وارى جسدك تراب مصر الخالدة الباقية، كما تمنيت وذكرت فى خطابك الأخير.
رحمك الله يا سيادة الرئيس.. أوجعنا فراقك، كما أوجع العرب أجمع، وأخص بالذكر شعباً وفياً يدين لك بالعرفان والجميل لتحرير وطنه، كويتنا الحبيب.
وأنت الآن بين يد الخالق.. فقد انحلت عقدة لسانى، وبات باستطاعتى القول كما أريد، دون حساسية أو حسابات، خشية أن يعتقد البعض أنه تملق.
سيادة الرئيس
كان موضوع رسالتى أثناء دراستى الماجيستير.. هو تأمين بصمة صوتك باستخدام العلامة المائية. ورغم أن العديد من الأصدقاء طالبونى، بل ألحوا علىّ بعد المناقشة، بأن أرسلها لرئاسة الجمهورية، فإننى رفضت لذات السبب. وعندما قال لى أحد الممتحنين: لماذا اخترت صوت الرئيس مبارك للتطبيق عليه. هل تتملقه؟. كان ردى واضحاً وجلياً.. صوت ونبرة السيد الرئيس مبارك مميزان، وبالتالى يمكن للأذن ملاحظة أى تلاعب تم على الصوت دون الحاجة لوجود أجهزة أو معمل لتحليل بصمة الصوت. والأهم من هذا وذاك حبى المفرط لشخصك، فأنا كجيلى عشت فترة وعيى وإدراكى للحياة السياسية فى عهدك.. أشهد الله أنك وطنى لا محالة.. ابن بلد أصيل، من أبناء كفر مصيلحة.. امتلكت روح الفكاهة فى الإدارة، معلقاً أثناء مرورك علينا فى أحد المؤتمرات ونحن نخبرك بأن هذا المكان هو «سايبر إنترنت» فكان ردك ضاحكاً: «قهوة للإنترنت يعنى؟». وقبل كل هذا وذاك عسكرى من أبناء قواتنا المسلحة الباسلة التى دائماً وأبداً هى درع وسيف مصر البتار.
يعى القاصى والدانى.. أنك جنّبت مصر ويلات عدم الاستقرار نتيجة لمواقفك الحاسمة والصارمة، فكنت عسكرياً محنكاً وسياسياً بارعاً.. قدت دفة الوطن باقتدار.. أصبت.. وأخطأت.. فأنت بشر، لست معصوماً من الخطأ.. أوجدت مساحة من الحرية أرضت المعارضة الوطنية.. تحية واجبة للمعارض الوطنى الراحل الدكتور رفعت السعيد.
«أبوعلاء».. دعمت القضية الفلسطينية على مدار سنوات حكمك. كنت حكيماً للعرب.. ومن كان على دربك، «أبومتعب»، رحمه الله.. و«الصبّاح» أطال الله فى عمره.. والقائد الرئيس «السيسى»، الذى تولى إدارة دفة الوطن ليعبر بنا لبر الأمان.. بانياً مصر الحديثة.
نعم يا سادة. هذه مصر قاهرة الغزاة.. مصر ناصر.. السادات.. مبارك.. مروراً بالقاضى المحترم المستشار عدلى منصور، وصولاً إلى «السيسى».
نعم «أبوعلاء».. قلتها مدوية: «لا للفوضى». وكان وزير دفاعك -الجمل- كما تنعته القوى العظمى -المشير طنطاوى- أطال الله فى عمره وجزاه خيراً على أمانته فى العبور بمصر لبر الأمان واعياً مدركاً لما يحاك لكنانة الله فى أرضه.
«أبوعلاء».. قد تكون رحلت جسداً.. لكنك باقٍ تاريخاً مشرفاً، ورمزاً للعسكرية المصرية الشريفة الوطنية.
«أبوعلاء».. أختم سطورى بمقولة شيخنا الجليل الشعراوى، رحمه الله: «كنت قدرنا.. وكنا قدرك».. فأصبت حيناً.. وأخطأت حيناً.. لكن هذا هو حال البشر.
رحمك الله رحمة واسعة.. وأسكنك فسيح جناته.
وداعاً سيدى الرئيس.