مبارك والشباب.. آخر أمناء "الوطني": كانوا أهم أولوياته
"رجب": الرئيس الراحل أنهى مشكلة شاب والديه على وشك الطلاق
مبارك
"كان الرئيس مبارك يستجيب لأي دعوة توجه له ليلتقي بالشباب وكان يقول دائماً لقاء الشباب في أي وقت وده أولوياتي"، كما يحكي الدكتور محمد رجب، آخر أمين عام للحزب الوطني المنحل، رئيس الأغلبية الأسبق بمجلس الشورى، علاقة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك بالشباب.
ويقول "رجب" إن مبارك كان شخصية محبة للشباب ويؤمن بدورهم في المجتمع، وكان يلتقي بهم في معهد إعداد قادة الشباب بمدينة السلام، وفي يوم دعوناه للقاء الشباب في السلام، تزامن ذلك مع دعوة قيادات الحزب الوطني له للقاء بمعهد الدراسات الوطنية بروكسي في مصر الجديدة، وقتها اختار لقاء الشباب في مدينة السلام.
ويضيف: "عندما استقبلناه أنا وقيادات المعهد وأنا أرحب به أشكره على تفضله بالحضور لمدينة السلام، رد عليا وقال ما أنا سبق قولت لك يا محمد أنا تحت أمر الشباب في أي وقت، الأولوية للشباب هم قادة المستقبل وحقهم علينا فى كل وقت".
"كنت عندما ألتقي الرئيس مبارك في أي مناسبة يسألني أخبار ولادك يا محمد؟ أقول له كويسين وبيسلموا على سيادتك، فيقول أنا باسالك على أولادك بمعهد إعداد القادة، أقوله عايزين يشوفوا حضرتك، فيرد بكل بود شديد أنا هجيلهم ولم يكن يتأخر"، كما يؤكد "رجب" حرص "مبارك" على لقاء الشباب.
وعن قوة علاقة "مبارك" بالشباب، يقول "رجب": كانت علاقته جيدة مع الشباب وكان عندما يأتي اليوم ويلتقى بهم يكون سعيداً بالحوار معهم، والاستماع إلى كل وجهات نظرهم، وكان بعد اللقاء يقف مستمعا لهم وخصوصاً في أي موضوعات خاصة، وكان يسأل البعض عن أحوالهم العائلية والمعيشية وكان يتبادل الضحك بروح فكاهية بروح الأب مع أبنائه لدرجة أن هؤلاء الشباب لا يجدون حرجا في حوارهم معه.
ويروي "رجب" جانبا من اهتمام "مبارك" بأحوال الشباب الأسرية، أنه في إحدى المرات وجدته يتحدث لأحد الشباب بصوت منخفض، فسألت الشاب: "كان فيه حاجة؟"، قال لي "أنا عندي مشكلة في البيت وأبويا مختلف مع أمي وهم على وشك الطلاق"، وطرحت الموضوع على الرئيس فوجدته يوجه كلامه لأحد معاونيه، وتدخل بالفعل لحل مشكلة هذا الشاب، بعد فترة علمت أنه تم حل هذا الخلاف، وعاد إليّ الشاب شاكراً ويطلب مني أنه يريد أن يقابل الرئيس ليشكره فأخبرته أنني سوف أنقل شكره له.
ويكمل "رجب"، أنه في أقرب مناسبة أتيحت لى نقلت إلى الرئيس شكر هذا الشاب، وأنه كان يرغب في الحضور لشكره فعلمت منه كل التفاصيل التي كانت لديه، وقال لى أبلغ هذا الشاب بأن يهتم برعاية والديه، وأن يحرص على تفوقه وبلغه سلامي.
وعن مدى حرص "مبارك" بمشكلات الشباب، يحكي "رجب"، أنه في أحد مشروعات التى كنا نقيمها للشباب بتملكهم أراضي زراعية فى منطقة النوبارية، كان حاضراً في لقاء ودي قبل اللقاء العام، وأنا ببلغه شكر الشباب على هذا المشروع الذي كان يتيح للشباب فرص تملك الأراضي الزراعية وزراعتها فأبلغته بعض شكاوى الشباب عند تسويق منتجاتها فوجه كلامه لأحد المسؤولين لحل هذه المشاكل وإبلاغهم بها.
ويضيف: "طلبت منه يومها أن نبدأ المشروع القومي لتنمية سيناء، وقلت إن كل الغزوات التي تعرضت لها مصر جاءت لها من هذه البوابة الشرقية، وأن الأمن القومي لا يتحقق إلا بالتنمية القومية بسيناء، وأن الخلل السكاني يستلزم توطين مليون مواطن ينقلون من الوادي إلى سيناء، حتى إنني قولت أننا بحاجة أن نزرعهم فى سيناء، فرد عليا يعني إيه نزرعهم؟ قولت يعنى يبقوا جزء من سيناء وليسوا ضيوفا عليها، لأنه سوف يستحيل على أي عدو أن يفكر فى ارتكاب جريمة اقتحام سيناء، وسوف يسهم هذا المشروع القومي في حل مشكلات عديدة منها البطالة ومواجهة الخلل السكاني ووصل البحر بالنهر وإنجاز تحديات التنمية المستدامة".
وعن مدى انزعاج "مبارك" من معارضة الشباب، يقول "رجب"، إنه في أحد لقاءاته فى معسكر قيادات الشباب من الفتيات وقفت فتاة بشجاعة تسأله قائلة "يا سيادة الرئيس أنا عايزة أسألك مش باعتبارك رئيس ولكن باعتبارك مواطن، هو كل رئيس عظيم طول ما هو قاعد على الكرسى، وبعد ما يسيب مكانه يبقى هو سبب كل المصائب، الرئيس جمال عبدالناصر هو قائد ثورة 23 يوليو وهو اللي بني السد العالى وبني المصانع وحرر الفلاح وبعد وفاته نسب إليه كل نقيصة وكأنه لم يفعل شيئاً، والرئيس السادات هو صاحب قرار الحرب والسلام وحرر الأرض وحطم استراتيجية جيش الاحتلال وأعاد فتح قناة السويس وبعد اغتياله أصبح هو الذى جر النكبات على مصر، إحنا جيل لا نعرف الحقيقة وهل صحيح أن هذه ثقافة مصرية كل جيل وكل زعيم ينسف كل ما قامت به الأجيال السابقة أو إزاحة إنجازات الأجيال أو الزعماء الذين سبقوه، يا سيادة الرئيس هذا الأسلوب يخلق حالة من التشكيك في المستقبل".
ويتابع أنني خشيت أن يكون الرئيس مبارك قد توتر من هذا السؤال فأخذت الميكروفون كي أخفف من أثر هذا السؤال فنظر إلي الرئيس بود، هى بتسالك أنت ولا بتسألني؟ فأعطيته الميكروفون، ورد مبتسماً "والله يا بنتي أنا اللي عايز أرد عليكي باعتباري مواطن زي زيك، وأنا والله يا بنتي لا كنت عايز أبقى نائب رئيس ولا رئيس وأنتم عارفين الظروف اللي تم فيها اختياري في المرتين، وعندما أبلغوني أن المكتب السياسي للحزب قرر اختياري للانتخاب لمنصب الرئيس أقسم لكم أن أكثر ما دار فى ذهني أنتم هتقولوا إيه عليا بعد ما أترك المنصب، اسمعي يا بنتي التاريخ سلسلة متصلة الحلقات كل منها يكمل الأخرى وزعماء مصر وطنيين لكنهم بشر يصيبون ويخطئون، الرئيس جمال عبدالناصر زعيم تاريخى وهو الذى حقق كل الإنجازات التى تحدثت عنها، والسادات هو صاحب قرار الحرب والسلام وهو زعيم سابق عصره ولا يجوز أن نقلل منهم وإنجازاتهم والتاريخ هو الذى يحكم والتاريخ لن يظلم أحدا والمثل عندنا اللى ملوش قديم ملوش جديد ويا ريت ربنا يوفقنا أن نضيف الإنجازات شعبنا تحققت بمعرفة هؤلاء الزعماء وهى ليست إنجازات الزعماء وحدهم بل هى إنجازات الشعوب حكاما ومحكومين".
ورحل الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، أمس الأول، عن عمر ناهز 91 عاماً، وشيع جثمانه في جنازة عسكرية، من مسجد المشير طنطاوي، قبل دفنه بمقابر العائلة بمنطقة مصر الجديدة، وإعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام في البلاد.
وقبل وفاته بنحو شهر أجرى "مبارك" عملية جراحية لاستئصال ورم من المعدة، في أحد المستشفيات العسكرية، خضع بعدها لأجهزة الرعاية المركزة.
وتدرج "مبارك" في المناصب العسكرية، إذ كان مديراً للكلية الجوية عام 1967 ثم رئيسا لأركان حرب القوات الجوية، ثم قائداً للقوات الجوية عام 1973، وبعدها بعامين اختاره الرئيس الراحل أنور السادات نائباً لرئيس الجمهورية، قبل أن يتولى رئاسة مصر عام 1981 خلفاً له، وحتى 11 فبراير 2011.