"حواء" اختفى زوجها في الخرطوم فلجأت إلى مصر: "فلوس المفوضية ما بتكفي"
«حواء» وأبناؤها بعد اللجوء لمصر
حواء صالح شابة توحى ملامحها بأنها لم تبلغ عقدها الرابع بعد، تقطن داخل إحدى البنايات المتواضعة بمنطقة عين شمس شرق القاهرة رفقة أبنائها السبعة الذين لم يتجاوز أكبرهم عامه الخامس عشر، مأساة «حواء» بدأت فى مسقط رأسها بمدينة دارفور منذ اندلاع الشرارة الأولى للثورة السودانية على نظام الرئيس عمر البشير فى التاسع عشر من ديسمبر عام 2018، حيث اختفى زوجها الذى كان يكبرها بثلاثين عاماً إلى الأبد، اختفى الرجل الستينى وترك «حواء» وأبناءها يواجهون وحدهم مصيراً مجهولاً: «زوجى من جنوب السودان وكان عسكرى فى الجيش بس بعد انفصال الجنوب تم فصله من الجيش من غير سبب واتنقلنا للعيش فى العاصمة الخرطوم عشان يبحث عن مصدر رزق لينا»، سنوات ظلت فيها حواء تصارع حياة الفقر من أجل البقاء وتوفير لقمة العيش قبل أن تصاب بأمراض عديدة جعلت جسدها النحيل ضعيفاً وغير قادر على العمل إلى جانب زوجها لتغطية احتياجات أطفالهم.
قسوة الحياة لم تتوقف عند هذا الحد، ولكن الملاحقات التى تعرّض لها زوج «حواء» من قبَل الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى اقتحام العصابات للمنزل وترويع الأطفال: «لما حصل كده قلنا خلاص مفيش لينا عيش تانى فى بلدنا وقررنا نمشى، بس زوجى اختفى قبل ما نسافر»، تأخذ «حواء» نفساً عميقاً محاولة تمالك نفسها إلا أن دموعها كانت أسرع: «حسيت الدنيا كلها صارت فوق راسى، مش عارفه أعمل شنو وكنا برضو بنتعرض لمضايقات وتهديدات لحد ما أخو زوجى طلع جوازات سفر ليا ولأولادى وناس جمعوا لى ثمن تذاكر الطيران ودخلنا مصر فى شهر يوليو اللى فات».
"باشتغل فى تنظيف البيوت رغم حالتى الصحية المتدهورة.. ومش عارفة أسد جوع أطفالى إزاى"
رحلة أخرى من الغربة والشقاء تعيشها أسرة «حواء» على حد قولها، فالسيدة الثلاثينية تحصل على بطاقة المساعدات الغذائية من المفوضية السامية لشئون اللاجئين بقيمة 600 جنيه، بالإضافة إلى مبلغ شهرى يصل إلى 1200 جنيه، لم يكن كافياً، حيث تعانى السيدة الثلاثينية من مشكلات صحية بالكلى بالإضافة إلى أمراض بالقلب وزيادة معدل ضرباته، حيث يكون سبباً فى فقدها الوعى لمرات عديدة خلال اليوم، لا تحصل «حواء» على خدمات صحية إطلاقاً رغم طرقها لأبواب المفوضية ومنظمة «كاريتاس» المعنية بشئون اللاجئين مرات عديدة من أجل الالتفات إلى مشكلتها ومساعدتها فى إيجاد حل لها: «فلوس المفوضية ما بتكفى لأن إيجار البيت بـ1500 جنيه، وكمان أولادى فى مدارس وبضطر أشتغل فى تنظيف البيوت رغم حالتى الصحية المتدهورة عشان أصرف عليهم».
وبعد مرات عديدة من التردد على «كاريتاس» قام العاملون بالمنظمة بتوجيه «حواء» إلى ضرورة الخضوع للفحص والتحاليل وتقديم نتائجها لهم ليتمكنوا من النظر إلى ملفها الصحى بعين الاعتبار: «المشكلة إن التحاليل غالية ومفيش معايا فلوس أعملها وشغلى فى البيوت بيدخلى 250 جنيه يومياً بيروحوا كلهم فى المواصلات أو مصاريف أولادى»، تضطر «حواء» إلى اقتراض بعض الأموال من صديقاتها: «فيه أيام مابيكونش معايا جنيه ومش بكون عارفه أسد جوع أطفالى ازاى».