توفى زوجها من47 سنة.. الأم المثالية بالقليوبية تروي لـ"الوطن" قصة كفاحها
ابنها الأكبر: لم أرى أبي وكانت الأب والأم لنا واتمنى منحها رحلة عمرة
لواحظ لبيب الام المثالية بالقليوبية
"لواحظ لبيب محمود سالم".. الأم المثالية الأولى على مستوى القليوبية، لعام 2020، المقيمة بمدينة بنها، عاشت قصة كفاح ومثابرة، على مدار 50 عاما، من أجل تربية ابنيها، خالد ضابط بالقوات المسلحة، وأشرف طبيب.
وتوفي والدهما المدرس في عام 1973، وكانا مازالا طفلين، الاول سنتين، والثاني 9 أشهر، ثمرة زواج لم يدم 9 سنوات، لتهب نفسها لهما، وترفض الزواج، وتنضم لطابور الموظفات في الدولة.
والتحقت بالعمل في جامعة الزقازيق، كانت أول الموظفات المنقولات لجامعة بنها، عقب افتتاحها في الثمانينيات من القرن الماضي، ورفضت الزواج من أجل أبنائها، حتى صارا في أعلى المراتب، وكانا من أوائل الثانوية العامة.
تقول الحاجة لواحظ، إنها من مواليد محافظة المنوفية عام 1943، وكان ترتيبها الأولى بين 4 أبناء لأب فاضل، يعمل معلما للأجيال، وحصلت على دبلوم المدارس الفنية من شبين الكوم، في عام 1960.
وفي عام 1964، تزوجت من حسن مصطفى موسى، كان يعمل مدرس بمحافظة كفر الشيخ، فانتقلت معه للإقامة هناك، وترقى إلى مدرس ثانوي، وإعارته إلى السودان، عام 1967، وانتقلوا للإقامة بقويسنا.
تضيف لواحظ، في عام 1968، رزقها الله بأول مولود وكان اسمه أحمد، ونظرا لسوء الظروف الصحية بالسودان، توفاه الله عن عمر عام واحد، وجرى دفنه بالسودان.
وخلال تلك الفترة، أصيب زوجها بمرض البلهارسيا، وتليف الكبد، فكان كثيرا ما يعالج بالمستشفيات في مصر، خلال إجازاتهم السنوية، أو بالسودان خلال تواجده للعمل هناك، ورزقهما الله بثاني أبنائهما خالد، مواليد عام 71، ثم الابن الثالث محمد أشرف، في عام 1972.
وتوضح لواحظ، عقب ذلك، بدأت رحلة المرض الشديد مع زوجها، وأصبح ينتقل من مستشفى إلى آخر، وهي معه بكامل طاقتها، لتخفف عنه آلام المرض العضال، الذي يتمكن منه رويدا رويدا، حتى لقى ربه في شهر رمضان عام 1973.
تروي لواحظ وقت وفاة زوجها أسودت الدنيا في عينيها، وأصيبت بصدمة، حيث تحولت فجأة لأرملة، في الـ30 من عمرها، ومعها ولدان، الأكبر سنتين و10 أشهر، والثاني 10 أشهر، ومعاش صغير لا يفي باحتياجات الأسرة البسيطة.
تقول لواحظ، هنا اتخذت القرار، بأن أربي هذين الولدين الصغيرين، وأن يكون هدفي الأسمى في هذه الدنيا، هو خلق رجلين عظيمين منهما، لأتحول بمثابة الأب والأم لهما، وقرت عدم الزواج مرة أخرى، مشيرة إلى أنها بحثت عن وظيفة لتعمل في جامعة الزقازيق، وتسافر يوميا من الزقازيق لقويسنا، محل إقامتها.
وفي الثمانينيات من القرن الماضي، فتحت جامعة بنها في محافظة القليوبية، وانتقلت للعمل ببنها، متحملة مصاعب ومشاق لا يتحملها إلا الرجال، ثم يلتحق أكبر الأبناء (خالد) بالمدرسة الابتدائية في قويسنا.
تضيف لواحظ، سعيا للاستقرار انتقلت بأسرتي إلى مدينة بنها، والتحق أبنائي بمدارس مدينة بنها، واستمررت في رحلة الكفاح بين السعي على الرزق في العمل بجامعة بنها، وبين تربية الولدين، ليحصلا على المراكز الأولى في الثانوية العامة، في عام 1988 و1990، على المراكز الاولى على مستوي القليوبية، ويلتحق الأكبر بكلية الفنية العسكرية، والثاني بكلية الطب، وبعد كفاح السنين، أصبح الاول عميد مهندس بالقوات المسلحة، والثاني مدير أكبر معمل تحاليل ببنها.
تروي لواحظ، أنها في عام 2003، أحيلت للمعاش، بعد مسيرة حافلة بقسم الدراسات العليا بكلية التربية بجامعة بنها، بعد أن تزوج أبنائها، وأصبح لها 6 أحفاد، مشيرة إلى أنها تبلغ من العمر الآن 77 سنة، وتعاني من أمراض الشيخوخة، ولكن نجاحها في تربية ابنائها ووصلهم لمراكز مرموقة هو العوض لها عن كل تعب شهدته في حياتها.
تقول لواحظ ان سعادتها كانت غامرة بمجرد إعلان اسمها ضمن أوائل الأمهات المثاليات على مستوى القليوبية والجمهورية، قائلة: "أنا تعبت كثير جدا"، مشيرة إلى أن ابنها خالد، هو صاحب فكرة التقدم للمسابقة، بعد أن جرى تكريمها منذ 3 سنوات، كأم مثالية في نقابة المهندسين، وقبلها في الجامعة، قائلة: "تكريم ربنا هو أهم تكريم، موجهة الشكر لله على ما وصلت له من كفاح، عبر بها وبأبنائها لبر الأمان، في ظروف حالكة".
ودعت لواحظ لمصر قائلة: "اللهم أرفع عن بلدنا البلاء والوباء، ونجي جميع بلاد المسلمين"، مؤكدة أن مصر قادرة على مواجهة كل الصعاب، فهي في حماية الله، وقال الله عنها في كتابه "أدخلوها آمنين".
قال خالد حسن الابن الأكبر للأم المثالية، أمي جزاها عنا خير، كافحت علينا طويلا، ونتمنى لها الخير في الدنيا والأخرة، مطالبا بتوفير فرصة عمرة لوالدته، مناشدا الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتلبية هذا الطلب لها قبل نهاية العمر، مشيرا إلى أن والدته، تبلغ من العمر 77 عاما، وتعاني من بعض أمراض الشيخوخة، التي تحد من حركتها.
وأضاف خالد، كانت بمثابة الأب والأم لنا، أنا وأخي لم نرى والدنا، وكانت لنا خير مثال للتربية والكفاح، ورفضت الزواج من أجلنا، ونحن سنظل أوفياء لها، حتى أخر العمر.