والسيدة زينب والمحروسة وأهالينا، بناء على اقتراح من محافظة القاهرة، التى وفرت جميع التصاريح اللازمة لإقامة حملات التوعية فى هذه الأماكن.
وقالت «أميرة» إن حملات التوعية ضد مخاطر «القيصرية» كانت تستهدف جميع أفراد الأسرة من الأب والأم والأطفال، حيث كانت تبين الحملة مخاطر الولادة على الأم وفوائد الولادة على الطفل الذى ثبت علمياً أن ولادته الطبيعية تكسبه مضادات حيوية طبيعية لا يحصل عليها الطفل المولود قيصرياً، وتم توعية الأمهات بأهمية الرضاعة الطبيعية والتغذية السليمة للطفل، موضحة أن الحملة كانت تستمر 3 أيام داخل المدارس، وتضم الحملة أطباء أسرة وأطفال وتغذية وأخصائيى سلوك وتربية إيجابية. ورصدت «أميرة» ردود فعل الأمهات حول أضرار الولادة القيصرية بالقول: «فى البداية شعرن بصدمة ولم يتخيلن كمية الأضرار التى قد يتعرضن لها نتيجة مضاعفات هذه العملية، وأغلبهن أكدت أن الأطباء لم يخبروهن بهذه المخاطر قبل إجراء الجراحة»، داعية إلى وجود قانون خاص ينظم هذه العملية، لأن الدولة تتحمل تكاليف كبيرة جداً ناتجة عن الولادات القيصرية على رأسها موضوع الحضانات.