بعيداً عن توتر أخبار كورونا.. تعالوا نعرض بعضاً من التاريخ الخاص.. الذى يحمل أكثر من دلالة.
فى تراث الشارع فى مصر كثير من قصص المبروكين.. والمجاذيب الذين تناقل لهم الشارع من أيام الفاطميين للآن.. كلاماً كثيراً وقصصاً أكثر.
لا تعرف الفرق فى تلك القصص بين الخيال.. وبين الكلام الفارغ.. لكن الذى حدث أن ربط الشارع بين المبروكين وبين قدراتهم على المعجزات.. بإيمان شديد فى قدرات بعضهم على المشى على الماء.. أو الوجود فى أكثر من مكان.. فى نفس الوقت.. لذلك سموهم أصحاب الخطوة!
الخلافة الفاطمية هى السبب فى تلك الأفكار وتلك الخيالات.. لكن المصريين صدقوا.. واعتقدوا.. فتحول «المبروكين» إلى شيوخ منسر فى التكايا.. يأكلون ويشربون.. ويشيعون الخرافة.
أشهر المبروكين سيدنا عبدالقادر الدشطوطى وإبراهيم المتبول.. بعدهما يأتى الشيخ عصام.. والشيخ عباطة.
الحقيقة أنه لا الشيخ عصام كان شيخاً.. ولا عباطة كان يعرف ربنا من الأساس.. لأنه كان مخبولاً.. معتوهاً.. وُلد هكذا.
لكن تقول إيه؟
أكثر أضرحة القاهرة والشرقية والبحيرة ودمياط وكفر الشيخ «مزيفة». فلا الرفات لأصحاب كرامات، ولا المدفون تحت القباب كان من أصحاب الخطوة.
لكن رغم ذلك، لم يستطع أحد -للآن- منع عشرات المرضى.. ولا منع الحالمات بالحمل بعد الزواج من إلقاء ألوف الخطابات فى مقام سيدى حسن الذوق عند باب النصر يومياً.. بقائمة طلبات.
حسن الذوق لم يكن ولياً هو الآخر.. ولا شهد له أحد فى حياته كرامات.
حسن الذوق مغربى تقدمت به السن فى القاهرة، ولما حاول أولاده إجباره على العودة لبلاده.. مات عند باب النصر.. ودُفن هناك.
قال المصريون: «الذوق ما خرجش من مصر»، قبل أن يبنوا له مقاماً، وبالزمن تحول الذوق إلى شيخ.. وولى.. وحبيب الله.
وفى دمياط أقاموا للشيخ عصام مقاماً وموالد.. ثم صنعوا له قصصاً ومعجزات.
لكن الشيخ عصام كان مجذوباً هو الآخر.. ولد عام 1901 ومات فى التاسعة من عمره.
أما صاحب ضريح البحيرة الشهير بالشيخ ياسر، فولد عام 1972، بجسم نحيف وعقل خفيف.. ولما مات بنوا له مقاماً تباركوا به.. بلا سبب، ودون أن يعرف أحد لماذا.
وفى حى السيدة عائشة فى القاهرة مقام سيدى عباطة الذى لا يعرف له المؤرخون صاحباً حقيقياً.
أيام الحملة الفرنسية، استغرب جنود نابليون من المجذوب الذى كان يطوف شوارع القاهرة عارياً، ولما يقف تتهافت النساء على تقبيل يده ووجنتيه.
اعتقد أهل القاهرة فى قدرة المجذوب العارى على إحياء الحيوانات الميتة.. إذ يقال إنه أحيا حماراً فى حى الدرب الأحمر!
لماذا الفاطميون هم السبب فى تلك المأساة التراثية؟
لأنهم الذين صرفوا على المجاذيب واعتقدوا فيهم.. وهم الذين ورّثوا للمماليك فكرة بركة «المجاذيب».. وكرامات خفاف العقول.