دون مقدمات كثيرة، تراجعت الحكومة الإثيوبية عن موقفها المتعنت حول سد النهضة..
كان العالم يترقب تفشى فيروس كورونا.. ومع انسحاب إثيوبيا من جلسة المفاوضات النهائية بواشنطن «فبراير الماضى» وجدنا تصريحات ضمن حملة إعلامية عنيفة من وزير الخارجية ورئيس الوزراء الإثيوبيين يتوعدان كل الأطراف بالعنف وعواقب الأمور إذا ما حاول أحد منع ملء سد النهضة المعروف بسد العطش فى نهاية مايو القادم دون أية التزامات قانونية أو أخلاقية تجاه مصر والسودان.
وفجأة، تبخر كل ذلك، ووجدنا فى الأسبوع الثانى من مارس لغة أخرى تماماً.. فها هو آبى أحمد، رئيس الوزراء، يعترف بأخطاء هيكلية بنائية تفرض العمل على صيانة جسد السد وتحد من قدرته على استيعاب كميات المياه الضخمة التى ينوى حبسها خلفه من النيل الأزرق، ثم وجدنا حواراً تليفزيونياً لـ«الجزيرة» تناقلته بتكرار قنوات فضائية غربية من وزير الرى الإثيوبى يؤكد فيه أن ملء السد سيقف عند 54 متراً ولن يتم تشغيل كامل توربينات توليد الكهرباء مع تأكيده على استحياء أن هذا لأسباب فنية!!
وعلى الرغم من أن التغير فى الموقف الإثيوبى لم يجد أية أصداء دولية أو عربية وبخاصة لدى مصر، فإن المضمون كان صارخاً، حيث اعترفت إثيوبيا بفشلها أمام العالم ليس فى بناء السد فقط، ولكن فى إدارة علاقاتها الدبلوماسية بكل دول العالم.. وبدت حكومة إثيوبيا مثل الطفل العنيد الذى يملأ الدنيا صراخاً وعندما يهمله الآخرون يعود وهو يجر أذيال الهزيمة والفشل ليعترف بخطئه ولا يهتم أحد أيضاً به.
تعرف حكومة إثيوبيا والجميع أن السد تعرض لنهب مخصصاته بأيادٍ إثيوبية ومنهم حكوميون، كما تعرض لعمليات نصب واحتيال من قبل الشركات المخططة والمنفذة.. وتعرف أن السد لم يخضع لتجارب عملية حول مستويات الخطر التى يتعرض لها ومخاطر تشققه وزلازل المنطقة التى فيها.. فلماذا كان العناد والصلف والتصريحات المتدنية الجارحة؟
وانعكس التراجع الإثيوبى على موقف الحكومة السودانية التى اكتشفت أنها أخطأت فى مواقفها المنحازة لإثيوبيا والمرفوضة من شعبها السودانى الشقيق.. ورأينا تراجعاً إيجابياً فى موقف الحكومة السودانية لصالح الحفاظ على حقوق شعب دولتى المصب للنيل مصر والسودان.
ندعو الله بالخير والحرية للنيل حتى لا يحبسه أحد أبداً.. والله غالب.