خبير علاقات دولية: الأزمة كشفت هشاشة النظام العالمي.. والدول المتقدمة تخلت عن العالم الثالث
د. طارق البرديسي: الدول النامية تعاني نقص إمكانيات المواجهة
الدكتور طارق البرديسى
أوقع فيروس كورونا وطرق التعامل معه دولاً كبرى فى أزمات عميقة لم تكن تدرك حجم الصعوبات التى قد تواجهها وتعجز عن حلها رغم جاهزيتها طبياً تجاه مثل هذه الأزمات، فكان السؤال عن مصير الدول النامية أو «دول العالم الثالث» هو الأصعب فى ظل نقص الإمكانيات التى أكد الدكتور طارق البرديسى، الخبير فى العلاقات الدولية، أنها أزمة صعبة تنتظر هذه الدول حال تفشى الفيروس فيها بصورة يصعب معها السيطرة على الموقف. وأضاف فى حوار لـ«الوطن»، أنه فى مثل هذه الحالات كان من المفترض أن تمد الدول المتقدمة الدول النامية بالمساعدات والإمكانيات، إلا أن الدول المتقدمة نفسها وقعت فى أزمة كبيرة، وإلى نص الحوار.
كيف ترى تأثير الأزمة على المستوى الداخلى للدول النامية؟
- على المستوى الداخلى، من المفترض أن تكون هناك قدرة فى توفير عدد الأسرّة وأجهزة التنفس الصناعى لمواجهة انتشار الفيروس، ولكن قبل ذلك من المفترض أن يكون هناك وعى، وأتصور أن هذه الأمور متراجعة فى الدول النامية أكثر من دول العالم المتقدم أو العالم الأول، فبالمقارنة بين التصريحات وكيفية المواجهة فى بعض الدول المتقدمة التى لم تكن على المستوى المطلوب، فهذا يُنبئ بمدى تردى الوضع وسلبية الصورة فى دول العالم الثالث لأن إمكانياته أقل بكثير من العالم الأول. وبالطبع السلاح الفعال والمعروف هو البقاء فى المنازل لكل العالم، سواء دول عالم أول أو ثانى أو ثالث، فإن الاحتياطات واحدة، ولكن فى النهاية أتصور أن قدرة الدولة والبحث العلمى فيها ووعى شعبها والمنظومة الصحية، هى العوامل التى ستحدد كيفية مواجهة هذا الوباء.
وماذا بشأن العلاقات الدولية وتأثرها بانتشار هذا الفيروس؟
- بالنسبة للعلاقات الدولية، فمن المفترض أن الأقوى كان يمد الأضعف بالمعونات والمساعدات ولكن حالياً نرى أن كل واحد ينكب على الظروف الداخلية والوضع الداخلى لأن الجائحة والوباء كبير والكل يتخوف منه. الأزمة الحالية كشفت النظام العالمى، إنه ضعيف وهش.
وماذا عن عالم «ما بعد كورونا»؟
- أتصور أن عالم ما بعد كورونا يختلف عن عالم ما قبل كورونا، أتصور أنه سيكون هناك عالم جديد فيه تتبلور أشكاله وقواه، ورأينا الاتحاد الأوروبى الذى لم يستطع تقديم المساعدة لدولة مثل إيطاليا مع أن الصين قدمت المساعدة لها، فكورونا ستعرض الاتحاد الأوروبى إلى التشظى والانفتات والتفكك، فما الفائدة من الاتحاد الأوروبى الآن؟! فكان من المفترض أن تظهر أهميته فى وضع مثل هذا. وأيضاً اتضح أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن الاعتماد عليها، فكان من المفترض أن تقدم المساعدة للاتحاد الأوروبى ولكن هى نفسها وقعت فى مشكلة، فكل هذه الشواهد تُنبئ بأن هناك عالماً جديداً سيتشكل ويتبلور ما بعد كورونا.
وما ملامح هذا العالم الجديد؟
- ملامحه اتحاد أوروبى ضعيف، وأن أمريكا لا يمكن الاعتماد عليها، ونحن نعول عليها ونعتمد عليها كقوى عظمى وسيدة العالم، وفى الوقت نفسه الصين ظهرت كدولة قوية استطاعت أن تؤمّن نفسها بإجراءاتها الصارمة، وأنه من الممكن الاعتماد عليها حيث نجحت فى تقديم يد العون إلى إيطاليا رغم أن إيطاليا بعيدة عنها، فكان الأولى أن المساعدات تُقدم من الولايات المتحدة الأمريكية، أو بريطانيا أو بقية دول الاتحاد الأوروبى، فهذه ملامح العالم التى تتشكل.
قديماً كانت الدول الكبيرة محور الأحداث وهى التى كانت تقود الأزمات كالحروب العالمية.. الآن الدول الكبيرة هى التى أصيبت.. هل تتوقع أن يكون للدول النامية هذه المرة دور؟
- من المبكر الحديث عن ذلك، لأنه لم تتضح بعد خريطة التداعيات والسلبيات وآثار الأزمة، لأنه فى البداية انفجرت الأزمة فى الصين ولكنها استطاعت أن تُسيطر، والولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن الوثوق فيها وفى حديثها لأن هناك تساؤلات عن «من أوجد هذا الفيروس؟ وما المقصود به؟»، فمن المبكر جداً الحكم على ذلك، وحتى الآن لم تتحدد بعد أكثر الدول المتضررة، فلا يظهر أمامنا إلا إيطاليا وبعض الدول، إلا أن الصورة النهائية لم تتضح بعد حتى نعلم ملامح العالم الجديد وشكله، ومَن الأضعف، فهل العالم الثالث فى تأثره ومشكلاته والتداعيات عليه سيكون مثل العالم الأول؟ أم أنها ستكون أكثر بكثير، ما زال الحكم سابقاً لأوانه على هذه النتائج.