الباحث في "مونتريال الكندية": مراكز أبحاث غربية تميل للإسلاميين لهدم الحداثة.. وهناك من يتحالفون معهم بأموال قطر وتركيا
"أردوغان" ليس مجنونا ولديه مشروع استعماري تركي يحلم بتحقيقه
سعيد شعيب، الباحث فى جامعة مونتريال الكندية
أكد سعيد شعيب، الباحث فى جامعة مونتريال الكندية، أن القول بوجود تمييز فى الغرب على أساس الدين أكاذيب يروج لها القوميون والإسلاميون والإخوان، منوهاً بأنهم لا يعتنقون غير الإنسانية، مشيراً إلى أن كندا لا تنفق دولاراً واحداً على أى دور للعبادة، وشعارها «من يريد أن يعبد الله فليعبده على حسابه الشخصى، وليس على حساب البلد». وقال «شعيب» فى حواره لـ«الوطن»، إن الأتراك يمولون فكرة الإسلام السياسى فى الغرب لنشر الدولة السنية المزعومة، وهناك أيضاً توغل إيرانى لنشر التشيع، وكلاهما يعزز الطائفية، فهذه الدول لديها مشروع استعمارى تعمل على تنفيذه، وليس إسلامياً ولا علاقة له بالدين. وأضاف أن الإخوان يعيشون فى الغرب على أموال الشرق الأوسط، وهناك قوى فى المنطقة يجب عليها التوقف عن التمويل وتقديم الدعم المالى والأيديولوجى للإسلاميين، لأنه ليس من المنطق أن نكون ضد مشروعهم فى بلداننا وندعمهم فى الغرب، وتابع أن هناك باحثين وأكاديميين فى مراكز الأبحاث فى الغرب يميلون ناحية الإسلاميين لأسباب كثيرة، منها عدم الحداثة.
وإلى نص الحوار:
فى البداية.. حدّثنا عن رحلتك من مصر إلى كندا؟
- قبل ثورة 25 يناير 2011 أجريت جراحة فى المخ، وبعد الثورة بأيام قليلة دخلت فى وعكة صحية، وكان الوضع فى مصر قد ساء، وكانت لدّى زيارة عمل إلى ألمانيا فى هذا التوقيت، فاستغللت الفرصة وخضعت هناك لبعض الفحوصات الطبية، وبعدها سافرت إلى كندا فى زيارة عمل أيضاً وساءت حالتى الصحية هناك، فنصحنى بعض الأصدقاء بإجراء اختبارات طبية، وهو ما قمت به، وتبين وجود ورم فى المخ، وكان من الصعب التحرّك مرة أخرى من كندا، وبالتالى خضعت للعلاج فى هذا البلد، بناءً على ورقة التأمين الصحى، التى نأخذها قبل السفر، وساعدتنى أيضاً بعض منظمات المجتمع الكندى لمدة 6 أشهر، وهى رحلة قاسية قطعتها وحدى طوال هذه المدة دون زوجتى، وتعذرت مغادرتى كندا فى ظل ظروفى الصحية التى كنت أمر بها، وبعدها التحقت بى زوجتى وأبنائى هناك بعد خطوات صعبة، وواجهتنا صعوبة أكبر وهى أننى دخلت البلد كزائر، وكنا نريد إقامة، وبالفعل تقدّمنا بطلب للإقامة الدائمة، وبمساعدة بعض الأصدقاء تمت الموافقة عليها من السلطات الكندية، لأنهم اعتبروا حالتى إنسانية، كما أن أى طفل على أرض كندا من حقه التعليم والعلاج.
وما دور زوجتك فى هذه الرحلة؟
- هى زوجة عظيمة بمعنى الكلمة، فقد ضحّت بكل شىء من أجلى، وتركت مصر وعملها كى تأتى إلى كندا، لتكون بجانبى فى هذه الفترة الصعبة من حياتى، ولولا وجودها معى وتضحياتها «كنت مُت»، لا أعرف وقتها ماذا سيكون مصيرى، فهى لم تتردّد لحظة، وغيرت حياتها كلها بعد أن قررت أن تأتى إلىّ لتعيش معى فى بلد آخر غير مصر، فلها الفضل بعد الله فى ما أنا عليه الآن، وعمرى ما أنسى مواقفها، فأنا أدين لها بحياتى.
خضعت للعلاج فى كندا، ماذا يختلف عن مصر؟
- نظام العلاج فى كندا بسيط، ويوجد مثله فى مصر (التأمين الصحى) الذى يحتاج إلى تفعيل، هو يقوم فى الأساس على أن كل المواطنين سواء فى العلاج، بمعنى أن المواطن العادى فى كندا مثل رئيس وزراء البلد، كما أن العلاقة بين الطبيب والمريض ليست «فلوس»، لأن الدولة هى التى تتكفل بالعلاج، والقطاع الخاص هو من يقدم الخدمة العلاجية تحت إشراف كامل من الدولة وفق قواعد صارمة، وعلى مصر أن يكون لديها إرادة فى تطبيق منظومة التأمين الصحى والبحث عن أوجه التمويل اللازم له، لأنه سيغير المنظومة العلاجية والصحية فى البلد.
سعيد شعيب: الغرب ينظر إلى مصر بتقدير لتصديها للإخوان لأنه يدرك خطورة "التنظيم"
هل هناك تمييز فى الغرب على أساس الدين؟
- تمييز الغرب أكاذيب يروج لها القوميون والإسلاميون والإخوان، ولا يجوز شيطنة الغرب، نحن لدينا خلافات ومصالح تتغير مع تغير حكام هذه الدول، لكن المجتمعات الغربية لا تعتنق غير الإنسانية، فكندا بلد كاثوليك وبها مسلمون ويهود وأقليات من ديانات أخرى، لكنها كدولة لا تنفق دولاراً واحداً على الكنائس ولا مساجد ولا أى دور للعبادة، وشعارها «من يريد أن يعبد الله فليعبده على حسابه الشخصى، وليس على حساب البلد»، ويتم بناء دور العبادة من خلال مؤسسات غير هادفة للربح تعتمد على أموال التبرعات من المواطنين، وفق ضوابط وقوانين، هى دولة لا تمييز فيها نهائياً بين المواطنين.
الخطاب الدينى يقف وراء شيطنة الغرب.. وعلى المؤسسات الدينية التوقف عن الترويج لأفكار الإخوان ووقف دعمهم أيديولوجياً
فى اعتقادك من يقف وراء فكرة شيطنة الغرب؟
- الخطاب الدينى هو الذى يقف وراء شيطنة الغرب، وهذه الفكرة يجب علينا أن نمحوها من قاموسنا العربى، لأن الموضوع فى الأساس بُنى على صراع بين إمبراطوريات استعمارية ليست الأديان طرفاً فيها، فالعثمانيون مسلمون واحتلوا مصر، والإنجليز مسيحيون واحتلوا مصر، وكلتا القوتين استعمرت البلد فى صراع على المصالح، ولا يجوز أن نتهم الإسلام والمسيحية بالاستعمار، لأن الله لم يأمرنا باحتلال الشعوب، فالفكرة لها أساس دينى خاطئ، والتعامل مع الدولة العثمانية على أنها دولة الإسلام غير حقيقى، لأن الإسلام ليس دولة وإنما ديانة، وعلينا أن ننظر إلى خريطة العالم والدول التى طبقت النظام الغربى الذى هو نتاج إنسانى مثل ألمانيا واليابان اللتين تم تدميرهما فى الحرب العالمية سنجدها تقدمت ونهضت دون أن يكون للدين أى عامل فى هذه التنمية ولكن بالعلم، فى المقابل هناك دول فشلت مثل الاتحاد السوفيتى الذى يعتنق الأيديولوجية الشيوعية.
الإخوان يعيشون فى الغرب على أموال الشرق الأوسط.. ويجب وقف وتجفيف كل مصادر تمويلهم
هل للنظام التركى دور فى تعزيز فكرة شيطنة الغرب؟
- بالطبع، الأتراك يمولون فكرة الإسلام السياسى فى الغرب لنشر الدولة السنية المزعومة، وعلى الجانب الآخر هناك توغل إيرانى لنشر الدولة الشيعية المزعومة، وكلتاهما تعزز الطائفية، فهذه الدول لديها مشروع استعمارى تعمل على تنفيذه، وليس إسلامياً ولا علاقة له بالدين، وللأسف الإسلاميون والإخوان يعيشون فى الغرب على أموال الشرق الأوسط، وهناك قوى فى المنطقة يجب عليها التوقف عن التمويل والدعم المالى والأيديولوجى للإسلاميين، لأنه ليس من المنطق أن نكون ضد مشروعهم فى بلداننا وندعمهم فى الغرب، لأننا أول من سيتضرر من هؤلاء الذين يلعبون دوراً خطيراً فى تدمير بلادهم الأصلية.
الإسلاميون نتاج ثقافة دينية تقليدية
كيف يضر الإخوان فى الغرب بلدهم الأصلى؟
- فى كندا منذ عامين تم وضع مصر ضمن قائمة الدول غير الآمنة مثل سوريا والعراق واليمن، الذى لعب الدور الكبير فى إدراجها ضمن هذه القائمة هم الإخوان الموجودون فى الحزب الحاكم وقتها، والذين توغلوا فى مواقع صنع القرار داخل الدولة الكندية، هؤلاء الإسلاميون لا يضرون من يحكمون فى بلدانهم، لكن يضرون الدولة نفسها ويستهدفون تفكيكها بضرب المؤسسات والتأثير على النشاط السياحى والأمنى والاقتصادى والسياسى داخل البلد، وللأسف هناك دول ضد مشروع الإسلام السياسى بالشرق الأوسط وتمول الإسلاميين فى الغرب عن غير قصد، على اعتقاد منها أنها تدعم الإسلام، والحقيقة أنها تضر بلدها والإسلام أكثر من الغرب.
"هتلر" استخدمهم فى الحرب ضد الاتحاد السوفيتى وأنشأ كتيبة "إسلامية مسلحة"
هل الغرب ليس لديه وعى بخطورة الإخوان؟
- هناك فكرة علينا أن نتخلى عنها فى الشرق الأوسط، وهى أن الذى صنع الإخوان والإرهابيين هم الغرب، لأن هذا غير حقيقى، فهؤلاء هم نتاج الثقافة التقليدية الإسلامية، ولديهم أساس دينى وتاريخى يستندون إليه، فالغرب لم يخترعهم، لكنه استخدمهم فقط، ففى فترات مختلفة استخدم «هتلر» الإسلاميين وأنشأ كتيبة مسلحة فى الحرب العالمية من مسلمى تركستان المهاجرين إلى ألمانيا ضد الاتحاد السوفيتى، كما تعاون أيضاً مع أمين الحسينى الإخوانى.
الإسلام السياسى يحكم الشرق الأوسط منذ 1400 سنة.. وعلينا إدراك أهمية الدولة والإيمان بها
لماذا الغرب لم يأخذ موقفاً من الإسلاميين الذين يتوغلون داخله؟
- النظام الغربى مختلف، فهو يؤمن بالحريات بشكل مبالغ فيه، ومن خلال إتاحة الحريات بهذا الشكل فى المجتمع الغربى، يتسرب الإخوان والإسلاميون ويمارسون أنشطتهم، كما أن الغرب لديه حساسية مفرطة تجاه الأقليات بسبب الجرائم التى تمت ممارستها ضدهم خلال الفترة الاستعمارية التى أبادت شعوباً بالكامل، لذلك فهم لا يقتربون من الإسلاميين على اعتقاد منهم أنهم مسلمون متدينون، ويعتبرون أن الدين أمر شخصى.
وماذا عن القوة الناعمة فى مواجهة الإسلاميين فى الغرب؟
- هناك قوة ناعمة ضد الإخوان والإسلاميين، يؤمنون أشد الإيمان بأن مشروع هؤلاء هو تدمير المجتمعات الغربية، وهناك من يفرغ وقته وحياته فى الغرب لمواجهة هذا المشروع، ولكنهم يواجهون التهميش من قِبل الحكومات الغربية، على الرغم من أن هناك وثيقة اكتشفها البوليس الفيدرالى الأمريكى تهدف إلى تدمير الحضارة الغربية من داخلها.
الدين أمر شخصى وعندما يتحول إلى سلطة يصبح أداة قتل وقمع.. وعلينا المعارضة أو الاتفاق فى إطار الدولة
كيف ترى مدى استفادة الشرق الأوسط من القوة الناعمة بالغرب؟
- على الرغم من أننا نقف على مسافة واحدة، وهو رفض مشروع الإسلاميين، إلا أن الشرق الأوسط لم يستفد من هؤلاء حتى الآن، ويمكن مد جسور التواصل مع هذه القوة ونبنى معهم علاقات وندعوهم للمشاركة فى الإعلام، لأننا من المستحيل أن نهزم الإخوان فى الداخل فقط لأنهم يملكون الأموال والتمويلات التى تأتى لهم من الشرق الأوسط نفسه، ويسعون لتدمير الدول وليس الحكومات، والتعاون مع القوة الناعمة الغربية خطوة فى طريق هزيمتهم بالخارج.
مراكز الأبحاث فى الغرب مصانع لإنتاج الأفكار وتمد السياسيين بمشروعات ومعلومات
كيف يُنظر لمصر فى الغرب؟
- الغرب ينظر لمصر بكل تقدير، وهناك إدراك وامتنان لها من نخب كثيرة فى كندا وواشنطن، ويرون أن الجيش المصرى تصدى للإخوان وحافظ على الدولة، لأنهم يدركون خطورة التنظيم، كما أن هناك قطاعات عريضة داخل المجتمعات الغربية، منهم أكاديميون وسياسيون واقتصاديون كانوا يدركون أن استمرار الإخوان فى حكم مصر كارثة على الغرب لأنهم لديهم اقتناع تام أن المشروع الإخوانى هو هدم الدول.
كندا وضعت مصر منذ عامين ضمن الدول "غير الآمنة" مثل سوريا والعراق واليمن بسبب تأثير الإخوان
ولماذا لا يتناول الإعلام الغربى أى دور ضد المشروع الإخوانى؟
- الإعلام الغربى يدافع عن مصالح بلده، وموضوع اهتمامه بحقوق الإنسان يأتى فى إطار أن هذا الملف هو جزء من بنية المجتمعات، وليس مجرد مناورة سياسية ممن يحكمون، وقد تُستخدم سياسياً، ولكن الأصل هى جزء من بنية المجتمع، ولا يمكن أن يستطيع مسئول فى الغرب أن يمس حقوق الإنسان، وهناك نماذج، فقد تم الإطاحة بمرشحين فى الانتخابات الفيدرالية الكندية لأنهم قالوا كلاماً يُفهم منه مع التأويل السيئ أنه ضد المسلمين، ووفق ميثاق حقوق الإنسان فى كندا ممنوع مهاجمة أقلية أو دين، كما تم إجبار أشهر مذيعى لعبة الهوكى الشهيرة هناك لمهاجمة المهاجرين، والدولة تدفع أموال تكلفة تعليم اللغة العربية، لكنها لا تسمح بتدريس أى دين فى المدارس والجامعات، وهناك منهج آخر يشمل القيم السامية فى كل الأديان يتم تدريسه.
هل أضر الإسلاميون بالمصالح المصرية فى الغرب؟
- نعم، الإسلاميون والإخوان والقوميون أفسدوا مصالح الدولة المصرية مع الغرب بأفكارهم بهدف تنفيذ مشروعهم القائم على فكرة القومية والدولة الإسلامية التى يحلمون بها، والنجاح عموماً لا علاقة له بالدين، والدليل أن الغرب حقق نجاحاً كبيراً فى كل المجالات، ومن سار وفق النظام الغربى نجح أيضاً، ونحن تأخرنا كثيراً نتيجة انشغالنا بأفكار القوميين والإسلاميين.
وهل الغرب تيقن من حقيقة الإسلاميين؟
- الغرب لم يكن يعرف حقيقة الإسلاميين، ولكن مؤخراً بعد ظهور الوجه القبيح لتركيا والإخوان والإسلاميين فى الشرق الأوسط والمشروع الاستعمارى لمن يحكمون إيران، بدأ يحدث درجة من الانتباه ليس باعتبار أن الإسلام عدو، ولكن فى إطار الحرص على الدفاع عن مصالح بلدانهم.
الأتراك احتلوا أوروبا تحت راية "الإسلام".. وعلى المسلمين أن يوضحوا للأوروبيين أن من احتلهم الأتراك وليس المسلمين
ما الدور الذى لعبه الأتراك فى تشويه النظرة للإسلام؟
- الأتراك لعبوا دوراً كبيراً فى هذه النظرة، باحتلالهم أوروبا تحت راية الإسلام، وهذا الاحتلال ينسبه قطاعات كبيرة فى المجتمعات الغربية إلى الإسلام، وعلينا توضيح أنه لا علاقة له بالدين، وأن الذين احتلوا أرضهم الأتراك وليس الإسلام.
وكيف نصحح هذه الأفكار عن الإسلام فى الغرب؟
- حان الوقت للمؤسسات الدينية وغير الدينية أن تتوقف عن الدعم الأيديولوجى للإسلاميين والإخوان فى الغرب، لأنهم ينشرون الأيديولوجية نفسها، ويتبنون نفس الفكر والخطاب بما يعطى الإسلاميين قوة وتساعد على التمدد فى مشروعهم الهدام للمجتمعات، وعلينا التوقف عن نشر أكاذيب الإسلاميين عن الغرب فى الشرق الأوسط، لأن هناك قطاعاً يعيد نفس الأفكار، وهذا يهدمنا أولاً قبل الغرب، كما أنه إهدار للقوة الناعمة فى الشرق الأوسط ضد الإسلاميين ويجب دعمهم بكل قوة فى مواجهة الأفكار الإخوانية.
هل الغرب يقف وراء صنع الفتنة الطائفية فى الشرق الأوسط؟
- من الأوهام المنتشرة عن الغرب أنه يصنع الفتنة الطائفية فى الشرق الأوسط، ولكن من يصنعها هم الإسلاميون والقوميون، الغرب لا يشغلهم دينك أساساً، هؤلاء مشغولون بمصالحهم.
القومية العربية تتشابه مع المشروع الإسلامى فى "عدم الإيمان بالدولة": الإسلامى يريد دولة الخلافة.. والقومى العربى يريد دولة الوحدة
ما أوجه التشابه بين القوميين والإسلاميين؟
- القوميون هم أصحاب فكرة القومية العربية التى تتشابه مع فكرة المشروع الإسلامى فكلاهما لا يؤمن بالدولة القطرية، الإخوانى يريد دولة الخلافة، والناصرى يريد الدولة العربية، من آثار ثورة يناير السلبية هى محاولات هؤلاء تفكيك الدولة المصرية وبعضهم أدرك خطورة ذلك وتراجع، ونتمنى أن يتخلى أصحاب هذه الأفكار عنها، لأن الإيمان بالقومية العربية يعتبر ضد الدولة، مثل الإيمان بالخلافة، والأوروبيون مثلاً لديهم الاتحاد الأوروبى قائم على المصالح الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وليس على أساس قومى أو دينى، ومن لا تتفق مصالحه مع الاتحاد يخرج منه مثل ما فعلت بريطانيا ولن يخونها أحد، ونحن لدينا جامعة الدول العربية، لكنها قامت على فكرة القومية ففشلت، وإذا اختلفت مع هذه الفكرة ستكون خائناً للعروبة من وجهة نظر من يؤمن بالفكرة، وأيضاً عندما تكون ضد الخلافة الإسلامية ستكون خائناً للدين من وجهة نظر الإسلاميين.
كيف ترى الطموح التركى فى إعادة الخلافة الإسلامية؟
- «أردوغان» ليس مجنوناً، كما يصفه البعض، وهو لديه مشروع استعمارى تركى لإحياء الإمبراطورية العثمانية ومؤمن به أشد الإيمان ويحلم بتحقيقه من خلال التدخل العسكرى فى دول الجوار، ويعتبره جزءاً من الدين لذلك يدافع عنه، وله مؤيدون وهم الإسلاميون الذين يعتبرون كل ما هو ضد مشروعهم كافراً على اعتبار أنه ضد الدولة الإسلامية، والإسلام لا علاقة له بذلك، فهو دين وليس دولة.
كيف ترى مشروع الإسلام السياسى فى المنطقة؟
- الإسلام السياسى يحكم الشرق الأوسط منذ 1400 سنة وعلينا التخلى عن هذه الفكرة، لأن الدين علاقة فردية مع ربنا ولو تم تحويله إلى سلطة سيتحول بالضرورة إلى أداة قمع وقتل، فهو علاقة اختيارية مع الله وليس إجباراً على أحد، كما يجب على الناصريين إعادة النظر فى فكرة القومية العربية، لأن هاتين الفكرتين دمرتا الشرق الأوسط، وعلينا إدراك أهمية الدولة والإيمان بها، ونعارض ونتفق ضمن إطارها الداخلى إذا أردنا التنمية والتقدم مثل النموذج الغربى، وليس نعارض خارجها من أجل مشروع آخر، مثل أوهام الخلافة الإسلامية.
لماذا تنحاز مراكز الأبحاث الغربية للإسلاميين فى بلادها؟
- مراكز الأبحاث فى الغرب هى مصانع لإنتاج الأفكار، ودائماً ما يمد السياسى الغربى للاختيار منها كوادر فى مناصب قيادية رفيعة المستوى، فالرئيس الأمريكى دونالد ترامب كان مستشاره السابق للأمن القومى هو رئيس معهد جيتستون الأمريكى، وكندا ودول غربية عديدة تميل إلى نفس المنهج، ولكن فكرة أن أكاديميين وباحثين يميلون ناحية الإسلاميين تأتى لأسباب منها مثلاً اليسار الغربى يريد الوصول لفكرة المساواة بين المواطنين ولا يؤمن بوجود خصوصية للمجتمعات ولا ثقافة ولا هوية معينة، ويريد أن يتقدم بفكرة الحداثة (العلمانية) إلى أبعد ما هى عليه فى مجتمعه، والإسلاميون ضد فكرة الحداثة ويريدون هدمها، فحدث التوافق بينهم على هدم الحداثة، الأول يريد الهدم للتطوير، والثانى يريد الهدم لتنفيذ مشروعه الدينى، وهناك آخرون يتحالفون مع الإخوان مقابل الأموال التى تدفعها لهم قطر وتركيا، ويشكلون «لوبى ضغط» على بلدانهم الأصلية لتحقيق مصالح معينة.