كأنه كان على موعد مع فبراير.. نفس الشهر عام 74 عُين نائباً للرئيس السادات.. فبراير 2011 أعلن التنحى.. وفبراير الجارى قابل وجه رب كريم.
تحقق خطاب ما قبل التنحى.. فعلى أرض مصر وُلد.. وعلى أرضها مات.. وبقى رمزاً وطنياً.. يحكم التاريخ بما له.. وما عليه.
أحكام التاريخ بيّنة.. باتة.. لا نقض فيها ولا إبرام. كما فى التاريخ إنصاف.. ففيه عبر.. ولا عبرة لمن لا يعتبر بالتاريخ.
قال إن بعده الفوضى.. وقد كان. جاءت الفوضى والإخوان.. أو قل جاء الإخوان بالفوضى.. ومع الإخوان جاء حواة السياسة وتجار الأوطان.. ووضعونا على بدايات الطريق إلى ستين داهية.. لولا ستر الله.
لولا ستر الله، ما تبينا أن من قالوا إنهم ثاروا فى الميادين على الفساد.. كانوا الأكثر طمعاً فى فرصة فساد. وأن من قالوا إنهم جاءوا من التحرير حماية للوطن وصوناً للأرض.. كانوا هم من تاجروا بالوطن.. وعرضوا العِرض فى الفاترينات.. وعلى عينك يا تاجر.. إيشى دولارات.. وإيشى ريالات قطرية.
لولا ستر ربنا ما نزلت السكينة وما انكشح الإخوان.. ولولا قدر ولطف الله.. ما انتقل «مرسى» من القصر للومان.
لولا ستر ربنا لظل الإخوان فى الاتحادية أكثر مما نحتمل.. ولولا ستره لاستمر الإخوان فى المقايضة بالميدان.. ولاستمرأوا المناورات بشعارات الثورة.. ومزاعم الفساد، فزادوا من الحرائق.. وأشعلوا مزيداً من شوارع.. ورهنوا مؤسسات الدولة أوقافاً لصالح ذقون طالبان فى باكستان!
إن الإخوان إذا دخلوا قرية أفسدوها.. ولو ملكوا وطناً باعوه.
معلوم.. فالإخوان «مسجلون قطر» بيع أوطان.. وتجارة بلدان.
على مواقع التواصل بعضهم يخالفه الوعى للآن.. كأن وفاة مبارك بشرى.. تقول إيه؟ كون ومدبره خالق الخلق.. ولخالق الخلق فى خلقه شئون.
بعضهم على مواقع التواصل خرّاصون.. وقاتل الله الخرّاصين، ويظل مبارك واحداً من جنود حملوا على أكفهم رؤوسهم دفاعاً عن الأرض والعرض.. لا يخون هؤلاء الرجال.. ولا ينكثون بعهودهم لأحد من أبناء البلد.
لا يصارع التاريخ أحداً إلا غلبه.
إن كان على الراحل مبارك ما عليه.. فإن له ما له.. وما له أوسع.. وأبقى.
دعك من ببغاوات الثورة.. وأراجوزات الفيس بوك.. سيبك من حواة يلبسون هدوم الميدان للآن.. فتنتفخ عروق رقابهم حماساً.. فيتجاسرون.. ويتجاوزون.. رغم ما كشف الزمن من عوراتهم وخطاياهم.. فمات «مبارك» على أرض بلاده.. بينما يتسكعون هم فى بارات الدوحة.. ومواخير إسطنبول!
سيظل مبارك واحداً من ولاد تراب البلد.. سيظل واحداً من جنود حرب الكرامة والكبرياء.. وسيظل واحداً من جيل دخل أكبر معركة فى تاريخ العرب.. دفاعاً عن العرب.
الفارق كبير بين ولاد البلد.. وبين مرتزقة التجارة بالوطن على قهاوى وسط البلد وجنينة الجريون.. مرة باسم الشعب.. ومرة باسم الجماهير.
رحم الله مبارك.. بما له وما عليه.. إن كان هناك ما عليه.